بغداد: ينتقل مفهوم quot;الحرب على الارهابquot; الى مرحلة جديدة في خضم الانتفاضات المتلاحقة في العالم العربي حيث يتخلى الغرب عن الانظمة التقليدية التي كانت شريكة في محاربة التطرف ليقيم علاقات مباشرة مع الشارع الاسلامي، بحسب عدد من المحللين.

ويقول خبير الشؤون العربية ابراهيم الصميدعي إن quot;الحرب على الارهاب تغيرت وجهتها الآن، وبدات بازاحة الانظمة التقليدية التي كانت تعمل على اخافة الغرب من الاسلاميين وتسعى الى علاقات وثيقة معه بحجة الشراكة في محاربة المنظمات الارهابيةquot;.

ويضيف ان الاميركيين quot;وصلوا الى الشارع الاسلامي الذي يطالبهم مع القوى الغربية الاخرى بالتدخل المباشر لاقصاء حكام استولوا على السلطة منذ عقودquot;. وفي خطوة هي الاولى من نوعها في الحركات الاسلامية، يطالب ثوار ليبيا quot;الذين يتزعمهم اسلاميونquot;، القوى الغربية بالتدخل لاقصاء العقيد القذافي.

كما يسود اعتقاد واسع في اوساط المراقبين ان الانظمة الجمهورية في العالم العربي، وخصوصا مصر وسوريا وليبيا والجزائر واليمن، استغلت علاقاتها مع القوى الغربية لتوطيد حكمها وترسيخ سلطتها بذريعة محاربة الاسلاميين المتطرفين.

ويتابع الصميدعي متسائلا quot;ماذا سيحدث اذا سارت تظاهرة ضخمة في دمشق او طهران تطالب القوى الغربية بالتدخل؟ على غرار ما يحصل ليبياquot;. وقد انطلقت قبل اكثر من اسبوع تظاهرات ضد النظام في جنوب سوريا جوبهت برد قاس من جانب السلطة، وذلك قبل ان تمتد الاحتجاجات الى عدد من المدن الجمعة الماضي.

وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دعا في بروكسل الجمعة الماضي سوريا الى وقف العنف حيال المتظاهرين مؤكدا ان رد فعل الاسرة الدولية واوروبا quot;سيكون هو نفسه في كل مرةquot;. وقال ساركوزي ان quot;كل زعيم وخصوصا كل زعيم عربي يجب ان يفهم ان رد فعل الاسرة الدولية سيكون هو نفسه في كل مرةquot;.

وتشن فرنسا ودول غربية اخرى عملية عسكرية في ليبيا هدفها وقف هجوم القوات الليبية الموالية للعقيد معمر القذافي على الثوار. من جهته، يقول بول سالم مدير مركز كارنيغي للابحاث في الشرق الاوسط، ومقره بيروت، ان quot;الاسلام السياسي بدأ منذ سنوات يتخذ مواقف ضد الارهاب والتطرف بحيث اصبح التباعد بينه وبين التنظيمات المتشددة واضحا، وخصوصا في مصر واليمن والمغرب في وقت كانت الانظمة تعمل على اخافة الغرب منهquot;.

يذكر ان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش اطلق quot;الحرب على الارهابquot; اثر اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001. ويتابع سالم ان quot;الاحزاب اسلامية الكبيرة مثل الاخوان المسلمين بدات تشهد تحولات تجاه الاخرين والغرب (...) بسبب فشل التجارب في ايران والسودان الا انها لم تصل بعد الى مستوى الخيار التركيquot;.

وقد دابت واشنطن منذ فترة على تشجيع مصر وغيرها على الاقتداء بالنموذج التركي حيث تحكم حكومة ذات خلفية اسلامية لكنها تقر مبادئ الديموقراطية والانتخابات وتداول السلطة. ويضيف سالم quot;كان الغرب وقسم كبير في المنطقة يعتقد بان الانتفاضات سيقودها الاسلاميون لكن ما حدث اثبت العكس لان الاسلام السياسي شارك فيها متاخراquot;.

ورغم ترددها في البداية، باتت الاحزاب والحركات الاسلامية المنبثقة عن الاخوان المسلمين او تلك التي تستلهم مبادئهم تتصدر الاحتجاجات في مصر واليمن والجزائر والاردن والمغرب. ويؤكد سالم ان quot;الانتفاضات قادها شبان دون انتماءات سياسية انما يطالبون بالحرية وحقوق الانسان والديموقراطية وحق التنوع والاقليات (...) لم يرفعوا شعارات تتعلق بالسياسة الخارجية مطلقا. لقد شكل هذا مفاجأة للغرب والحكام ايضاquot;.

ويرى ان quot;الغرب يحاول الآن استيعاب ما يحدث فالخوف من سقوط الانظمة الجمهورية زال تماما (...) فهو يقف متفرجا باستثناء تدخله في ليبياquot;. ويختم قائلا ردا على سؤال ان quot;الانتفاضات اثبتت ان الشعب اقوى من كل الاحزاب الاسلامية (...) لكن لكل بلد خصوصياتهquot;.

بدوره، يعتبر استاذ جامعي يرفض ذكر اسمه ان quot;الاحداث في الدول العربية تربك الجميع وقد تحدث فوضى عارمة في بلد مثل اليمن حيث التشابك واضحا بين عوامل عدة ابرزها تاثير الارهاب وسلوك الاجهزة الامنية وتحالفات القبائلquot;. ويتابع quot;رغم صحة مقولة ان ما حدث في تونس ومصر لا ينطبق على غيرها، الا ان عدوى الاحداث مرشحة للتفاعل في كل مكان ما لم يتم تدارك المشاكل في القريب العاجلquot;.