في سابقة هي الأولى من نوعها في الأعراف الحزبية المغربية، اقيل مصطفى المنصوري من رئاسة حزب التجمع الوطني للاحرار.

الرباط: اقيل مصطفى المنصوري، من رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار المغربي (غالبية حكومية) بعد أن سهل حكم قضائي على مستوى المحكمة الابتدائية والاستئناف، مهمة أعضاء الحركة التصحيحية التي تزعمها القيادي في الحزب صلاح الدين مزوار، وزير المالية المغربي الذي دعا أنصاره أعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب) إلى اجتماع استثنائي عقده يوم السبت بمدينة مراكش،فشل المنصوري في الحيلولة دون التئامه.

ولم تشكل إقالة المنصوري الذي يتزعم مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) أية مفاجأة للطبقة السياسية، فقد كان واضحا منذ عدة أسابيع أن منافسه مزوار المدعوم بغالبية أعضاء المجلس الوطني واللجنة المركزية، يسعى للإطاحة به بعد أن بلغ الخلاف بينهما نقطة اللاعودة وفشل محاولات الصلح التي حاول القيام بها في آخر لحظة أعضاء من الحزب.

وتعتبر الإقالة سابقة في الأعراف الحزبية المغربية، يتم فيها تنحية رئيس الحزب وهو رئيس بذات الوقت لمؤسسة دستورية، ما يعني أن تجديد انتخابه لرئاسة البرلمان في مستهل دورة ابريل المقبل بات أمرا مستبعدا، وقد يكون حزب التجمع في ظل القيادة الجديدة، غير راغب في الاحتفاظ برئاسة المؤسسة التشريعية التي يمكن أن تؤول لشخصية من أحزاب الغالبية الحكومية، ما سيفسح المجال أمام إعادة تنظيم الحقل الحزبي في المغرب، وربما إجراء تعديل أكبر على الحكومة التي يرأسها عباس الفاسي، أمين عام حزب الاستقلال.

ولوحظ خلال لعبة الشد والجذب بين المنصوري ومزوار أن الطبقة السياسية المغربية نأت بنفسها عن التدخل في الشأن الداخلي التنظيمي لحزب التجمع الذي دبر خلافاته العميقة في أجواء شبه سرية، ذلك أن الحزب رغم تمثيله في مجلسي البرلمان والحكومة بنصيب محترم، لا يملك صحفا ناطقة باسمه حتى يتبين المنتسبون إليه حقيقة وأسباب الصراع، خاصة وأنه الحزب القائم على الأحيان الجدد، ليس له تنظيم نقابي أو شبابي أو منظمة للمرأة تتبعه. ويشبه الرئيس الجديد غريمه المنصوري في المسار العام، فكلاهما في سن متقاربة، وقفزا بسرعة إلى واجهة المشهد السياسي في المغرب، ولم يكن الناس يعرفهما قبل أن يصبحا وزيرين، كما لا يتوفران على إسهامات فكرية في مجال الثقافة السياسية.

ويرى المتابعون لأزمة التجمع أن الطريق أصبحت سالكة أمام التحاقه بحزب الأصالة والعاصرة الذي أسسه الوزير المنتدب السابق في الداخلية فؤاد عالي الهمة الذي يطمح إلى تكوين قطب حزبي كبير، يخوض به غمار الانتخابات التشريعية غي عام 2012 حيث يسعى إلى الحصول على قوة في البرلمان تمكنه من قيادة الحكومة المقبلة.

والتقى هذه الرغبة مع ما سبق أن ألح عليه العاهل المغربي الملك محمد السادس من الدعوة المتكررة إلى قيام قطبية حزبية، تمكن البلاد من حكومة قوية منسجمة. إلى ذلك، لم يعرف ما إذا كان المنصوري، سيسلم بهزيمته ويحتفظ بعضوية الحزب أم أنه سيجرب المحاولة الأخيرة مع القضاء للمنازعة في شرعية الرئيس الجديد.