تقف أسباب اجتماعية وسيكولوجية وراء رواج قراءة الطالع ومعرفة الغيب في الآونة الأخيرة في العراق.

بغداد: تبدأ أم مصطفى نهارها بإلقاء نظرة على برجها، متناسية مشاكلها، متأملة من خلال قراءة حظها تجاوز صعوبات يومها، وهي لا تستطيع غير فعل ذلك بعد أن أدمنت الأبراج . لكن أختها أحلام تؤمن أن الأمر لا يتجاوز حدود التسلية وأنه أقرب إلى الدجل منه إلى شيء أخر حيث ابتكره العقل الجمعي الشعبي منذ قديم الزمن.
لكن أم مصطفى تشبه في حالها الكثير من نساء يرين في قراءة الطالع والكف والفنجان وسيلة للكشف عما يخبأ المستقبل لهن من أفراح و أتراح .

وتقول العرافة ( أم يوسف) أنها تمارس المهنة منذ أكثر من عشرين عاما وان quot;الخيرةquot; لا تدخل في باب كشف المستور أو علم الغيب وإنما يراد منها فقط quot;قطعquot; الشك باليقين .

وتضيف إن بعض النساء يقعن في حيرة الاختيار بين أمرين كأن يكون اختيار شريك الحياة أو غياب شخص عزيز أو تأخر الحمل والى غيره من الأمور التي تخص النساء .

وعن طريقة عملها تروي لquot;إيلاف quot;.. أستمع أيضا إلى قصة الزبون ثم أبدأ بقراءة سور من القرآن الكريم ويرافق ذلك رمي حبات من الشعير في طبق عريض لأفسر ما ينتج عن quot; التشكيلة quot; التي ستتخذها الحبات .
بعدها ابدأ بتحليل الأسباب والنتائج وأحاول قدر الإمكان إدخال البهجة والسرور على صاحبة المشكلة.

وثمة نساء وصلت لديهنّ متابعة برامج الطالع إلى حدّ quot;الهوسquot;.
وهناك متعلمون وأكاديميون انتابهم هوس قراءة الكف والطالع . وأمينة حسن مدرسة لغة عربية لكنها
لا تكف عن قراءة الكفّ والفنجان وضرب الودع .

لكن تعترف أنها عادة سيئة تعلمتها من أمها ولا تستطيع تركها . وتضيف .. جيلنا لا يملك عذراً لذلك .

فتاحة الفال الحاجة (أم خضير ) ترى أن الكثير من النساء يلجئن إلى quot;فتاحة الفالquot; حين تفقد القدرة على التعامل مع المشكلة بواقعية. وتقول ان لديها زبونة تعاني من الشد النفسي بسبب تأخر الإنجاب .
وفي العراق تسمى فتاحة الفال ب (أم الخيرة) و(الكشافة). وفي أغلب المدن العراقية ثمة نساء في القصبات الشعبية ، يعرضن خدمات قراءة الحظ وكشف الطالع . وغالبا ما يتمتعن quot; الكشافات quot; بنظرة ثاقبة وذكاء وقدرة على التواصل الاجتماعي مع المحيط .

وتتعدد أغراض الذهاب الى العرافات بتعدد المشاكل وأنواعها ، وثمة نساء يفضلن الذهاب إلى العرافة بين الحين والآخر لتجنب احتمال توقع quot; شر quot; .
وتلجا هند إلى العرافة على رغم أنها تعيش حياة سعيدة لكن زيارتها لقارئة الطالع هو لأغراض معرفة ما يحدث في المستقبل وتجني الحوادث السيئة .

ويلجا عراقيون في الأماكن المقدسة للاستخارة ب quot;المسبحةquot; حيث تفصل أجزاء من الخرزات التي تضمها المسبحة بعد قراءة سورة الفاتحة . وفي حالة أن النتيجة عددا زوجيا فهذا يعني أن الفال quot; سيءquot; ، أما إذا كان فرديا فيعني النجاح .
ويعتقد البعض أن الاستخارة حلال شرعا كما في قصة السيدة مريم الواردة في القراّن الكريم إذ ألقى القائمون على خدمة الدير وهو دار عبادة أقلامهم في الماء إلى جانب إلقاء النبي زكريا قلمه فطفى قلم النبي وهو دليل علو كعبه وتسديد الله له .
وثمة من يشتري quot; الخرزة quot; أو الحجر الكريم ، بأسعار تتراوح بين مائتي دولار إلى ألف دولار أميركي وربما أكثر .
ويحمل ماجد الخفاجي quot; خرزة quot; اشتراها بثمانمائة دولار ، يحملها معه أينما يحل ، وبحسب قوله فان هذه الخرزة تخلصه من المشاكل التي قد يقع بها . يضيف .. لقد جلبت الحظ لي ، وإذا كانت هناك مواقف صعبة فقد يسرت هذه quot; الخرزة quot; الكثير منها .

لكن نواف حمدي اشترى حجرا كريما بمائتي دولار لكنه لم ير خيرا من جراء اقتنائه ، ويعتقد أن الحجر quot; غير حقيقيquot; أو ربما لمسته quot; يد شيطانية quot; أبطلت مفعوله .
لكن نواف يرفض القول أن الحجر لا فائدة منه أو أنه حجرا quot;لا يضر ولا ينفع quot; .

وفي منطقة quot; قنبر علي quot; ببغداد تستعين الحاجة أم محمد بالمرآة لقراءة الطالع . واستطاعت أم علي الكشف بمرآتها عن بعض الأموال المسروقة والأطفال المفقودين بحسب الزبونة لمياء التي جلست في زاوية من غرفة تستقبل فيها أم محمد الزبائن .
وتقول لمياء .. كشفت أم محمد قبل أسبوع عن مصوغات ذهبية سرقت من امرأة .
ولا تطلب أم محمد مبالغ كبيرة لقاء خدماتها ، وترى أن ما تحصل عليه هو هدايا من الناس والزبائن .

وحول مصدر quot; العلم quot; والقدرة على قراءة المستقبل تقول أم محمد أنها منذ أن كانت صغيرة تتنبأ بأحداث تقع في المستقبل . وتضيف .. كان أهلي يعتمدون علي في قراءة الطالع بعد تجارب أثبتت صحتها . وتضيف .. حين كبرت ذاع صيت quot; علمي quot; وبدا الناس يتقاطرون علي .

ويرى الباحث الاجتماعي حسين ساجت أن أسبابا اجتماعية وسيكولوجية وراء رواج قراءة الطالع ومعرفة الغيب في الآونة الأخيرة، ومن ذلك الأزمات السياسية والحروب التي مر بها العراق ، إضافة إلى انتشار الجهل والإيمان بالخرافة ، لكنها بحسب ساجت تبقى محظ عادة سيئة لا طائل من ورائها مهما حاول مسوّقوها إيهام الناس بأن هذه المعلومات تساعد في معرفة مستقبل الحدث المتعلق بالشخصية . ودليل ذلك أن العرافين أنفسهم يجهلون قدرهم ومصيرهم فكيف يتنبأون بأقدار الآخرين .