المالكي مجتمعاً مع السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية في بغداد

دعا ممثلون عرب وأجانب عن مختلف الديانات السماوية لدى افتتاح المؤتمر الدولي لـ quot;حوار الاديانquot; في مدينة النجف العراقية اليوم إلى إحترام دين الآخر والتعايش بين الأديان ونبذ التطرف الديني وطالبوا المسيحيين العراقيين بعدم الرحيل عن العراق... فيما دعا رئيس الوزراء نوري المالكي العرب الى مشاركة فاعلة في قمتهم المقررة في بغداد وفتح سفاراتهم التي لم تفتح بعد في العراق مؤكدا حاجة بلاده الى مساعدتهم في عمليات الاعمار وتطوير الاقتصاد الجارية فيه.


لدى بدء أعمال المؤتمر الدولي لحوار الاديان في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) مركز المرجية الشيعية العليا تمهيدا للاحتفاء بالمدينة عاصمة الثقافة الاسلامية عام 2012 قال وكيل وزارة الثقافة العراقية طاهر ناصر الحمود في كلمة له إن الحوار الحقيقي بين الأديان لا يتحقق إلا اذا اعتمد مبدأين أساسيين أولهما القبول بدين الآخر واحترامه تحت اي ظرف كان وثانينهما التعامل بين الأديان المختلفة في المشتركات. وأكد الحمود على ضرورة اشعار الجميع بالتساوي وتكافؤ الفرص مضيفا انها قيم كفلها الدستور العراقي quot;إذ لا معنى للحوار اذا كان هناك من يشعر بالغبنquot;.

200 شخصية روحية تشارك في المؤتمر

ويشارك في المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام حوالى مئتي شخصية دينية واكاديمية من العراق والدنمارك وسوريا والمغرب وفرنسا ومصرولبنان وهولندا وايران وتركيا والسعودية وكندا بينهم ممثلون لمراجع الشيعة في النجف.

واختيرت النجف حيث مرقد الامام علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين واول الائمة لدى الشيعة الاثني عشرية عاصمة للثقافة الاسلامية للعام 2012 في مؤتمر منظمة الثقافة الاسلامية الذي عقد في اذربيجان في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2009.

من جانبه أكد رئيس مجلس محافظة النجف فائد الشمري أن النجف سبق أن احتضنت الديانات السماوية الكبرى قبل الإسلام في الحيرة والمناذرة موضحا أنها اليوم باتت ملتقى الجميع من مختلف الأديان والمذاهب. وشدد على دور علماء النجف في ترسيخ الحوار في كل القضايا المفصلية التي تخص العراق والعالم الإسلامي.

وفي كلمة له انتقد رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري التطرف الديني مؤكدا أنه نابع من الفهم الخاطئ للدين.. فيما دعا ممثل رئيس ديوان الوقف السني محمود علي الفلاحي المسيحيين العراقيين إلى البقاء في وطنهم. اما رئيس ديوان الوقف المسيحي عبد الله النوفلي فقد عبر عن ثقته بالأخوة الاسلامية المسيحية في العراق ولا سيما بعد محنة كنيسة سيدة النجاة داعيا إلى حوار بناء يؤسس للتعايش بين مختلف الأديان لضمان الأمن والسلام في البلاد.

ومن جانبهم شدد ممثلو ديانتي الصابئة المندائية والايزيدية على ضرورة احترام قيم التسامح والانفتاح على الآخر في عراق يضم الجميع الديانات والمكونات. وقال العلامة سامي البدري احد رجال الدين الشيعة الباحثين في علوم الدين quot;هنالك وسائل يمكن ان تقرب بين الاديان والمذاهب في العراق والعالمquot;.

وأوضح ان بين هذه الوسائل quot;التعايش السلمي بين اتباع المذاهب واعتبار التعددية حقيقة لا بد من الاعتراف بها ومواصلة الحوار في جو من الشفافية والمحبة لتشخيص الجوانب المشتركة بين المذاهب لتشكل القاعدة الصلبة لاتباعها لمواصلة الحوار حول مواقع الخلاف في الاجواء ذاتهاquot;.

اما الشيخ محمد الخزنوي مدير quot;مدرسة ابناء الشهداءquot; في سوريا فقال quot;يمكننا بالتأكيد التقريب بين المذاهب باختيارنا الافضل منهاquot;. ومن جهته قال القسيس معن بيطار من الكنيسة الانجيلية في سوريا ان quot;كل لقاء بركة فكيف اذا كان يجري ضمن حوار الاديان؟ نتمنى ان نخرج برؤى صالحة تطبق عمليا بين الناس فهذا المؤتمر فرصة لترسيخ ثقافة الاعتراف بالاخر والتعايش معهquot;.

