تعززت خلال الأسابيع القليلة الماضية الرغبة لدى قادة المعارضة الإيرانية في التصالح ومدّ غصن الزيتون بهدف إنهاء الأزمة الساسية ونزع فتيل الفتنة المشتعل في البلاد منذ منتصف العام الماضي .

القاهرة: في تقرير لها تحت عنوان quot;المعارضة الإيرانية تمد غصن الزيتون لكن من طرف واحدquot;، تكشف صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية في عددها الصادر اليوم الجمعة عن حقيقة الدلائل التي باتت تعزز خلال الأسابيع الأخيرة من الرغبة المتزايدة لدى قادة المعارضة الإيرانية في إبداء إشارات تصالحية تهدف على ما يبدو إلى نزع فتيل التوتر وإنهاء الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد منذ منتصف العام الماضي.

وتلفت الصحيفة في هذا الشأن إلى التصريحات التي أدلى بها يوم أمس المرشح الرئاسي السابق مهدي كروبي في مقابلة نشرت له على موقع إصلاحي إيراني، ورفع فيها المسؤولية عن آية الله خامنئي في ما يتعلق بحملة القمع العنيفة التي تعرض لها أنصار المعارضة عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتوجه بانتقاداته بدلاً من ذلك إلى آية الله أحمد جنتي، رجل الدين الذي يرأس مجلس صيانة الدستور. ومع هذا، تنقل الصحيفة عن خبراء ومحللين من داخل وخارج البلاد تأكيدهم على أن خامنئي لم يُظهِر إلى الآن - وعلى الرغم من ذلك - استعداد مماثل لتسوية الأمور.

وتلفت الصحيفة إلى ما قاله كروبي، متحدثا ً عن آية الله جنتي، حيث أوضح :quot; إنه يقول إن ادعاءات التزوير هي ادعاءات زائفة تماماً ويصفها بكونها جريمة ضد الأمة، لكن من لا يعرف أنه قام بارتكاب جرائم ضد الثورة، ودم الشهداء، والإمام، وشعب إيران العزيزquot;. ثم مضت الصحيفة لتقول إن الواقعة التي أقدمت فيها السلطات على إعدام اثنين من نشطاء المعارضة يوم أمس كانت بمثابة الإظهار المتجدد لتهديدها الخاص بمواجهة المقاومة بشدة لا تتزعزع، وذلك قبل أن يتم الإعلان عن تعليقات كروبي على الملأ.

وهنا، تنقل الصحيفة عن حسيبة حاج صحراوي، من منظمة العفو الدولية، في بيان معد سلفاً، قولها :quot; تظهر تلك الإعدامات الصادمة أن السلطات الإيرانية لن تتوقف عند أي شيء للقضاء على الاحتجاجات السلمية المتواصلة منذ انتخابات الرئاسةquot;. في ما تنقل عن شخص مقرب من القادة الاصلاحيين:quot; تم بذل كثير من الجهود على مدار الأسابيع القليلة الماضية لنزع فتيل التوتر الذي صعَّب على الجانبين إمكانية القيام بأي شيء، ويرغب قادة المعارضة في تقليل الثمن الذي يتعين على الناس أن يدفعوهquot;. لكن يمضي هذا الشخص ليقول إن quot;خامنئي لم يوافق على ذلك إلى الآنquot;.

وترى الصحيفة - نقلا ً عن مجموعة من الخبراء - أنه ومن خلال تحويل التركيز على جنتي - الرافض لكافة جهود التسوية - فإن كروبي قد أضاف عنصراً آخراً محتملا ً، مانحا ً فيما يبدو الفرصة لخامنئي كي يعيد تهيئة نفسه كحاكم بين الاصلاحيين والمتشددين.

وتنقل الصحيفة في هذا الإطار عن تريتا بارسي، رئيس ومؤسس المجلس الوطني الأميركي الإيراني ومقره في واشنطن، قولها :quot; ربما تكون تلك هي الخطوط العريضة للتسوية. فربما نشهد الآن تحولا ً في إلقاء اللوم بعيدا ً عن خامنئي، ومن ثم فتح الطريق أمامه للرد بالمثلquot;. وتلفت الصحيفة في السياق نفسه لتقول إنه لم يتضح ما إن كان القادة الإصلاحيون قد وضعوا إستراتيجية منسقة فيما بينهم أم أنهم رؤوا بصورة مستقلة إن المخاطر ستبلغ ذروتها إذا ما سمحوا باستمرار تفاقم الأزمة، خاصة ً مع اقتراب يوم الحادي عشر من شباط/ فبراير المقبل (الذكرى السنوية للثورة الإسلامية الإيرانية) وكذلك حلول الذكرى الأربعين لوفاة آية الله العظمى حسين علي منتظري، الذي كان يعتبر الزعيم الروحي للمعارضة.

في حين قال راسول نفيسي، الخبير المتخصص في الشأن الإيراني ويقيم بولاية فيرجينيا الأميركية، إنه وفي الوقت الذي لم ترد فيه القيادة الإيرانية على تلك البادرة، إلا أن هناك بعض العلامات الصغيرة التي تدل على أن الإسترايتيجة قد خففت من حدة التوترات. ويتابع حديثه بالقول :quot; يتفاعل النظام ببطء مع إيماءاتهم العينية، ويعدل نوعا ً ما عن سياسته الإعلامية والمضايقات التي يتعرض لها الشباب في الشارع. لذلك، فقد تبين أن سياسة منحهم مساحة للمناورة هي سياسة ذات جدوىquot;.

وفي الختام، تعاود الصحيفة لتنقل عن بارسي قولها :quot; لا يمكن للتسوية أن تكون شيئا ً رمزيا ً، بل لابد أن تكون شيئا ً جوهرياً. ولكي يمكن للعامة تقبل أي صفقة، سيتعين على آية الله خامنئي أن يوافق على تقديم تنازل كبير، مثل إجبار الرئيس أحمدي نجاد على التنحيquot;.