خرج المالكي من الانتخابات المحلية العام الماضي زعيما مهيمنا لكن سلسلة من التفجيرات والتحالفات بين الخصوم أضعفته قبل الانتخابات العامة التي تجري في مارس اذار.

بغداد: يقول محللون ان رئيس الوزراء نوري المالكي - وهو شيعي كان محكوما عليه بالاعدام في عهد الرئيس الراحل صدام حسين - يدرك على الارجح أن شعبيته انخفضت لانه لجأ لاساليب معروفة لكسب الاصوات مثل اثارة مخاوف الشيعة من عودة حزب البعث الذي كان مهيمنا في عهد صدام حتى يفوز بالانتخابات. وتأمل مؤسسات النفط التي وقعت صفقات جديدة لاستغلال احتياطيات العراق الهائلة والجيش الاميركي المقرر أن ينسحب في عام 2011 في نوع من الاستمرارية السياسية بعد الانتخابات البرلمانية التي تجري في السابع من مارس اذار لكن حلفاء المالكي السابقين يريدون تغييرا.

وبعض الناخبين الذين دعموا المالكي في الانتخابات المحلية في يناير كانون الثاني الماضي مترددون فيما يبدو. وقال قاسم عبد الله وهو طالب في مدينة كربلاء التي تضم مزارات شيعية quot;من المؤكد أنني لن أعطي صوتي لحكومة غير قادرة على توفير الامن. في كل يوم يعيدوننا الى المربع واحد بعدم وقفهم لقتل العراقيين بلا رحمة.quot; واختير المالكي رئيسا للوزراء عام 2006 كنوع من التسوية بين الفصائل المتناحرة التي اعتقدت أنه يمكنها التأثير عليه.

غير أنه بزغ في العامين الماضيين كزعيم قوي نسب اليه الفضل في الحد من العنف الطائفي الذي عانى منه العراق بعد الغزو الاميركي عام 2003. وباستخدام رسالة تخلو من الملامح الطائفية وبرنامج انتخابي قائم على فكرة تطبيق القانون والنظام اجتاح ائتلاف دولة القانون الذي يقوده جنوب العراق الذي يغلب على سكانه الشيعة في يناير الماضي. ومنذ ذلك الحين هزت تفجيرات انتحارية منسقة وضخمة بغداد لتودي بحياة المئات في مواقع خاضعة لحراسة مشددة ولتزعزع الثقة في قوات الامن وفي المالكي.

وينحي المالكي باللائمة في الهجمات على حزب البعث المحظور ومتشددين اسلاميين من السنة مثل عناصر القاعدة. وفيما تتردد أصداء دوي انفجار القنابل بشكل متكرر في أنحاء بغداد تراجعت كلمات المالكي التي كان يسعى من خلالها الى أن ينسب له الفضل في تحسن الاوضاع الامنية لتفسح المجال أمام كلمات مناهضة لحزب البعث. وألقى المالكي بثقله وراء هيئة يسيطر عليها الشيعة منعت مشاركة عشرات المرشحين في الانتخابات بدعوى ارتباطهم بحزب البعث. كما أطلق حزبه وهو حزب الدعوة نداءات لتطهير الاجهزة الحكومية من العناصر المشتبه في أنها بعثية.

وقمع حزب البعث الاكراد والشيعة قمعا وحشيا. ويمثل الشيعة أغلبية في العراق لكن السنة الذين كانوا مهيمنين ذات يوم والجماعات المؤلفة من طوائف مختلفة يعتبرون منع بعض المرشحين من خوض الانتخابات ودعوات التطهير حملة ضد المعارضة وعودة الى السياسة القائمة على الطائفية. وقال توبي دودج من كلية كوين ماري بجامعة لندن quot;ظننت أن رسالة حملة المالكي لانتخابات المحافظات كانت أنه يستطيع الابتعاد عن هذا ويتجه الى حشد تأييد الناخبين برسالة الوطنية والقانون والنظام ونهوض دولة قوية. quot;يبدو لي أنه فقد أعصابه لاسباب منها أنه ثبت أن الحملة القائمة على القانون والنظام أصعب بكثير مما كان يعتقد.quot;

ولا يزال المالكي يحمل بعض البطاقات القوية. فهو لا ينظر اليه على أنه فاسد وهو أشهر من نار على علم ضمن عدد كبير من المرشحين المغمورين ويستطيع الاعتماد على شبكة دعاية راسخة تتمتع بالخبرة فضلا عن موارد حكومية مثل قناة العراقية التلفزيونية. غير أنه حول حلفاء أقوياء الى خصوم. وكان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وأنصار رجل الدين مقتدى الصدر يدعمون المالكي ذات يوم في اكبر كتلة شيعية بالبرلمان لكن محللين قالوا انهم باتوا منزعجين ازاء تعاظم قوته. واتحد المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والصدريون بعد أن كانوا أعداء ذات يوم لتشكيل تحالف انتخابي بينما يخوض المالكي الانتخابات بمفرده على رأس ائتلافه.

وقال بيتر هارلينج المحلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات quot;تربطهم رغبة مشتركة في التخلص من المالكي قبل أي شيء. ليس بينهم الكثير من الامور المشتركة بخلاف ذلك. لقد نجح في حشد اللاعبين الرئيسيين من الشيعة ضده.quot; ويقول الكثير من العراقيين انهم سئموا السياسة القائمة على الطائفية بعد سقوط عشرات الالاف من القتلى خلال سنوات شهدت أعمال عنف بين السنة والشيعة. كما ضاقوا ذرعا بنقص الخدمات في عهد الزعماء الدينيين الذين هيمنوا على العراق منذ الغزو.

وبإدارة ظهره للنزعة الوطنية غير الطائفية ربما يخسر المالكي الجاذبية الواسعة التي ساعدته في اظهار أداء جيد خلال الانتخابات المحلية. ويقول المحلل ريدار فيسر من موقع هيستوريا دوت اورج على الانترنت ان المالكي quot;استطاع حينذاك التعامل مع الملف الامني بأسلوب غير طائفي أثار اعجاب الكثير من العراقيين.quot; وأضاف quot;لم يستطع التعامل مع قضية اجتثاث العناصر البعثية بنفس الروح الوطنية بل عاد الى الخطاب الشيعي المتشدد القديم.quot;