وزير الإعلام والإتصال المغربي مصطفى الخلفي

ولَّد تعيين الإسلامي مصطفى الخلفي وزيرًا للإعلام والإتصال في المغرب ارتياحاً واسعاً في أوساط العاملين في قطاع الإعلام. ورأى هؤلاء في تصريح الخلفي، الذي أعلن فيه سعيه إلى بلوغ إعلام ديمقراطي يؤمن بالإختلاف، نيّةً على المضي في طريق إصلاح المشهد السمعي البصري في البلاد.


ساد ارتياح واسع لدى مختلف المهنيين والعاملين في قطاع الإعلام والإتصال في المغرب، بعد تعيين مصطفى الخلفي وزيرًا للإتصال في حكومة عبد الإله بنكيران، بالنظر إلى الإشارات الإيجابية التي صدرت منه.

واستهل مصطفى الخلفي، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ورئيس تحرير جريدة التجديد، مهمته بزيارة مقر الإذاعة والتلفزيون الرسميين ووكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية، إلى جانب تصريحه عقب تعيينه من طرف الملك محمد السادس، بأنه سيسعى إلى بلوغ quot;إعلام ديمقراطي مسؤول ومبدع، يؤمن بالاختلاف مهما كانت درجاتهquot;.

وشدد الخلفي على أن المغرب مؤهل للإضطلاع بدور أساسي في المنطقة، نظراً إلى موقعه ومؤهلاته، الأمر الذي يتطلب، حسب قوله، الإنتقال إلى مرحلة جديدة من الإصلاحات في مجال الإعلام، اعتماداً على الدستور الجديد.

لقي ضم الإعلام والثقافة في وزارة واحدة ترحيباً واسعاً من طرف عدد من الإعلاميين، وضمنهم الإذاعي المعروف أديب المشرفي، الذي اعتبر قطاع الثقافة إعلاماً ثانياً، كلما تطور، انعكس على مضامين البرامج المقدمة في الإذاعة والتلفزيون.

وانتقد المشرفي في حديثه لـ quot;إيلافquot; ضعف البرامج المقدمة في التلفزيون المغربي، التي أصبحت تركز على تقديم المسلسلات المكسيكية والإسبانية والتركية، التي لا تفيد المشاهد، حسب رأيه. وقال إن الإعلام الرسمي في المغرب لا يزال كلاسيكيًا، فالصحافيون لا يزالون يعتمدون فقط على ما تنتجه وكالة المغرب العربي للأنباء من أخبار، بسبب ضعف تكوينهم.

وتساءل عن الغاية من صرف ميزانيات ضخمة على أجور أساتذة معاهد الإعلام ومنح الطلاب إذا كانت لا تجدي في الرفع من مستوى الإعلام الرسمي. كما انتقد المشرفي ضعف البرامج الثقافية والوثائقية في الإعلام العام.

حول مدى توافر مساحة الحرية داخل الفضاء الإعلاميالعام، قال الإذاعي المشرفي لـ quot;إيلافquot; إن الحرية موجودة، لكن الإشكال المطروح هو ضعف تكوين الصحافيين، الذين لا يزالون يعملون وفقًا للأنماط القديمة.

كما أبدى حسرته لتراجع عدد مستمعي القناة الإذاعية الدولية الناطقة بالفرنسية، التي كانت مسموعة من قبل شرائح واسعة من المواطنين في المغرب والجزائر وتونس وليبيا، وكذلك من طرف السفراء المعتمدين في المغرب، الأمر الذي أرجعه إلى تهميش من وصفهم ببعض quot;المسؤولين الصغارquot; للبرامج الثقافية.

بدوره، قال الإعلامي حسن الكيلاني إن الوزير الجديد مصطفى الخلفي يبدو من خلال تصريحه أن له نية وعزم على المضي في طريق إصلاح المشهد السمعي البصري في المغرب.

وأضاف في حديثه: quot;نتوقع من الوزير الجديد إعادة النظر في طرق تسيير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، والاهتمام بأوضاع العاملين، علمًا أننا لا نزال نعاني من عدم توصيف المهن داخل القطاع، إضافة إلى مشكلة ترقية العاملين.

ودعا الكيلاني إلى إجراء دراسة معمقة للوضع الحالي للإعلام العام، متسائلاً ما إذا كان مفيدًا للمشاهد المغربي تعدد القنوات التلفزيونية والإذاعية، أم إن لهذا التعدد تداعيات سلبية، وضمنها تفريق المشاهدين.

ورأى الكيلاني أنه كان من الأجدر إطلاق قناة فضائية واحدة، تبنى على أسس مهنية سليمة، وتضم كفاءات مهنية، قادرة على إنتاج برامج تلائم تطلعات المشاهدين قبل إطلاق قنوات أخرى بشكل تدريجي.

وعن رأيه في قدرة الوزير الجديد على الإستجابة لتطلعات المهنيين والمشاهدين، أجاب الكيلاني: quot;يصعب الحسم في هذه القضية، نظرًا إلى كثرة المتدخلينquot;. وقّدم مثالاً على ذلك توظيف نجل الوزير الأول السابق عباس الفاسي كملحق بالرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، واستقدام حسن بوطبسيل من القناة الثانية الخاضعة لشركة quot;صوريادquot;، وتعيينه كمدير للقناة الرياضية، إضافةً إلى استقدام مرية لطيفي من القناة الثانية، وتعيينها مديرة للقناة الرابعة. واعتبر أنه كان من الأولى منح الأسبقية للمهنيين في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون.

من جهته، قال التقني في قسم الصيانة في القناة المغربية الأولى المهدي الدرقاوي في حديث لـ quot;إيلافquot; إن هناك quot;جودة على المستوى التقني في التلفزيون المغربي، وخاصة القناة الأولى، التي تتفوق على باقي القنوات الفضائية المغربية من حيث جودة البث والإرسال، لكن لا توازيها جودة على مستوى البرامج المقدمة في التلفزيونquot;.

وطالب الدرقاوي بإعادة النظر في المسؤولين الحاليين بإدارة الموارد البشرية، الذين لايهتمون، حسب رأيه، بحقوق العاملين (من حيث الترقية وعدم التعويض عن الساعات الإضافية...) وهو ما يؤثر على مردودية العاملين. كما دعا إلى التكوين المستمر للتقنيين لمواكبة التطورات الحاصلة في القطاع، كما انتقد ما اعتبره quot;حيفًاquot; في أجور العاملين في القناة الأولى مقارنة مع العاملين في القناة الرياضية. وطالب الوزير الجديد بإعادة النظر في الأجور التي وصفها بـ quot;الخياليةquot; لبعض المسؤولين في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، ووضع معايير واضحة بخصوص بالأجور، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب .

وبدا أستاذ الإعلام إبراهيم الشعبي متفائلاً بتعيين الخلفي كوزير للإتصال، رغم أن له موقفًا من تعيين شخصيات حزبية على رأس هذا المنصب الحساس، إذ يعتبر أن تجربة تعيين شخصيات حزبية منذ 1998 على رأس هذه الوزارة (حزب الإستقلال، حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية)أساءت إلى الإعلام العام، وتوقّف عند تجربة حزب التقدم والإشتراكية على رأس وزارة الإتصال منذ سنة 2002، التي وصفها الشعبي بـ quot;الفاسدةquot;.

وقال الشعبي إنه يتمنى أن تكون تجربة حزب العدالة والتنمية على رأس وزارة الإتصال مختلفة عن التجارب السابقة، مبديًا تفاؤله بما سيأتي من إصلاحات بالنظر إلى ما صدر من إشارات إيجابية من الوزير الجديد. وأكد الشعبي لـ quot;إيلافquot; أنه غير متخوف من التضييق على حرية الإعلام في ظل حكومة بنكيران، معبّرًا عنرفضه تقديم برامج، وصفها بـquot;التافهةquot; في القناتين الأولى والثانية، والتي دعا إلى استبدالها ببرامج جادة.

ولم يستبعد حدوث مغالاة من طرف مسؤولي حزب العدالة والتنمية، عبر إعطاء توجيهات وتعليمات إلى القناتين الأولى والثانية في ما يخص بعض البرامج الثقافية والفنية، لكنه في الوقت نفسهأكّد أن المسؤول عن الإعلام الرسمي في المغرب لا يقرر في الإعلام وحده، فالقناتان التلفزيونيتان الأولى والثانية تتبعان القصر بشكل أو بآخر، وبالتالي فحزب العدالة والتنمية أو أي حزب آخر، يضيف الشعبي، غير قادر على تغيير التوجه العام للإعلام الرسمي في المغرب.