أكّد رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي رفض عسكرة الشعب العراقي واستخدام الجيش في العدوان على دول الجوار، وتدخّل الاحزاب السياسية في شؤونه، مشدِّدًا على ابعاده عن الطائفية والحزبية، وإنّما العمل على تسليحه وتجهيزه بأعلى مستوى وصل إليه العلم العسكري في العالم .


قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدى حضوره استعراضًا عسكريًا ضخمًا في بغداد اليوم لمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الجيش العراقي، إنّ هذا الجيش قد سجل الكثير من أجل سيادة العراق وإستقلاله، وكان قادرًا على الحفاظ على أمن البلاد عندما واجه الإرهاب. وكان إلى جانب الأجهزة الأمنية حاضرًا في مهمة الدفاع عن أمن البلاد. وأشار الى انه حين تعرض العراق للارهاب والاقتتال ظل الجيش حاضرًا في الدفاع عن أمن البلاد في الوقت الذي يجري فيه بناء جيش جديد بمفاهيم جديدة ترتكز على المهنية والولاء للعراق. وأوضح انه فيما تحكمت الحزبية والطائفية بمقدرات الجيش سابقًا، فإنّه يجري حاليا بناؤه على أساس المهنية والالتزام بالوطنية وعدم الانحياز لأي جهة سياسيّة.

العراق يعمل على إبعاد الجيش عن التسييس والانقلابات والعدوان

وشدد المالكي بالقول quot;نحن حريصون الآن على عدم تسييس الجيش او تدخل الاحزاب السياسية في شؤونهquot;. ودعا الأجهزة الامنية الى حماية العملية السياسية وحكومة الشراكة الوطنية المنبثقة عنها. وقال quot;نعمل لجيش لا يمارس العدوان على الجوار، وإنما يكون حاميًا للشعب من عبث الارهاب لا سيفًا مسلّطًا عليهquot;.

واضاف quot;لقد كان قادة الجيش بيد يمارسون دورهم في بناء القوات العسكرية وتأهيلها بصورة مهنية ووطنية، وباليد الأخرى كانوا يقاتلون الإرهاب ويواجهون التحدياتquot;. وأشار الى ان الجيش العراقي معروف بمهنيته ووطنيته، لكنه في ظل الدكتاتورية تحول إلى جيش السلطة المسيس وكان جيش العدوان على دول الجوار ومسلطًا على أبناء الشعب. أما اليوم وفي العراق الجديد الذي شيدت فيه العملية السياسية على إحترام الجيش وعدم تسييسه، عدنا لبناء جيشنا على أساس المهنية والوطنية والإلتزام وعدم الانحياز لأي جهة وهذه القيم نشدد ونحاسب عليهاquot; .

وأضاف المالكي quot;لقد حرصنا في حكومة الوحدة الوطنية على ألا يسيس الجيش، وأن يكون للجميع، وليس لجهة معينة وإستطاعت القوى السياسية أن تلتحم بلا تمييز ولا طائفية ولا فئوية. وقد وضعنا هذه المبادئ نصب أعيننا وأولويات عمل حكومة الشراكة الوطنية والقوى السياسية مسؤولة عن حماية هذه التجربة والعملية السياسيةquot;. وشدد بالقول quot;ونحن نعمل على بناء بلد مستقر، نريد جيشًا لا يحمل عدوانية لأي دولة، وأن يكون قائمًا على أساس حماية الشعب وليس كما كان في زمن النظام المباد يستخدم الأسلحة الكيمياوية ضد المواطنين. فاليوم جيشنا يقوم بالتصدّي لجميع التحديات وكل ما تتعرضله العملية السياسية والدولةquot;. واشار الى انه لذلك يجري العمل لتسليح الجيش وتدريبه وتجهيزه وفق احدث وأعلى مستوى وصل اليه العالم، وهو ما يعمل عليه منتسبوه من الجيش السابق ومن انضم اليهمquot; .

واكد المالكي بالقول quot; لا نريد جيشًا مضخمًا ولا نسعى لعسكرة شعبنا ومجتمعنا ولكن نسعى لجيش قادر على مواجهة التحديات وان تتولى اجهزة الامن في وزارة الداخلية الامن الداخلي وان يتولى الجيش حماية البلاد وسيادتها ومواجهة أيّ تحدٍّ خارجيquot; .

واوضح المالكي انه بعد تحقيق الإستقرار سيعود الجيش لمهامه في حماية السيادة الوطنية وتتولى وزارة الداخلية مهمة الحفاظ على الأمن الوطني حتى تكتمل الصورة وبهذه الوحدة وما تحقق من إنجازات نعطي رسالة لكل من يعتقد بأنه قادر على العبث بأمن البلاد بأنه لن يستطيع ذلكquot;. ودعا السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الى التعاون لبناء جيش غير مسيس قادر على حماية البلاد وأن تقوم بتسليحه وتدريبه وتأهيله وفقًا لما يحتاج إليه البلد وما يتطلب حمايته quot;وألا نعسكر شعبنا وألّا يكون لدينا جيش مضخمquot;.

وقد شاركت في الاستعراض العسكري جميع القطعات والصنوف العسكرية في الجيش بحضوررئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني وعدد من الوزراء وأعضاء مجلس النواب والمسؤولين في الدولة وكبارالضباط والقادة في وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية، إضافة إلى ممثلي البعثات الدبلوماسية في العراق.

