لا تزال قضية اغتيال محمود المبحوح في دبي تتقدم الإهتمامات الصحافية،حيث أدان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي استخدام منفذي عملية اغتيال المبحوح جوازات سفر أوروبية مزورة لكنهم لم يشيروا مباشرة إلى اسرائيل، إلا أن الاشتباه في الأخيرة سيضر بعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. في سياق متصل، اختفى مايكل بودنهايمر الذي ينتمي إلى المجموعة المشتبه فيها بشكل غامض في إسرائيل.

إيلاف، الوكالات: أدان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اليوم الاثنين استخدام منفذي عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) بدبي جوازات سفر اوروبية مزورة لكنهم لم يشيروا مباشرة الى اسرائيل. وكانت مصادر دبلوماسية قد ذكرت في وقت سابق اليوم أن البيان يهدف الى لوم اسرائيل لضلوعها المزعوم في قتل المبحوح الشهر الماضي. ولم تؤكد اسرائيل ضلوعها ولم تنفه.

وقال اعلان نيابة عن وزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي quot;يدين الاتحاد الاوروبي بشدة أن جميع الضالعين في هذا العمل (الاغتيال) استخدموا جوازات سفر أوروبية مزورة وبطاقات ائتمان جرى الحصول عليها من خلال سرقة هويات مواطني دول أعضاء بالاتحاد الاوروبي.quot;

وأعرب وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الاوروبي، عن quot;قلقه البالغquot; لاستخدام جوازات سفر أوروبيَّة من قبل اعضاء المجموعة التي يعتقد انها اغتالت محمود المبحوح احد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس. وقال موراتينوس اثناء اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل quot;نحن قلقون للغاية لاستخدام جوازات سفر اوروبية وهي وثائق قانونية دقيقة، لغايات منافية لما خصصت لهquot;.

واستنكر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في مؤتمر صحفي عقده اليوم الإثنين مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اغتيال قيادي الجناح العسكري لحركة حماس محمود المبحوح. ولدى إجابته على سؤال حول احتمال استخدام القتلة لجوازات سفر أوروبية دعا ساركوزي إلى انتظار نتائج التحقيقات الرسمية. ونقلت وكالة quot;فرانس برسquot; قول ساركوزي إن quot;فرنسا تستنكر أية أعمال من شأنها زيادة التوتر ولا تأتي بأية نتائج إيجابيةquot;.

وإثر ادانة دول الاتحاد الاوروبي استخدام جوازات سفر اوروبية في العملية أعلن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان في بيان الاثنين ان quot;لا شيء يثبت ضلوع اسرائيل في قتل القيادي في حركة حماسquot;. واكد ليبرمان في بيان نشرته وزارة الخارجية الاسرائيلية في القدس فيما يقوم بزيارة الى بروكسل quot;لا شيء يثبت ان اسرائيل ضالعة في هذه القضيةquot;. واضاف quot;لو ان احدا ما قدم مثل هذه المعلومات خارج اطار المقالات الصحافية، لكنا قمنا بالرد، لكن بما انه ليس هناك وقائع ملموسة فليس هناك حاجة للردquot;.

ودعت حركة حماس الاتحاد الاوروبي الى وضع اسرائيل على قائمة quot;الارهابquot;، محذرة من التعامل بquot;معيارينquot; في قضية اغتيال المبحوح. وقالت حركة حماس في بيان لها quot;ندعو الدول الاوروبية الى وضع الكيان الصهيوني على قائمة دول الارهاب المنظم كونه يشكل خطرا على السلم الدوليquot;.

واضاف البيان ان حماس quot;تحذر من خطورة التعامل مع هذه الجريمة بنوع من اللامبالاة وعدم المسؤوليةquot;، وتابع quot;ندعو كل منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان والمنظمات القانونية الدولية الى ملاحقة الكيان الصهيوني وقادته قانونيا وقضائيا كمجرمي حرب ارهابيينquot;.

