الإعتداءات الجنسية على الأطفال ظاهرة قديمة تتطلب مساهمة مدنية وإعلامية وقانونية للقضاء عليها. ويجمع الاطفال الذين تعرضوا لاعتداءات جنسية في المغرب على أمنية مزاولة مهنة الشرطي مستقبلاً للانتقام ممن سبب لهم أضرارًا معنويّة وجسديّة.


نجية أديب

يطبق الصمت على عدد من ملفات الاعتداء الجنسي ضد الأطفال، خصوصًا من طرف رجال الدين، اذ تزايدت عدد الحالات التي يتورطون بها.

وفيما يعد المغرب من الدول التي تعاني من هذه المعضلة، تقول نجية أديب، رئيسة جمعية quot;ما تقيش ولاديquot; (لا تلمس أبنائي)، وسفيرة الطفولة العربية، إن عدد حالات الاعتداء من طرف فقهاء وأئمة المساجد كثيرة جدًّا، مبرزة أن النسبة الأكبر من هذه الحالات تسجل في محافظة سوس ماسة درعة.

يذكر أن أديب دعت إلى وضع التربية الجنسية كمادة إجبارية في المناهج المدرسية تلقن الطفل معرفة العلاقات أو السلوك المشبوه.

وأشارت أديب في وقت سابق إلى أن الجمعيات المغربية المتخصصة في هذه الملفات لا يمكنها مواجهة الزخم الكبير من الملفات، إذ يقتصر العمل في القيام بحملات توعوية طيلة السنة، ومساندة الأطفال المعتدى عليهم، وتنصيب محامين للدفاع عنهم وتنسيق العمل مع أطباء نفسانيين في مسعى إلى التخفيف من هول الصدمة.

كما أوضحت نجية أديب، في حوار مع quot;إيلافquot;، أن quot;الذكور أكثر من الإناث يتعرضون للاعتداء من طرف رجال الدينquot;، مبرزة أن quot;غالبيّة الاعتداءات تجري في بيوت تكون قرب المسجدquot;.

وعلى الرّغم من افتقار المغرب لمراكز متخصصة في إعادة إدماج الأطفال المعتدى عليهم، أطلقت الحكومة مشاورات مع مجموعات الدفاع عن الطفل بهدف صياغة إستراتيجية وطنية لمكافحة ظاهرة الاعتداء الجنسي.

في ما يلي نص الحوار:

كم عدد الحالات التي سجلتها جمعية quot;لا تلمس أبنائيquot; في السنة الماضية؟

الجمعية تتلقى يوميًا ما بين 4 و5 مكالمات تتعلق بحالات اعتداءات جنسية على الأطفال، ما يعني أنه لا يمكننا تغطية أو تنصيب نفسنا في جميع الملفات، وذلك لسببين، الأول هو أن الدعم المادي غير موجود، وثانيًا، بحكم أن بعض المحامين يوافقون على الترافع عن هؤلاء الضحايا، في حين هناك من يرفضون، متحججين بأن لديهم العديد من الجلسات. لكن لو كان لدينا الدعم الكافي، لنصبنا أنفسنا في جميع الملفات التي ترد الى الجمعية.

هل سجلت حالات اعتداء من طرف رجال دين؟

هناك حالات كثيرة جدًا، خصوصًت من قبل فقهاء وأئمة المساجد. كما أن هناك ضحايا لهؤلاء الأشخاص، يأتون فقط ليسردوا حكاياتهم، دون أن يرغبوا في التبيلغ، أو متابعتهم قضائيًا، إذ إنّهم يكتفون فقط بـ quot;الدعاء عليهمquot;.

ويقولون إن لا أحد سيستمع لشكواهم، كما أن لا أحد يمكن أن يعطي لهم حقهم، أو يصلح ما انكسر.

وأي الجنسين الأكثر تعرضًا للاعتداءات على أيدي رجال الدين؟ وأين تتم؟

الذكور أكثر من الإناث. وأغلب الاعتداءات تجري في بيوت تكون قرب المسجد.حكت لي إحدى السيدات، أن أحد الفقهاء، الذي كانت تدرس عنده، كان يعلم الأطفال في الطابق السفلي، وعند الانتهاء يطلب من الجميع المغادرة، إلا هي، ليمارس معها الجنس.

كما سجلنا، أخيرًا، حالات مماثلة في مدن الجديدة، والفقيه بنصالح، ومكناس، العرائش، حيث اعتدى أب على ابنتيه. وحسب التقديرات الأولية يمكن أن تصل النسبة إلى حوالى 20 في المئة، والنسبة الأكبر من الاعتداءات من طرف رجال الدين تسجل في جهة (محافظة) سوس ماسة درعة.

هل يجري تأهيل هؤلاء الأطفال نفسيًّا لتجاوز الصدمة النفسية التي يعانون منها نتيجة تعرضهم للاعتداء؟

كيف يمكننا أن نؤهل الضحايا نفسيًا؟ يمكن أن نؤهل أولئك الذين يوجدون في الدار البيضاء، أو في الرباط، أو في مكناس، أما في المناطق البعيدة لا يمكن ذلك، لأنه لا توجد هناك حتى مستوصفات. اطباء النفس موجودون فقط في المدن الكبرى.

وإذا أرادت الأسرة أن تعرض ابنها على طبيب نفسي فإنها تحتاج إلى الأموال من أجل التنقل، وغيرها من الأمور.

خلاصة القول يبقى هؤلاء الأطفال ضحايا للمجتمع، واكثر ما يكن فعله هو ان تنصفه المحكمة. وبالنسبة إلي فإنني أعتبر أن الإنصاف في المحكمة هو نصف العلاج.

فمثلاً، رئيس خيرية في سلا، كان يمارس الجنس على النزيلات القاصرات لمدة سنوات، وبعد أن تابعناه قضائيًا، أدين بستة أشهر مع وقف التنفيذ. وليس هذا فحسب فهناك من تجري تبرئتهم. وأقول إن المشرع الذي وضع هذه القوانين عذب نفسه فقط، دون فائدة، إذ إنّ النّصوص في واد، والتطبيق في واد آخر.

لديكم برامج عمل مع الوزارة الوصية؟

نحن نفكر حاليًّا، بحكم أنه لدينا شراكة مع الوزارة الوصية، من أجل وضع برنامج، بالنسبة إلى نزلاء الخيريات والأطفال في القرى النائية، الذين يتعرضون للاغتصاب، يتمثل في إدماج طبيب نفسي في كل مستوصف، حتى يكون قريبًا من هؤلاء الضحايا.

ما أبرز ما لاحظتم في الحالات التي تردكم؟

الأطفال الذين يتعرضون للاعتداءات الجنسية، عندما نتحاور معهم، نكتشف شيئًا خطرًا، إذ عندما نطرح عليهم سؤالاً أخيرًا حول ماذا يريدون أن يكونوا في المستقبل، يرد أغلبهم بالقول quot;أريد أن أكون شرطيًّا، لأنتقم من الشخص الذي إعتدى عليquot;.