مراحل تأسيس الجيش ثم حله واعادة بنائه وتسليحه
وقد تأسس الجيش العراقي في السادس من كانون الثاني (يناير) العام 1921 مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة بنظامها الملكي . ثم تبع ذلك تشكيل القوة الجوية العراقية العام 1931 ثم القوة البحرية العراقية العام 1937 وكان اول فوج للجيش العراقي حمل اسم quot;موسى الكاظمquot; لتتوالى بعدها تشكيلاته حيث كان يعد المؤسسة الاولى من حيث تحكمه بالأوضاع السياسية في العراق والانقلابات وايضًا مشاركته في الحروب العربية ضد اسرائيل في الاعوام 1948 و1967 و1973. ومن ثم دخل حروبًا من نوع آخر احداها مع إيران لمدة ثمانية أعوام والأخرى ضد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة إثر غزو الكويت مطلع التسعينات والثالثة لدى حرب العراق في آذار (مارس) العام 2003.

وقام الجيش العراقي منذ تأسيسه بعدة محاولات انقلاب فاشلة .. وفي تموز (يوليو) العام 1958 قام الجيش ابقيادة مجموعة من الضباط ابرزهم عبدالكريم قاسم بالاطاحة بالنظام الملكي وتم اعلان الجمهورية وأصبح قاسم رئيسًا للوزراء ووزيرًا للدفاع بالوكالة، في حين عين عبدالسلام عارف نائبًا لرئيس الوزراء، لكنه عزل بعد شهرين كما تولى رئاسة مجلس السيادة اللواء محمد نجيب الربيعي إلا أن عارف عزل من منصبه بعد شهرين من الاتقلاب. وفي 8 شباط (فبراير) العام 1963 قام الجيش نفسه وبقيادة عبد السلام عارف بالانقلاب على عبد الكريم قاسم وترأس الجمهورية عارف نفسه واثر مقتله في سقوط طائرته العام 1966 تولى شقيقه الضابط الرفيع عبد الرحمن عارف الحكم .

في 17 تموز (يوليو) العام 1968 قاد حزب البعث انقلابًا على عبد الرحمن عارف البعث وشارك فيه قادة من الضباط منهم مدير الاستخابارات عبدالرزاق النايف والقادة في الحرس الجمهوريسعدون غيدان وإبراهيم الداوود فيما تولى رئاسة الجمهورية الضابط الرفيع أحمد حسن البكر .
ثم خاض الجيش العراقي حرب الخليج الاولى مع ايران بين عامي 1980و1988 حيث وصل عديد الجيش الى مليون عسكري وضم 55 فرقة واربعة فيالق اضافة الى الحرس الجمهوري والقوتين الجوية والبحرية .

وفي 23 نيسان (ابريل) العام 2003 أصدر الحاكم الأميركي السابق للعراق بول بريمر قرار حل الجيش العراقي والمؤسسات التابعة له. وفي مذكراته التي اصدرها أخيرًا اكد بريمر أن قرار حل الجيش العراقي لم يكن قرارًا خاطئًا وأن البنتاغون والبيت الأبيض دعما القرار . واشار الى انه عندما ترك العراق منتصف العام 2004 كان نحو 80% من الجنود في الجيش الجديد هم من عناصر الجيش القديم و100% من الضباط كانوا من الجيش القديم. وردًّا على تحميله المسؤولية من قبل سياسيين عراقيين عن قرار حل الجيش ذكر انه quot;كانت هناك خطط قبل الحرب للاستفادة من الجيش، ولكن بعد سقوط نظام صدام لم تكن هناك وحدة واحدة من الجيش العراقي موجودة في مكانها ومواقعها في البلاد.فأصبحت خطط ما قبل الحرب عديمة الجدوى وكان علينا أن نفكر في شكل آخرquot;.

وإثر نقل السيادة الى العراقيين بعد ذلك بدأت عمليات مضنية لإعادة بناء الجيش وتسليحه من اجل حفظ أمن البلاد التي بدأت الجماعات المسلحة المتطرفة بتنفذ فيها عمليات ارهابية طالت العسكريين والمدنيين والاهداف الاستراتيجية،وخصوصًاالبنى التحتية التي تعرضت لدمار الحرب ثم هذه الجماعات... كما تم تشكيل بعض الوحدات لحماية حدود البلاد التي اصبحت بعد السقوط العام 2003 مشرّعة لدخول المسلحين ومهربي المخدرات .

ويبلغ عدد أفراد قوات الجيش العراقي الحالي بحسب وزارة الدفاع العراقية اكثر من 130 ألف عنصر من ضمنها 115 ألفًا في القوات البرية و700 في القوة الجوية و1100 في البحرية و15 ألفًا في القوات الخاصة و11 ألفًا في مختلف وحدات الإسناد القتالية. ويتألّف الجيش العراقي الحالي من 114 فوجًا قتاليًا من ضمنها فوج مكافحة الإرهاب المرتبط بمكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي وفوج الصاعقة، إضافة الى ثمانية أفواج للبنى التحتية الإستراتيجية.
ومن اجل الاستعداد لملء فراغ رحيل القوات الاميركية عن البلاد نهائيًّا مع نهاية العام الحالي، فقد خصصت الحكومة العراقية ضمن موازنة البلاد العامة للعام الحالي مبلغ 13 مليار دولار لتسليح الجيش العراقي وتجهيزه.

لذلك ينتظر ان يشهد العام الحالي أكبر عملية تسليح للجيش منذ سقوط النظام السابق العام 2003 من اجل إكمال جاهزية القوات العراقية قبيل انسحاب نظيرتها الاميركية من البلاد نهاية العام الحالي. وقال مصدر رفيع في وزارة الدفاع إن القوة الجوية العراقية ستحصل على طائرات F 16 نهاية العام الحالي... موضِّحًا انه سيتم أيضًا تجهيز القوات العراقية بأكثر من 100 مدفع خفيف ومتوسط وثقيل اضافة إلى دبابات حديثة وناقلات جند ودروع كاشفًا عن وجود طلب عراقي لشراء طائرات مروحية من نوع اباتشي.