واعرب مدير العلاقات العامة في وزارة الثقافة في اقليم كردستان عن امله ان تتركز اعمال المؤتمر على الصلات المشتركة بين الاديان وليس على الاختلافات، فيما أشار باحث ايزيدي الى اهمية اعتماد النهج العقلاني في التقريب بين وجهات النظر.

وقال ازاد ان quot; انعقاد هذا المؤتمر ياتي في هذه المرحلة التي قامت فيها بعض الاطراف بتوظيف الدين في قضايا سياسيةquot;. وقال ان quot;المؤتمر سيعمل على نشر ثقافة التسامح وقبول الاخر والبحث عن النقاط المشتركة بين هذه الاديانquot;.

العمل لتقارب ديني وفكري

ومن جانبه أشار وزير الثقافة العراقي سعدون الدليمي في تصريح سابق لايلاف ان المؤتمر يهدف إلى أحداث نوع من التقارب الديني والفكري بين أطياف المجتمع العراقي وتوطيد العلاقات بين مختلف الأديان والمذاهب لتجنب تكرار عمليات القتل التي واجهها العراقيون من مختلف الطوائف في الفترة بين عامي 2006 و2008 بسبب نشوب الاقتتال الطائفي. وأوضح ان المؤتمر يسعى الى quot;تقريب الفواصل التي تسببت بها الجماعات الارهابية ومحاولة العودة بالاديان الى قاعدة المشترك والاعتراف بالتنوع على انه ضرورة انسانية وسنه الهيةquot;.

وأشار الى ان المؤتمر سيبحث في ثلاثة محاور اساسية quot;الاول يعرج على مفهوم الحوار بين الاديان ومدى ضرورته للتعايش الانساني.. والثاني يتناول المشتركات الجوهرية بين الاديان السماوية كالايمان باله واليوم الاخرالايمان بالنبوة وهكذا.. اما المحور الثالث فيتناول التحديات التي توجهها الاديان السماوية هذه الايام ومنها الكفر والتكفير النزعه المادية والانحلال الاخلاقي استخدام السياسة للدين كاداة لتحقيق المصالح الفئوية والحزبية والتطرف الديني.. ويناقش المحور الرابع مقومات النجف الاشرف الدينية والتاريخية والحضارية للاسهام في حوار الاديان.. فيما يتناول الخامس دور الاديان في نشر ثقافة التسامح والاخوة الانسانية ونبذ العنف والارهابquot;.

يذكر ان مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة مسؤوليتهم عن الهجمات التي اثارت مخاوف من عودة العنف الطائفي الذي اجتاح العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 ووصل الى ذروته في عامي 2006 و2007.

وقال تنظيم دولة العراق الاسلامية المرتبط بالقاعدة ان العراقيين المسيحيين سيكونون اهدافا للمزيد من الهجمات الا اذا ضغطوا على الكنيسة المصرية لاطلاق سراح نساء يقول ان الكنيسة تحتجزهن بعد اعتناقهن للاسلام.

ووصل عدد المسيحيين في العراق الى نحو 1.5 مليون شخص يوما ما لكن يعتقد الآن ان عددهم تراجع الى اقل من 850 الفا من بين سكان البلاد البالغ مجموعهم 30 مليون نسمة. وقالت الامم المتحدة ان نحو الف أسرة مسيحية هربت الى اقليم كردستان في شمال العراق او الى بلدان مجاورة منذ الهجوم على الكاتدرائية.

المالكي يدعو القادة العرب لمشاركة فاعلة بقمتهم في بغداد

ودعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العرب الى مشاركة فاعلة في قمتهم المقررة في بغداد في الثالث والعشرين من اذار (مارس) المقبل وفتح سفاراتهم التي لم تفتح بعد في العراق مؤكدا حاجة بلاده الى مساعدتهم في عمليات الاعمار وتطوير الاقتصاد الجارية فيه.

وأضاف المالكي في كلمة ألقاها خلال اجتماع اليوم مع السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق quot;نحن على إستعداد لتقديم جميع التسهيلات للدول العربية الشقيقية للحضور في العراق وفتح السفارات التي لم تفتح حتى الآن وان جهودنا تنصب لإنجاح القمة العربية المقبلة التي ستعقد في بغداد ونتطلع إلى أن يكون الحضور فيها بشكل واسع من قبل القيادات العربية وإنطلاقا من مؤتمر القمة العربية نريد ان نكون اكثر حضورا وتعاونا مع الدول العربية وأن نكون سوية في المحافل الدولية والإقتصاد على قاعدة الإحترام المتبادل والمصالح المشتركةquot;.

