بلا أي موقف نهائي حتى الآن، ظلت إستقالة وزير الداخلية الكويتي في مهب أزمة سياسية قد تتعمق في الكويت، على خلفية الطلب من الوزير الإستمرار في منصبه، وأداء مهام وظيفته بإيعاز أعلى، وهو الأمر الذي قد يعيد الموقف الى دوامة الإستجواب.


الشيخ جابر الخالد الصباح

تلقى وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح ثقة أميرية إستثنائية غير مسبوقة من قبل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، توازي الشجاعة غير المسبوقة للوزير الكويتي في تحمل المسؤولية السياسية والأدبية بعد ظهور حالة تعذيب في أحد المراكز الأمنية الكويتية أدت الى وفاة مواطن كويتي، إذ تقدم الوزير الكويتي بإلاستقالة الى رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح، مؤكدا أنه لن يقبل أن يظلم أو يهان أي متهم في الإدارات التابعة للوزارة التي يقودها منذ العام 2007. لكن إستقالة الوزير الخالد رفضت من قبل القيادة السياسية، وسط أنباء عن عزمه التمسك بها، في ظل تهديد بمساءلته سياسيا عبر توجيه إستجواب ثالث له في غضون عام ونصف العام.

واستدعى الأمير الكويتي وزير الداخلية الى مكتبه الخاص، وسمع منه تفاصيل القضية كاملة منذ الإعلان عن وفاة المواطن الكويتي، وسر التناقض في أكثر من بيان صدر عن وزارة الداخلية، وصولا الى تصريحاته في مجلس الأمة، وإستقالته لاحقا على نحو مسبب. إذ أكد الوزير الخالد للأمير الكويتي أنه لم يلجأ للإستقالة كهروب من إستجواب لوح به أعضاء مجلس الأمة الكويتي، فهذا حق لأي نائب سبق له أن جابهه وفنده أكثر من مرة، وإنما الإستقالة فعل يعتبرها فعلا مسؤولا لتحمل المسؤولية السياسية والأدبية بصفته مسؤولا عن التجاوزات الواقعة في وزارته، وتطرق الوزير الكويتي في حديثه الى الأمير الكويتي عن وجود قيادات أمنية تابعة للوزارة يجب أن تخرج من الخدمة العامة فورا في عملية quot;تنظيف واسعة النطاقquot;، لأنها تعتبر نفسها فوق الرقابة والسؤال.

وبحسب معلومات quot;إيلافquot; فإن الوزير الخالد أبلغ أمير الكويت أنه تعرض لعملية تضليل متعمد لإضعافه سياسيا من قبل قيادات أمنية لم تنقل إليه الحقيقة كما هي في الساعات الأولى في وفاة المواطن الكويتي الذي أزهقت روحه بسبب التعذيب الذي مورس بمعرفة قيادات أمنية تجاوزت حدود وظيفتها المرسومة قانونيا ودستوريا، كما لم توضح الحقائق له كمسؤول أول في الوزارة، متطرقا أمام الأمير الى وجوب تنظيف إدارات الوزارة التي يقودها من بعض القيادات، وإحلال قيادات كفؤة جديدة بدلا منها، وهو الأمر الذي عهد به الأمير الكويتي للوزير الشيخ الخالد، مطالبا إياه بالبقاء ضمن الفريق الحكومي، وطي مسألة الإستقالة، وتنفيذ أي خطوات لازمة لتصويب مسار عمل إدارات وزارة الداخلية بما يتواءم مع القانون والدستور.

وترجمة للأمر الأميري للوزير الشيخ الخالد فقد ناقش مجلس الوزراء الكويتي إستقالة الوزير، وطلب منه الإستمرار في عمله، وأداء واجبات منصبه، والقيام بما يلزم من خطط وقرارات للنهوض بأداء وزارته، وإطلاق يديه في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب مع أي قيادات في الوزارة، والتعاون التام مع لجنة التحقيق البرلمانية في قضية تعذيب ومقتل المواطن الكويتي، وهو الأمر الذي يعني أن إستقالته قد رفضت، بسبب نجاحات الوزير الكويتي في أكثر من ملف داخلي، وعلى مستوى التنسيق الأمني في الإقليم.

يأتي ذلك في وقت تعتزم فيه أكثر من كتلة برلمانية إيداع صحيفة إستجواب للوزير الخالد في مكتب الأمانة العامة لمجلس الأمة، تمهيدا لسيره في الأطر القانونية والدستورية لتحديد جلسة مناقشته، وسط إحتمالات بأن يقدم الإستجواب يوم الخميس، أو يوم الأحد المقبل، دون إنتظار نتائج نهائية قد تتوصل إليها لجنة التحقيق البرلمانية التي تتجه الى تبرئة ساحة الوزير الخالد من أي صلة له بالقضية برمته، وتعرضه للتضليل من قبل قيادات أمنية سعت للتستر على الحقيقية.

ويأتي هذا الإستجواب المتوقع للشيخ الخالد ليكون ثالث إستجواب يوجه إليه منذ تشكيل الحكومة الكويتية الحالية في الثلاثين من أيار- مايو من العام 2009، إذ نجح في عبور إستجوابين من قبل على خلفية إتهامات بالفساد والتعدي على المال العام، وهي إتهامات نجح في تفنيدها، وأصر البرلمان الكويتي على تجديد الثقة بالوزير الشيخ الخالد مرتين.