وحذرت حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف 2007 quot;من التعامل مع هذه القضية بمعيارين واستثناء الكيان الصهيوني من الملاحقة ولملمة الموضوع بشكل مشبوه الامر الذي من شانه ان يشجع اخرين على التعامل بنفس الاسلوب ويعرض امن وسيادة الدول الى خطر الارهاب الذي شكل الكيان الصهيوني نموذجا لهquot;.

وفي هذا الإطار توقعت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن يقوم الاتحاد الأوروبي، اليوم، بإصدار بيان استنكار وقلق من استخدام جوازات السفر الأوروبية، والتي وصف بعضها بالمزيف، في عملية الاغتيال. وقال ديبلوماسي أوروبي إنه من غير المتوقع أن يتطرق بيان الاستنكار لإسرائيل بشكل مباشر، أو يربط إسرائيل بعملية الاغتيال، أو بعملية تزييف جوازات السفر. وبحسب الدبلوماسي الأوروبي فإن الإمارات لم تتهم إسرائيل في تنفيذ عملية الاغتيال، ولم تطالب بأن يتضمن البيان التطرق لإسرائيل.

ونقلت quot;هآرتسquot; عن الدبلوماسي قوله إن اجتماعًا قد عقد في بروكسل بمشاركة كبار المسئولين في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيرلندا، وذلك من أجل بلورة بيان الاستنكار. وأضاف أن إيرلندا تبنت موقفًا متشددًا، وطالبت أن يتطرق البيان إلى دور إسرائيل.

وبحسب الدبلوماسي الأوروبي فإن بيان الاستنكار سيشتمل على 3 عناصر مركزية؛ الأول التعبير عن قلق الاتحاد الأوروبي واستنكاره لاستخدام جوازات السفر الأوروبية خلال عملية الاغتيال، والثاني دعم السلطات التي تجري التحقيق في دبي وحكومة الإمارات، والثالث التزام الاتحاد الأوروبي بالتحقيق وبسرعة في قضية تزييف جوازات السفر والانتحال.

في الإطار نفسه، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية quot;بي بي سيquot; عن دبلوماسي بارز من الاتحاد الأوروبي قوله إن الاشتباه في ضلوع إسرائيل في مقتل المبحوح سيضر بعلاقات الدولة العبرية مع الاتحاد الأوروبي. ونسبت إلى الديبلوماسي الأوروبي، الذي امتنع عن ذكر اسمه، قوله إن الموضوع quot;سيكون ضارًّا على إسرائيل في تعامل الاتحاد الأوروبي معهاquot;.

إلى ذلك، يلتقي وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان اليوم نظيريه البريطاني ديفيد ميليباند والايرلندي مايكل مارتن في بروكسل على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لمواجهة اسئلة بشأن استخدام الفريق المتهم باغتيال المبحوح جوازات سفر أوروبية مزورة. إذ تريد بريطانيا وايرلندا إجابات عن الدور الذي ربما تكون إسرائيل قد لعبته في تزوير جوازات السفر وقتل القيادي في حركة حماس.

في المقابل، استبعد الخبيرالأمني الإسرائيلي البارز الجنرال المتقاعد عوزي ديان أن تتعرض سمعة إسرائيل الدبلوماسية إلى ضرر كبير، أو أن يتعرض نشاطها الاستخباري إلى الانكشاف تحت الأضواء او التعريض، عقب اغتيال المبحوح . وقال الرئيس السابق للمجلس الامني الاسرائيلي، في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية، ان quot;الامر المهم هو ان العملية نفذت، من اي طرف كان، في اطار الحرب على الارهابquot;.

اختفاء احد افراد المجموعة المتهمة بالاغتيال

إلى ذلك كشفت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية اليوم أن مايكل بودنهايمر الذي ينتمي الى المجموعة المشتبه فيها اختفى بشكل غامض في اسرائيل. وشرحت الصحيفة ان اسم بودنهايمر كان لا يزال مكتوبًا الاسبوع الماضي على لوحة عند مدخل عمارة مكاتب في هرتزيليا شمال تل ابيب.

غير أن اسم بودنهايمر اختفى الاحد وتبين ان الشركة التي استأجرت مكتبًا في هذه البناية المعزولة وهمية، بحسب الصحيفة التي نشرت صورا تعزز ما اوردته. ومنذ اندلاع قضية الاغتيال توارى الرجل عن الانظار. وكانت مجلة دير شبيغل الالمانية ذكرت من جهتها ان شخصًا اسمه مايكل بودنهايمر حصل في حزيران/يونيو الماضي على جواز سفر الماني.

وتم تسليم هذا الجواز في كولونيا غرب المانيا، لرجل اكد ان اسمه مايكل بودنهايمر وقدم جواز سفر اسرائيليا صادر في 2008، بحسب شبيغل. واصبح من حقه الحصول على جواز سفر الماني بعد ان اكد انه يقيم في كولونيا وقدم نسخة من عقد زواج احد والديه تعرضت اسرته للاضطهاد من قبل النازيين.

في الأثناء عثرت وسائل الاعلام الاسرائيلية الاسبوع الماضي على شخص آخر يدعى مايكل بودنهايمر يحمل الجنسيتين الاسرائيلية والاميركية ويعيش في بناي براك قرب تل ابيب. ونفى هذا الاخير وهو متطرف ديني ووالد اسرة كبيرة، قطعيا اي علاقة له بالقضية. كما انه لا يشبه في شيء الشخص الثاني الذي يحمل الاسم ذاته الذي نشرت صورته شرطة دبي.

اغتيال المبحوح: بطاقات الهواتف اشتريت في النمسا

على صعيد متصل شرعت السلطات النمساوية المختصة في التحقيقات المتصلة بملابسات استخدام قتلة القيادي في حماس لبطاقات هواتف نمساوية. وقالت مجلة quot;بروفيلquot; اليوم أن محققين من إدارة quot;حماية الدستور ومكافحة الارهابquot; أي الاستخبارات الاتحادية، توجهوا بالفعل إلى مقر شركة quot;ت ـ موبيلquot; في الدائرة الثالثة من العاصمة وطلبوا تفاصيل عن هويات الأشخاص الذين استخدموا سبعة من بطاقات الشركة المسبقة الدفع للهواتف المحمولة، خلال الاتصالات التي سبقت وتلت عملية اغتيال المبحوح.

وأوضحت المجلة أن المحققين وعدوا بالعودة إلى مقر الشركة مزودين بإذن قضائي ريثما تقوم quot;ت ـ موبيلquot; باعداد المعطيات الخاصة بمشتري البطاقات. وحسب المعلومات الأولية فإن البطاقات التي تبدأ بأرقام quot;0676quot; لم يتم بيعها إلى الخارج لا عبر الانترنت ولا من خلال طلب دولي، بل بالتأكيد في النمسا وفي أحد المحلات المرخصة لكن تسجيلات كاميرات المراقبة ستكشف عما اذا كان المشتري واحد أو أكثر.

وتشير المجلة إلى أنه quot;وفقاً لهذه المعلومات الأولية فإن العملية تمت ادارتها بدون أدنى شك في مكان ما من النمسا، وهو ما ستشكفه تحقيقات الاستخبارات الاتحادية بعد إماطة اللثام عن هويات أصحاب البطاقات والطريقة البالغة التعقيد التي استخدمت في تحويل المكالمات الهاتفية عبر منظم خاص من النمسا إلى الاماراتquot; حسب تعبيرها.

وحول الصور التي نشرتها شرطة دبي، استبعد خبير في مركز الدراسات والاستخبارات في جامعة غراتس quot;أن تكون الصور الموجودة على جوازات السفر هي نفسها للقتلة بل أشخاصاً يشبهونهم إلى حد بعيد مما يجعل عملية التعرف على الجناة الحقيقيين مسألة أكثر مشقةquot; على حد قوله.

إخفاقات الموساد في الماضي

ويذكر في هذا الإطار أن جهاز الاستخبارات الاسرائيلي الموساد سجل في الماضي بعض الاخفاقات في عملياته في الخارج، وفي ما يلي بعض الامثلة منذ العام 1973:

- النروج، تموز/يوليو 1973. بعد مقتل 11 رياضيًّا اسرائيليًّا في الالعاب الاولمبية في ميونيخ في العام 1972، سعت اسرائيل الى اغتيال جميع قادة حركة ايلول الاسود الفلسطينية المسؤولة عن تلك العملية. في تموز/يوليو 1973 قتل عملاء من الموساد خطأ احمد بوشيكي، النادل من اصل مغربي، في ليلهامر في النروج لاعتقادهم بانه المسؤول في فتح حسن سلامة. واغتيل حسن سلامة المسؤول في مجموعة ايلول الاسود في بيروت على يد عملاء اسرائيليين في ما بعد. وتمكن عشرة عملاء اسرائيليين من الهرب من النروج. ودانت محكمة في اوسلو ثلاثة اخرين في 1974 بالسجن لخمس سنوات ونصف السنة. وقد افرج عنهم بعد 22 شهرًا.

- قبرص، نيسان/أبريل 1991 : شرطي قبرصي اوقف اربعة عملاء من الموساد كانوا يريدون وضع اجهزة تنصت في السفارة الايرانية في نيقوسيا. وقد قامت قبرص واسرائيل بتسوية القضية في خلال اسبوعين وافرج عن العملاء بعد دفع غرامة.

- الاردن، ايلول/سبتمبر 1997 : القاء القبض على عميلين اسرائيليين بعد محاولتهما اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل من خلال حقنه بالسم. وانقذ مشغل الذي دخل في غيبوبة بعد تدخل الملك حسين الذي طلب من اسرائيل تزويده بترياق مضاد للسم تحت طائلة قطع العلاقات الدبلوماسية. وبهدف اطلاق سراح العميلين كان على اسرائيل ان تفرج عن المرشد الروحي لحركة حماس الشيخ احمد ياسين الذي اغتالته في 2004 في قطاع غزة.

- سويسرا، 19 شباط/فبراير 1998 : فاجأت الشرطة السويسرية خمسة جواسيس من الموساد كانوا يقومون بوضع نظام تنصت على المكالمات الهاتفية في قبو منزل رجل لبناني الاصل قرب برن. وافرج عن اربعة منهم بعد ان خدعوا الشرطيين. وسجن الاخير ثم اطلق سراحه في نيسان/ابريل 1998. وادين في تموز/يوليو 2000 في لوزان بالسجن 12 شهرًا مع وقف التنفيذ.

- قبرص، 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1998: توقيف الاسرائيليين عودي هارغوف (27 عاما) وايغال دماري (49 عامًا) في قبرص في منطقة زيغي الساحلية بسبب قيامهم بالتجسس على القوات المسلحة القبرصية اليونانية. وعثرت الشرطة القبرصية في شقتهم على معدات متطورة بينها خرائط توبوغرافية وحاسوب يمكن ان ينقل رسائل مشفرة. وافرج عنهما في اب/اغسطس 1999.

- نيوزيلندا، 23 اذار/مارس 2004: اوقفت الشرطة ارييل زوشي كلمان وايلي كارا بعد ان تعقبتهما حتى المكان الذي كان يفترض ان يتسلما فيه جواز سفر مزور. وحكم عليهما بالسجن ستة اشهر واطلق سراحهما في ايلول/سبتمبر 2004. واثر تلك القضية علقت نيوزيلندا اتصالاتها على مستوى عال مع اسرائيل.