وقال quot;ان العراق يفتح قلبه وذراعيه للجميع لأنه مقبل على تطور في مجالات البناء والإعمار والإقتصاد والثروة والنفط ،وان خير العراق هو خير لجميع أشقائة وان هذا اللقاء بالسفراء العرب يأتي في ظل الظروف التي عبر بها بلدنا نحو الإستقرار والإعمار والبناءquot;. وأشار الى ان العراق quot;قد انجز الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية وهو إنجاز كبير جدا وتبقت أمامنا مهام بناء الدولة على أساس الدستور الذي نؤمن به والإنطلاق بعلاقات واسعة مع محيطنا العربي والإقليمي والدوليquot;.

وأكد المالكي ان الحكومة العراقية تسعى دائما الى تكوين علاقات قوية مع جميع الدول العربية وعلى مستوى السفراء والجامعة العربية أيضا وقال quot;نحن نتجه الى البناء والاعمار وتطوير الاقتصاد ونحتاج إلى مساعدة أشقائنا في هذا الإطار من التعاون وتبادل المصالحquot;.

وقال quot;ان بلدنا كباقي الدول يمر بأزمات أوقد يشهد إختلافات لكن الشيء الذي نمتاز به هو اننا نتفق في النهاية واصبح منهجنا ان نتفق في إطار بلدنا وتحقيق مصالحه وان كل التجارب التي قامت على التمييز على أسس طائفية وفئوية وغيرها قد إنتهت نتيجة الإصرار على الوحدة الوطنية وان العراق قد إستفاد من تجربته ولم يعد هناك اليوم عراقي من الدرجة الأولى أو الثانية والكل متساوون ونحن نتجه لقطف ثمار النجاح الذي حققناه واذا كان البعض ليس شريكا بالسلطة التنفيذية فالجميع دخلوا فيها اليوم ولم يعد هناك أحد خارج دائرة المسؤولية وكان شعارنا المصالحة الوطنية وقد أنجزنا المصالحة المجتمعية، وبتشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي ضمت الجميع حققنا الشق الثاني من المصالحة الوطنية وهو المصالحة السياسية والمبدأ الذي نعمل به هو أن يكون الكل أساسيا في العملية السياسية وقدأصبحنا شركاء في تحمل المسؤولية وهو ما يعطينا دفعة قوية نحو البناء والإعمارquot;.

وأضاف رئيس الوزراء العراقي ان الحكومة الحالية لاتختلف كثيرا عن الحكومة السابقة فرغم التحديات الكبيرة التي واجهتها إلا انها ومن خلال مجلس الوزراء لم تتأثر بأي شيء وسيكون مجلس الوزراء الجديد على النهج نفسه والجميع سيعملون بمسؤولية.

من جهتهم أكد أعضاء وفد سفراء الدول العربية ومن خلال عملهم في العراق يعيشون معه بكل مشاعرهم وأحاسيسهم ،مشيدين بما يلمسونه من تقدم مستمر على مختلف الأصعدة. وشددوا على انهم انهم يتطلعون الى عقد القمة العربية المقبلة في بغداد وانهم سيقدمون كل ما بوسعهم لمساندة العراق في إنجاح هذه القمة.

النجيفي: ضرورة انعقاد القمة بمكانها وموعدها

وخلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد اليوم شدد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي على quot;ضرورة انعقاد القمة العربية في بغداد بموعدها المحددquot; مؤكدا أن quot;العراق لديه القناعة الكافية بالحضور العربي على مستوى عالquot;.

وتعتبر استضافة العراق للقمة العربية التي تجمع رؤساء وملوك الدول الأعضاء في الجامعة العربية الحدث الدولي الأكبر الذي تنظمه البلاد منذ عام 2003 حيث شكلت أمانة بغداد لجنة لتهيئة وتأمين المتطلبات الخاصة بمؤتمر القمة العربية وتقديم الرؤى والأفكار والتحضيرات المطلوبة لتحسين وتطوير الواجهة العمرانية لمدينة بغداد بما يتناسب مع تاريخها ومكانتها بالتنسيق مع الوزارات والجهـات ذات العلاقة أضافة الى تخصيص حوالي 200 مليون دولار لانفاقها على تكاليف استضافة القمة هذه.

يذكر أن العراق استضاف القمة العربية لمرتين الاولى بدورتها التاسعة عام 1978 والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد.. والثانية بدورتها الـثانية عشر عام 1990 والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة وتبعها احتلال العراق للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.

وكانت القمة العربية الاخيرة قد اتخذت قراراً بعقد القمة المقبلة في العراق على الرغم من ان البروتوكول المعمول به في الجامعة العربية يقر باستضافة مؤتمرات القمة بحسب الترتيب الابجدي حيث كان من المفترض عقد القمة السابقة في بغداد طبقا لهذه القاعدة.