دعا أرشاد هورموزلو كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غول لشؤون الشرق الأوسط دول الجوار إلى فتح حوارات مع شعوبها. وأكّد هورموزلو في حوار مع (إيلاف) من إسطنبول أنّ أنقرة لا ترى مبررًا لاستياء تلك الحكومات من انعقاد مؤتمرات لمعارضيها على الأراضي التركية.


أرشاد هورموزلو كبير مستشاري الرئيس التركي لشؤون الشرق الأوسط

أسامة مهدي من أسطنبول: قال أرشاد هورموزلو كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غول لشؤون الشرق الأوسط إن بلاده لا ترى مبررًا لاستياء حكومات دول الجوار من انعقاد مؤتمرات لمعارضيها على الأراضي التركية، داعيًا في حديث مع quot;إيلافquot; هذه الحكومات إلى فتح حوار مع شعوبها، مؤكداً أن الزمن الآن للإصلاح وليس للقمع، ونفى بشدة استحواذ بلاده على حصة العراق المائية، مؤكدًا أنه لايمكن لتركيا أن تسمح بأن يعطش العراق وفيها مياه.

تركيا ومؤتمرات المعارضة

يقول هورموزلو ردًا على سؤال لـquot;إيلافquot; حول تذمر حكومات دول مثل سوريا والعراق وليبيا من عقد مؤتمرات لمعارضيها على الاراضي التركية ان بلاده لاترى اي مبرر على الإطلاق لهذا الاستياء.

وأكد عدم وجود موقف رسمي تركي ضد العراق أوسوريا، وانما هناك سياسة واضحة تتعامل معها بلاده، تقوم على السماح لأي شخص او مجموعة بالتعبير عن رأيهم سلميًا، وبدون عنف على الأراضي التركية. وتساءل قائلاً: لماذا لا تنزعج هذه الدول عندما تعقد مؤتمرات مماثلة في دول اوروبية؟.

واشار الى انه بدلاً من عدم الرضا عن هذه المؤتمرات، فإن على الحكومات المعنية ان تستثمرها وتستمع الى اصوات المحتجين، وتفتح حوارات معهم،وتستجيب لمطاليبهم المشروعة. وشدد بالقول على quot;لسنا مع أحد ضد أحد او اي نظام في المنطقة، لأننا مع الشعوب واصواتها لأنها هي التي تقرر شؤونها الداخلية، وليس من واجب تركيا ان تفعل ذلك، وترتب لهم بيوتهم، ولكنهم اذا طلبوا مساعدة منا لتحقيق هذا الهدف، فإننا مستعدون لأنهم اخوتناquot;.

وعن موقف أنقرة الرسمي من تظاهرات الاحتجاج التي خرجت في دمشق ضد السفارة التركية والمطالبة باسترجاع لواء الإسكندرونة، أشار هورموزلو إلى أن حكومة بلاده غير منزعجة من هذه التظاهرة ما دامت سلمية، لكن المطالب بتغيير الحدود فهي غير منطقية.

وأضاف كبير مستشار الرئيس التركي ان بلاده ترى ان الربيع العربي الذي تشهده بلدان عربية عدة حاليًا هو رسالة إلى الانظمة في هذه البلدان بأن تكون أجرأ من شعوبها في تحقيق الإصلاحات وإنهاء الحكم الشمولي وتلبية مطالب الشعب.

وشدد بالقول على أن الزمن الآن ليس زمن التسلط والقمع بالرصاص، وانما هو للاحتكام الى صوت الشارع والى الحوار واللجوء الى صناديق الاقتراع.

مشكلة المياه والتهديدات العراقية وزيارة غول لبغداد

حول ما اذا كان الرئيس التركي عبد الله غول ينوي القيام بزيارة قريبة الى العراق، اشار هورموزلو الى ان هناك زيارة من هذا النوع، وقال إن غول سيزور كركوك، كما يزور بغداد ومدنًا عراقية أخرى quot;فكلها عزيزة عليهquot;، على حدّ تعبيره.

وردًا على سؤال حول الضجة المثارة في العراق حاليًا حول ماتقول سلطاته إنه اعتداء تركي على حقها وحصتها من مياه الرافدين في دجلة والفرات، اشار المستشار هورموزلو الى ان ملف المياه شأن فني، ولا يجوز ربطه بقضايا سياسية بين الدول المتجاورة والمتشاطئة.

وقال إن المشكلة حول هذا الامر تكمن في التعتيم على المعلومات المقدمة الى الشارع العراقي،تجعله يشكو من بناء سدود تركية على الفرات أو مما يدعى باستحواذ تركيا على حصة العراق من المياه، مؤكدًا في هذا المجال انه ليست هناك اي سدود تركية على نهر دجلة، وهو مايعني ان كل مياه النهر التي تعبر تركيا تذهب الى العراق، وتبلغ كمياتها 30 مليار متر مكعب سنويًا.

وأضاف انه بفضل الروافد التي تصبّ في النهر داخل الاراضي العراقية، فإن كميات المياه في دجلة تصل بعد ذلك الى 56 مليار متر مكعب.

اما بالنسبة إلى نهر الفرات فقد اوضح هورموزلو ان هناك بعض السدود التركية عليه، ولكنهاتحتوي على انظمة تعمل في حال ازدياد المياه على تخزينها، ثم اطلاقها عند الحاجة لاستخدامات الري والطاقة.

وقال إن تركيا عالجت اخطاءها السابقة في ما يخص روافد نهر الفرات، حيث انها كانت غير مغطاة، فعملت على تغطيتها حتى لا تتبخر مياهها، لكن العراق لايوفر هذه الطريقة، كما ان المنازل في سوريا تسرب املاحها الى المياه الذاهبة إلى العراق.

وأشار إلى أن تركيا وسوريا وقعتا عام 1987 اتفاقًا لاطلاق 500 متر مكعب في الثانية من مياه الفرات الى سوريا، على ان تطلق هذه 58% منها الى العراق، بحسب اتفاق بين البلدين. واضاف quot;لكن مثل هذه الاتفاقات غير موجودة حتى الآن بين تركيا والعراقquot;.

وحول التهديدات العراقية الاخيرة لتركيا بوقف التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين، أشار هورموزلو إلى ان الاتفاقات الثنائية تكون عادة لمصلحة البلدين الموقعين عليها، واذا ما اوقف العراق التوقيع على اتفاقية التعاون هذه، فإنه سيتضرر من ذلك ايضًا، وهو أمر يجب عدمالاقدام عليه quot;ولا داعي لهquot;.

وأكد ان تركيا مستعدة بشكل كامل لمساعدة العراق على حل مشكلة المياه، لكنه لايتحرك بهذا الاتجاه، وقال quot;طلبنا مرات عدة بعقد اجتماع مشترك لوزراء المياه في تركيا والعراق وسوريا، لكنه لم تتم الاستجابة لهذه الدعوةإلى الانquot;.

وأكد كبير مستشاري الرئيس التركي ضرورة عدم الزج بالسياسة او اللجوء الى التهديدات في مسائل فنية مثل قضية المياه، مشددًا بالقول على quot;أننا لانقبل مطلقًا ان يعطش العراق، وتركيا تملك المياهquot;.

وعبّر عن الأمل في ان يبقى تداول هذه المسألة من قبل المسؤولين العراقيين في جانبها الفني مع ابداء كل الاطراف لحسن النية من اجل التوصل الى اتفاقات ترضي الجميع، وتنهي هذه المشكلة.

وكانت الحكومة العراقية أعلنت في الأسبوع الماضي وقفها توقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع تركيا المعقودة عام 2008 مشترطة توقيعها على اتفاقية المياه مع العراق.

وقال وزير الدولة المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ خلال مؤتمر صحافي ان مجلس النواب العراقي أوقف التصديق على الاتفاقية الاستراتيجية مع تركيا، شرط أن توقع تركيا اتفاقية المياه مع العراق.

وانتقد الدباغ الجانب التركي لما قال انه عدم توقيعه اتفاقية مع الجانب العراقي تضمن حصة العراق المائية،فضلاً عن تقنين تركيا حصة العراق المائية، واصفًا هذا الأمر بغير المقبول.

وكان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أعلن خلال زيارته الى بغداد عام 2008 وإجرائه مباحثات مع رئيس الوزراء نوري المالكي عن توقيع اتفاقية quot;الاعلان السياسي المشتركquot; التي تضمنت إحدى بنودها تشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي المشترك، الذي يعمل على تنظيم العلاقة بين البلدين، ويكون برئاسة رئيسي وزراء البلدين، على أن يجتمعا سنويًا مرة واحدة، في حين ضم المجلس في عضويته الوزراء المعنيين في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والأمن والموارد المائية، مع إمكانية أن يقرر رئيسا الحكومتين توسيع المجلس ليضم وزراء ومسؤولين في مجالات معينة مع تطور التعاون الثنائي ليشمل تلك المجالات.

ويتكفل المجلس الأعلى للتعاون الاسترتيجي المشترك بالعمل على العديد من القضايا، من بينها التعاون السياسي والاقتصادي والطاقة والمياه والثقافة والتعاون الأمني والعسكري.

جاءت هذه الاتفاقية تتويجًا لمذكرة التفاهم الموقعة بين المالكي وأردوغان عام 2007 وزيارة الرئيس العراقي جلال طالباني إلى أنقرة في آذار (مارس) من العام نفسه، حيث تم توقيع اتفاقية ثنائية بين العراق وتركيا لتشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي، بهدف توثيق العلاقات الثنائية ودعم العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بينهما، وتنسيق مواقفهما وجهودهما الإقليمية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. ونصت الاتفاقية على انه quot;من هذا المنطلق تلتزم حكومتا جمهورية العراق والجمهورية التركية بتطوير شراكة استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى تعزيز التضامن بين الشعبينquot;.

وفي آذار (مارس) الماضي، اكد السفير التركي في العراق مراد اوزجليك أن ما يشاع بخصوص ابرام تركيا اتفاقًا مع اية دولة مجاورة، بما فيها السعودية، لتقليل حصة العراق المائية دعايات مغرضة تحاول التأثير في العلاقات بين البلدين.

وشدد على انه لا يمكن لأي قوة في العالم أن تجبر تركيا على قطع المياه، التي تعد بمثابة شريان الحياة عن العراق، مؤكدًا أن كمية المياه التي أطلقتها بلاده خلال العام 2010 بلغت (530 م3 في الثانية) عند الحدود السورية و(524 م3 في الثانية) خلال العام الحالي. واشار الى انه بحسب الاتفاقية الثلاثية بين العراق وتركيا وسوريا، فإن على سوريا أن تطلق ما نسبته 58 % من الكمية المذكورة للعراق، لافتًا إلى أنه سيتم متابعتها من خلال اللجان الفنية.