بدأت إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما إعادة النظر في سياسة عدم الثقة والعداء التي استمرت عدة عقود تجاه جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; بعد أن حصل الحزب الإسلامي على أغلبية واضحة في الانتخابات البرلمانية.


محمد مرسيرئيس حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعةالإخوانالمسلمين

تحاول واشنطن حالياً صياغة علاقات أوثق مع جماعة الإخوان المسلمينالتي كان ينظر إليها في وقت من الاوقات على أنها تعارض المصالح الأميركية، وتشمل هذه الخطوات اقتراحات الإدارة بعقد اجتماعات رفيعة المستوى في الأسابيع الأخيرة ما يعد تحولاً تاريخياً في السياسة الخارجية التي انتهجتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، والتي أيدت باستمرار الحكم الاستبدادي للرئيس السابق حسني مبارك انطلاقاً من التخوف من الفكر الايديولوجي لجماعة quot;الإخوان المسلمينquot; والعلاقات التاريخية مع المتشددين.

في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن هذا التحول يمثل اعترافاً بالواقع السياسي الجديد في مصر والمنطقة، مع وصول الجماعات الاسلامية إلى السلطة، مشيرة في الوقت ذاته إلى دخول جماعة الإخوان إلى المنافسة في المرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية بعد أن حصدت تقريباً نصف مقاعد البرلمان في الجولتين الأولى والثانية وبذلك أصبحت لديها الفرصة لتعزيز وتوسيع غالبيتها الواضحة، حيث يجري التصويت حالياً في الأماكن التي تعد من أقوى معاقل الجماعة.

وتعكس هذه التحولات أيضاً القبول المتنامي من قبل الإدارة الاميركية تجاه الاخوان المسلمين، إذ أكدت الأخيرة مراراً ان مشرعيها يريدون بناء ديمقراطية حديثة تحترم الحريات الشخصية والأسواق الحرة والالتزامات الدولية بما في ذلك معاهدة السلام مع إسرائيل.

في الوقت نفسه، تسعى الإدارة الأميركية إلى الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع الحكام العسكريين، الذين نصبوا أنفسهم حراساً لطابع دولتهم العلمانية، حيث لم تهدد الإدارة صراحة بمنع المساعدة العسكرية لمصر والتي تبلغ قيمتها نحو 1.3 مليار دولار سنوياً، على الرغم من القيود الجديدة في الكونغرس التي قد تجبر الإدارة على الحدّ من قيمة المساعدات.

واعتبر بعض المقربين من الادارة أن العلاقة الاميركية الناشئة مع الإخوان المسلمين في مصر، هي خطوة أولى نحو النمط الذي يمكن أن يتبلور مع الأحزاب الإسلامية التي تتبوأ مراكز السلطة في جميع أنحاء المنطقة في أعقاب انتفاضات الربيع العربي، ولا سيما أن الاسلاميين حصلوا على أدوار مهمة في المغرب، وليبيا، وتونس ومصر في أقل من عام.

ونقلت الصحيفة عن أحد كبار مسؤولي الادارة الأميركية قوله انه quot;عدم الانخراط مع الإخوان المسلمين سيكون قراراً غير عملي تماماً، وذلك من أجل أمن الولايات المتحدة ومصالحها الاقليمية في مصر، لأنه لا يوجد طريق آخر أفضل من الانخراط مع الحزب الذي فاز في الانتخاباتquot;، مؤكداً أنهم عبروا عن موقعهم الوسطي والمعتدل حيال مسألة الأمن الاقليمي وكذلك القضايا المحلية والاقتصادية.

من ناحية أخرى، قارن السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، موقف إدارة أوباما وموقف ادارة الرئيس الأسبق رونالد ريغان ومفاوضاته مع الاتحاد السوفياتي، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأميركية تحتاج للتعامل مع الواقع الجديد.

وأشار كيري إلى أن قادة quot;الاخوان المسلمينquot; أكدوا خلال اجتماع مع مسؤولي حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، حرصهم على التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الأخرى، خاصة في المجال الاقتصادي.

يوم الثلاثاء، كثفت الإدارة انتقادها لحكام مصر العسكريين على خلفية إغلاق 10 مجموعات من المجتمع المدني الأسبوع الماضي، بما في ذلك ما لا يقل عن 3 مجموعات quot;بناء الديمقراطيةquot; الممولة من أميركا، في إطار التحقيق في التمويل الأجنبي غير المشروع والذي تضمن اتهامات بالمؤامرة والخطاب لمناهض لأميركا.

من جهتها، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، انه quot;من غير المقبول بالنسبة لنا أنه لم يتم إعادة الوضع في مصر إلى طبيعته حتى الآنquot;، متهمة حكام مصر العسكريين بعدم الايفاء بوعودهم التي تعهدوا بها الاسبوع الماضي الى مسؤولين اميركيين كبار، من بينهم وزير الدفاع ليون بانيتا.

ووصفت نولاند المسؤولين وراء الحملة ضد المنظمات بأنهم أشخاص متشبثون بالحكم مثل مبارك ومن الواضح أنهم لا يريدون فتح صفحة جديدة مع الشعب المصريquot;. ورغبة الإدارة في الانخراط مع جماعة الاخوان المسلمين، أدت إلى انتقادات كثيرة ضد الرئيس أوباما من جانب الجمهوريين الذين يتهمونه بجعل الاسلاميين حليفاً محورياً لأميركا.

ويقول شادي حامد، مدير الأبحاث في مركز بروكينغز الدوحة في قطر، إن الولايات المتحدة فوتت فرصة لبناء علاقات مع الإسلاميين المعتدلين في وقت سابق، quot;فعندما اعتقل مبارك الآلاف من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين البارزين في عامي 2005 و2006، على سبيل المثال، طلبت الجماعة الدعم من واشنطن، لكنها لم تلق تجاوباً.

وأضاف: quot;الإخوان الآن يعرفون أنهم في موقف أقوى، وهم الآن مرتاحون فيما تسعى الولايات المتحدة وراءهم لاسترضائهمquot;، مشيراً إلى أن أميركا لا يمكنها التدخل وتغيير نتائج الانتخابات، والخيار الوحيد أمامها هي التعاون مع الإخوان المسلمين في مصر لأنهم الأكثر احتمالاً لتولي السلطة في مصر، على ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية.