بحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في الرياض مساء أمس مجمل الأحداث على الساحة الإقليمية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام المتعثرة في المنطقة والجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل يضمن للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. كما تناولت المباحثات مستجدات الأحداث على الساحة الدولية وموقف البلدين منها، إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة بلوغاً إلى اتفاق استراتيجي بين البلدين.
وشملت المباحثات كذلك الاتفاقية التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا. وعبر الجانبان عن أملهما في أن يتم إنهاء إجراءات الاتفاقية قريباً، إضافة إلى استعراض ما وصل إليه الحوار الاستراتيجي بين دول المجلس وتركيا.
وحضر الجلسة من الجانب السعودي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ومستشار خادم الحرمين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الإله بن عبدالعزيز، ونائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى وزير التجارة والصناعة بالنيابة الدكتور سعود بن سعيد المتحمي الوزير المرافق، وسفير خادم الحرمين لدى تركيا الدكتور محمد بن رجا الحسيني.
كما حضرها من الجانب التركي وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، ووزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية ظفر تشاغلايان، ووزير المالية محمد شيمشيك، ووزير الطاقة تانر يلدز، ونائب رئيس حزب العدالة في البرلمان سعاد قليج، ورئيس الصداقة البرلمانية السعودية محمد جيلان، ورئيس مجموعة في البرلمان رستم زيدان، وسفير تركيا لدى المملكة أحمد مختار غون.
وبينت مصادر دبلوماسية تركية أن المباحثات أظهرت توافق وجهات النظر حول الحلول الواجب اتخاذها لمعالجة الوضع الفلسطيني على المديين القريب والبعيد، واهتمام الجانب التركي بدفع عجلة المفاوضات الفلسطينية ـ الفلسطينية من خلال الورقة المصرية للوصول إلى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بجبهة فلسطينية موحدة قادرة على الوفاء بالتزاماتها أمام المجتمع الدولي، لوضع الحكومة الإسرئيلية أمام امتحان السلام دون ترك فرصة للتلاعب بحجج الانقسام الفلسطيني. كما اشتملت المباحثات على ملفات الاستقرار العراقي، والوضع الإيراني، فيما أكد الجانب التركي حق السعودية في الدفاع عن حدودها وترابها الوطني ضد أي اعتداء، في إطار تناول قضية المتسللين. وكان خادم الحرمين قد أقام مأدبة عشاء تكريما لإردوغان والوفد المرافق له، عقب استقباله الضيف التركي في قصره بالرياض أمس، وتقدم مستقبليه
وكان إردوغان هاجم إسرائيل في وقت سابق أمس على هامش زيارته للغرفة التجارية الصناعية في الرياض، وقال quot;نحن عندما يموت إنسان نرى كل الإنسانية تموت، نحن ننتمي لهذه الحضارة، لذلك لا يمكننا أن نقبل قتل الأطفال والنساء، لا نقبل ذلك ولا نستطيع قبول عالم بهذا الشكل، وقتل الشيوخ والناس العزل لا نستطيع قبوله أو تبني ذلك مهما كانت الأسباب، يجب أن نقف في وجه هذه الاعتداءات وأن ندافع عن الأطفال من هجمات القنابل الفسفوريةquot;.
فما كان من جمهوره السعودي المتواجد في الغرفة إلا أن يصفق بحماسة ويتسابق الجميع لمصافحته وإطلاق أصوات التأييد له تشجيعا للعودة التركية إلى عالمها العربي والإسلامي.
وأكد إردوغان أن اهتمام الحكومة التركية بقضية الشعب الفلسطيني وغزة لا يعود لجانب سياسي بل لجانب إنساني، مضيفا أن الحكومة التركية تسعى إلى إحياء عملية السلام للوصول إلى سلام إقليمي واستقرار لشعوب المنطقة. وعبر إردوغان عن شكره للسعودية على اختيارها له لجائزة الملك فيصل العالمية، وقال quot;باسم بلادي وشعبي أشكر السعودية على جائزة الملك فيصلquot;، معبرا عن إعجابه الشديد بشخصية الملك فيصل بن عبد العزيز.
من جهة أخرى وعد إردوغان المستثمرين السعوديين بتسهيلات كبرى حال تكثيف استثماراتهم في دولة تركيا خلال الفترة المقبلة، في إطار السعي إلى تنمية العلاقات التجارية بين البلدين لتصل إلى مستويات 20 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وأكد في لقائه مع رجال الأعمال في الغرفة التجارية في الرياض أمس، أن المستثمرين الدوليين يمكنهم الاستثمار في تركيا برحابة صدر، ودعا إردوغان المستثمرين السعوديين إلى زيادة استثماراتهم في تركيا خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن تركيا تعد بوابة أوروبا من حيث الموقع الجغرافي والإقليمي.
وأشار إردوغان إلى أن أهم المجالات التي يمكن للسعوديين الاستثمار فيها ترتكز في قطاعات عدة منها: قطاع الاتصالات، وقطاع الصناعة، وقطاع الصحة، وقطاع الطاقة، وقطاع السياحة، والقطاع الزراعي، وغيرها من القطاعات المختلفة.
وأكد إردوغان أن خطوة تركيا بإلغاء تأشيرة الدخول على رجال الأعمال السعوديين لا يتجاوز محور التقدير والاحترام للمملكة ورجال أعمالها، مبينا أن تركيا طبقت الخطوة ذاتها على العديد من الدول التجارية والصناعية الكبرى حول العالم.
من جانبه أكد رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية في الرياض عبد الرحمن الجريسي على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية التركية مع المملكة، وتدعيم أطر الشراكة الاستراتيجية القوية بين القطاع الخاص في البلدين ، مضيفا أن quot;الاقتصاد هو من أقوى العوامل التي تعزز الروابط، وتزيد اللحمة تماسكاً وتقارباً بين الشعوب، خصوصاً في ظل شيوع عولمة الاقتصاد والاتصالاتquot;. وأوضح الجريسي أنه قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين من 5.6 مليارات ريال سعودي عام 2003، إلى 18.83 مليار ريال عام 2008،مؤكداquot;أننا في المملكة نتطلع لاستقطاب المزيد من التدفقات الاستثمارية التركية، والاستفادة من تقنيات وخبرات بلادكم العريقة، حيث نرى أن حجم استثماراتنا المشتركة في المملكة، ما تزال دون طموحنا، فهي لا تتجاوز 470 مليون ريال، ولهذا فإننا نتطلع للمزيد من تدفق هذه الاستثمارات بما يعكس ويترجم عمق العلاقات المتميزةquot;.
وثمن الجريسي سرعة تجاوب رئيس الوزراء التركي مع مطالب رجال الأعمال السعوديين في وقت سابق في تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول.