ديرفنتا: تتواجه ابراج الكنائس الاورثوذكسية والكاثوليكية في ديرفنتا شمال البوسنة بينما ترتفع في الجانب المقابل من الساحة مئذنة مسجد، فترسم معا صورة المجتمع الذي عاش فيه الصرب والكروات والمسلمون قبل اندلاع حرب البلقان.

وفي هذه البلدة من جمهورية صرب البوسنة، اختار الرئيس الكرواتي ايفو يوسيبوفيتش الاحد ان يوجه رسالته للمصالحة، وان يتطرق الى موضوع عودة اللاجئين الكروات. فخلال الحرب (1992-1995) نزح 29 الف كرواتي ومسلم عن ديرفنتا ومحيطها، ولم يعد منهم سوى 4200، على ما تفيد منظمة محلية تعنى بشؤون اللاجئين.

ولا تزال منازل كثيرة تخلو من اصحابها، مثل هذا المنزل قرب المسجد الذي يحمل آثار طلقات الرصاص عليه، تروي فصول ذاك النزاع الدموي. احتشد بضع مئات من السكان امام مبنى البلدية لرؤية الرئيس الكرواتي، الذي سبق ان عبر في نيسان/ابريل عن quot;اسفهquot; لدور بلاده ابان حرب البوسنة، في خطاب القاه امام البرلمان البوسني المركزي اثار استياء في اوساط الحكومة الكرواتية.

ورأى احد مواطني صرب البوسنة، غوران نيفيتش (40 عاما)، ان هذه الزيارة، الاولى لرئيس كرواتي الى جمهورية صرب البوسنة، لم تكن واردة ابان عهد سلفه ستيبي ميسيتش الذي طالما اتخذ مواقف حادة تجاه صرب البوسنة.

وقال quot;لا اعتقد ان المصالحة تحظى بتأييد كل الناس، لكنها تحظى بتأييد الغالبية. المستقبل اهم من كل ذلكquot;. وقالت ليوبا وهي سيدة كرواتية تبلغ 79 عاما quot;هذا يكفي، لقد تعرضنا للكثير من المحن، ونحن اليوم نعاني من البطالة وتدني رواتب التقاعدquot;. واضافت quot;صحيح انه لا يمكننا نسيان اولئك الذين ماتوا، لكن ينبغي ان نعيش معا. لطالما كانت ديرفنتا مدينة مختلطةquot;.

وتابعت ليوبا التي تشترك مع كثير من مواطنيها في توجيه انتقادات حادة الى quot;السياسيينquot; المسؤولين عن الحرب، quot;الناس هنا سئموا من المسائل (المتصلة بالحرب) لانهم خدعوا. لقد جرى تسميم الشعبquot;. وبرأي رادا (46 عاما) وهي من اب صربي وام كرواتية، فان المصالحة quot;بطيئة، لكنها تتقدم. الناس يعودون الى منازلهم، الامر صعب قليلا لانه مرتبط بامكانية تأمين موارد الحياة. العودة شيء والبقاء شيء آخرquot;.

وشدد الرئيس الكرواتي على ضرورة تأمين quot;عودة قابلة للاستمرارquot;، قائلا quot;لا يكفي ان نبني المنازل، يجب العمل على توفير فرص عمل والصحة والتعليم للشبابquot;. وقال ميلوفان بوبوفيتش (53 عاما) quot;الناس تحمل هم الحياة اليوميةquot; مضيفا ان الوقت حان للعمل على quot;تعزيز العلاقات مع الجيرانquot; ومقرا في الوقت عينه ان هذه القضية quot;ما زالت غير واردة في بعض العقولquot;.

وتابع quot;لقد مر عشرون عاما على (اندلاع) الحرب. يمكن ان نتجادل حولها الف عام، لكن هذا لن يفيد بشيءquot;. واجرى الرئيس الكرواتي ايفو يوسيبوفيتش زيارة الى سييكوفاتش قرب ديرفنتا تكريما لذكرى 42 مدنيا صربيا قتلتهم القوات البوسنية الكرواتية والمسلمة بين اذار/مارس وتشرين الاول/اكتوبر 1992.

وفيما المصالحة تشق طريقها في هذه المدينة، تبقى ذكريات مؤلمة من الحرب مطبوعة في اذهان من عاشوا ويلاتها، مثل زيليتسا زيشيفيتش التي ما زالت تعيش يوم مقتل زوجها مع ثلاثة من اقربائها، وتضيء شمعة كل يوم على قبره. وقالت quot;حتى اليوم لم يتحمل احد مسؤولية هذه الجرائم. اريد ان يتحمل كل من ارتكب جريمة المسؤولية عن جريمتهquot;. واضافت quot;بدأت افقد الامل، اشعر ان الله وحده هو من سيعاقب مرتكبي هذه الجريمةquot;.