اسماعيل العلوي الأمين العام للتقدم والاشتراكية

يشعر قياديون سياسيون في المغرب أن البقاء في الزعامة أصبح غاية في حد ذاته، ما جعلهم يتجمدون في quot;كرسي الأحزابquot;، متكئين على جدران تاريخية، يعتقدون أنها تضمن لهم الخلود،وهو ما تنتقده الكثير من الأوساط وبخاصة الأكاديميين.

الدار البيضاء: يحفل التاريخ السياسي في المملكة المغربية بهذا النوع من القيادات، التي رفضت سلك طريق quot;المغادرة الطوعيةquot; وانتظرت quot;المغادرة القسريةquot;، لتتخلى بذلك عن هذه الكراسي مرغمة، إما بأمر إلهي، بعد أن وافتهم المنية، وإما بقرار من القواعد التي quot;انتفضتquot; في وجوههم.

وقد فتحت خطوة إسماعيل العلوي، الأمين العام للتقدم والاشتراكية (شيوعي)، الذي أعلن قراره عدم الترشح لولاية جديدة، الباب على مصراعيه، حول ما إذا كان عدد من القياديين السياسيين يتحلون بالشجاعة السياسية، ويتخلون عن كراسي القيادة، التي باتت تنأى بحملهم.

وقال محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق المحمدية: quot;إذا التزم إسماعيل العلوي بما أعلنه، فربما يشجع قيادات سياسية أخرى على اتخاذ الخطوة نفسها، وبالتالي فتح المجال أمام جيل جديدquot;، مضيفا أن quot;انسحابه ستكون شجاعة سياسية وستعبّد الطريق لقياديين شباب لضخ دماء جديدة في العمل الحزبيquot;.

وخلال حديثه عن حالة التقدم والاشتراكية، أوضح ضريف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;أول أمين عام للحزب كان الراحل علي يعتة، الذي ظل في هذا المنصب منذ الأربعينات إلى 1994، ليخلفه بعد ذلك إسماعيل العلويquot;.

وأثناء استرجاعه شريط تاريخ هذا المكون السياسي، تطرق، أستاذ العلوم السياسية، إلى فترة علي يعتة، الذي أشار إلى أنه سبق إليه أن أكد أنه لن يرشح نفسه لرئاسة الحزب، في ولاية جديدة، غير أنه في المؤتمر أعيد انتخابه على رأس الحزب، بدعوى أن القواعد متشبثة به، وهو ما فجر آنذاك احتجاجات في صفوف قياديينquot;، مبرزا أن هناك quot;تخوفات من أن يتكرر السيناريو نفسه، ويعاد انتخاب إسماعيل العلوي في المؤتمر المقبلquot;.

وذكر أنه في التاريخ الحزبي للمغرب يتبين أن الزعامات الحزبية لا تغادر مقاعد القيادة، إلا في حالتين، الأولى إما بالوفاة، والثانية بالإقالة والطرد، وهناك حالة ثالثة يمكن أن نلخصها في ما حدث بالنسبة إلى عبد الرحمان اليوسفي، الذي اعتزل العمل السياسي قبل أشهر فقط من انعقاد المؤتمر السابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومحمد بوستة، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال.

وأضاف محمد ضريف quot;الآن نلاحظ أن هناك قيادات حزبية عمّرت طويلا، وما زالت موجودة كالمحجوبي أحرضان (رئيس الحركة الشعبية)، وامحند لعنصر (الأمين العام للحزب نفسه)، الذي استهلك رصيده السياسي، وأبيض (الأمين العام للاتحاد الدستوري)، وغيرهمquot;.

من جانبه، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط quot;طبيعة العمل السياسي تفرض مجموعة من المعطيات منها، أنه ليس عملا دائما للأبد، فالسياسي له مدة زمنية يقدم فيها أحسن ما لديه، بعد ذلك فإن منطق الأشياء يفرض عليه الانسحاب بهدوء، وفتح المجال لأطر أخرى، لكون وتيرة الحياة تتكرر، وبالتالي يجب أن تظهر وجوه جديدة قادرة على مسايرة هذه التحولاتquot;.

فالعمر الافتراضي لرجل السياسة، يؤكد عبد العزيز قراقي، quot;لا يجب أن يتجاوز 12 أو 14 سنة على أبعد تقدير، لأنه إذا قرر الاستمرار في منصبه لأكثر من ذلك فإنه سيكرر نفسه، وبالتالي سيضر بالحزبquot;. وأمام هذا الوضع، يشرح أستاذ العلوم السياسية، في تصريح لـ quot;إيلافquot;،quot;فمن المفروض أن يفكر هذا الزعيم السياسي في الانسحاب أو يتراجع إلى الظل، إذا لم يكن يرغب في الانسحاب الكليquot;.

وأوضح أن quot;الزعيم السياسي إذا أراد أن يظل في مركزه فإنه سيؤثر سلبافي الهيئة السياسية التي يمثلها، وسيستفيد من منصبه نخبة ضيقة ممن يحيطون به، إذ إنهم سيدعون إلى بقائه للمحافظة على الوضع، بعد أن يوهموه بأنه ذهب فإن الكارثة ستحل بالحزب وسينهار، وبالتالي سيكرس الزعامة في منصبهاquot;.

وأضاف عبد العزيز قراقي quot;زعيم الحزب إذا لم يختر الانصراف، فإن تغيرات ستحدث، إذ يمكن أن تسعى نخب داخل هذا المكون السياسي إلى التغيير، وقد تعصف برأسه. وهذا التغيير لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت هذه النخب السياسية متمكنة، وقادرة على التغييرquot;.