يبدو أن الجولة الثانية من المحادثات بين المغرب وجبهة البوليساريو لم تحرز تقدماً ملحوظاً، خاصة مع تمسك كل من الطرفين بإقتراحاتهما السابقة .

الرباط: لم تسفر الجولة الثانية من المحادثات المفتوحة وغير المقيدة بجدول أعمال بين المغرب وجبهة البوليساريو عن إحراز تقدم، إذ بقي الطرفان متشبثين بموافقهما السابقة، فالمغرب يدافع عن مقترح الحكم الذاتي الموسع الذي عرضه على المنتظم الأممي، باعتباره الإطار المناسب لحل نزاع الصحراء، بينما في الواجهة الأخرى تتمسك جبهة البوليساريو، الداعية لانفصال الصحراء عن المغرب، بمقترح تقرير للشعب الصحراوي، المقترح الذي دافعت عنه منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.

ولم يفاجأ المراقبون بالنتيجة التي انتهى إليها الطرفان، فقد كان من الصعب محو آثار الخلاف المستحكم بين الجانبين المتصارعين خلال جلسات نقاش استمرت يومين في منطقة quot;أرمونكquot; بالضاحية الشمالية لمدينة نيويورك، فقد ذهب الجانبان إلى اللقاء إرضاء لرغبة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة quot;كريستوفر روسquot; تمهيدا للجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة التي يتمنى روس أن توصل إلى جوهر المشكلة بعد تقريب المواقف في الجلسات المفتوحة .

ولم يعلن quot;روسquot; سوى عن امتداحه الطرفين بعبارات أخلاقية، من قبيل قوله إنهما ملتزمان باستمرار المحادثات وأنهما كانا صريحين في عرض مواقفهما، لكن أيا منهما لم يقبل أن تشكل مقترحاته قاعدة للمفاوضات المقبلة، ولكنهما أعربا عن استعدادهما لاستئناف الحوار بمجرد ما ينهي quot;روسquot; جولته الجديدة في منطقة المغرب العربي التي تقوده دائما إلى الجزائر والرباط ونواكشوط ويختمها بزيارة مخيمات البوليساريو فيquot; تندوفquot; (جنوب غرب الجزائر) ويفترض أن يشرع بجولته في الأسابيع المقبلة.

ودون أن يوضح ما إذا كانت ستسبق اجتماع مجلس الأمن الدوري نهاية إبريل المقبل، حيث جرت العادة أن يقدم الأمين العام بان كي مون تقريره السنوي عن تطور ملف نزاع الصحراء بناء على ما توصل إليه مبعوثه الخاص، ليقرر مجلس الأمن بعد ذلك تمديد بعثة الأمم المتحدة القاضية بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة عام 1991.

وخلافا لما كان متوقعاً من أن تسهم الجولة الجديدة من المباحثات في تهدئة الأجواء بين الجزائر والمغرب، لوحظ أن رئيس الدبلوماسية المغربية الطيب الفاسي الفهري الذي رأس وفد بلاده في لقاء quot;أرمونكquot; وجه النقد مجددا إلى جارة بلاده الشرقية أي الجزائر، وحملها مع البوليساريو مسؤولية استمرار الجمود في المفاوضات، وبالتالي يري وزير خارجية المغرب أن الجزائر والبوليساريو يتحملان وحدهما تبعة عدم إحراز أي تقدم في المباحثات لحل نزاع الصحراء.

وتمنى الفاسي الفهري في ختام مباحثات quot;أرمونكquot; بنيويورك، أن ينجح الدبلوماسي الأميركي quot;روس quot; خلال جولته المقبلة ، في إقناع الجزائر بتليين موقفها حيال المغرب وتحسين العلاقات بين البلدين الجارين، ما سيسهم في تحريك الوضع التفاوضي الجامد. ولم يخف وزير خارجية المغرب اتهامه للجزائر كونها تسيء من وجهة نظره إلى بلاده، من خلال تشجيع الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر التي أضربت عن الطعام، في شهيري ديسمبر ويناير الماضيين، بمطار إسباني، ما تسبب في اندلاع حملة إعلامية ضد المغرب قادتها الصحافة الإسبانية المناوئة له والمساندة لجبهة البوليساريو .

وأشار الفاسي الفهري، إلى أن المحاولات التي تبذلها جبهة البوليساريو ومن خلفها الجزائر من أجل تمديد صلاحيات بعثة quot;المينورسوquot; في الصحراء ليشمل عملها مراقبة حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيادة المغرب في مخيمات quot;تندوفquot; التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو .

ويبنى الموقف المغربي الرافض للتمديد على كون مهمات البعثة الأممية محددة في اتفاق وقف إطلاق النار ولا يمكن تغييره. لكنه يستغرب كيف يمكن أن تقبل جبهة البوليساريو بجود مراقبين من الأمم المتحدة للإشراف على تطبيق حقوق الإنسان في معسكرات تقول الرباط إنه تؤوي محتجزين لا يسمح لهم بمغادرة المخيمات، ومن فعل ذلك سرايعرض نفسه للهلاك . كما يتساءل المغرب لماذا رفضت البوليساريو مطلب الأمم المتحدة إجراء إحصاء لللاجئين الصحراويين الموجودين في المخيمات، بناء على طلب المفوض السامي المكلف مساعدة اللاجئين quot;أنطونيو غوتيريشquot; الذي زار في وقت سابق المخيمات واطلع على الأحوال الإنسانية فيها.

إلى ذلك، يميل عدد من المحللين إلى الاعتقاد إن شيئا ما يهيئ بين الدول المؤثرة في نزاع الصحراء إي إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وأن المفاوضات ما هي إلا إطار شكلي، يتيح الاستماع إلى وجهات النظر الطرفين، وأين وصلت وهل حدث تطور فيها، ليؤخذ كل ذلك بعين الاعتبار أثناء إعداد أي مشروع تسوية، لا يجد الطرفان مفرا من قبوله. وإلى حين ذلك تستمر فصول وحلقات المسلسل، دون استبعاد مفاجآت بنهاية سعيدة أو عكسها.