في خطابه الرابع منذ اندلاع الثورة الشعبية ضدنظامه، تعهد الرئيس السوري بشار الأسد سحق المعارضين، متهماً الجامعة العربية بـ quot;خيانة دمشقquot;، بكلمات تكشف الصراع على السلطة في المنطقة، إذ كان له ولوالده من قبله، دور قيادي في قضية القومية العربية.


الأسد أثناء خطابه الأخير

بيروت: في أول خطاب للرئيس السوري بشار الأسد منذ شهر حزيران(يونيو) العام الماضي، توعد بسحق الثورة التي بدأت منذ عشرة أشهر. لكن كلامه لم يقتصر على تهديد المعارضين، بل اتهم جامعة الدول العربية بخيانة دمشق، وتحديداً دول الخليج العربي التي ارتفعت مكانتها في المنطقة على حساب مصر وسوريا.

النزاع في الشرق الأوسط يشوبه التنافس الطائفي، الطائفة السنية تدير الحكم، دول الخليج الغنية بالنفط وتحديداً المملكة العربية السعودية تتنافس ضد ايران التي تسيطر عليها الطائفة الشيعية، إضافة إلى سوريا التي تستلم زمام الحكم فيها الطائفة العلوية التي تعبر من الأقليات في البلاد.

في هذا السياق، اشارت صحيفة quot;لوس انجلوس تايمزquot; إلى ان إضعاف قبضة الاسد على سوريا من شأنه أن يعزز قوة دول الخليج ضد إيران التي تتمتع بنفوذ في العراق وتدعم حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة. كما تتهم البحرين التي تشهد احتجاجات شعبية، الجمهورية الاسلامية بالتحريض على العداء الطائفي الذي أدى إلى أشهر من قمع الحكومة البحرينية للمتظاهرين الشيعة.

الهجوم على قطر

النظام السوري يشعر بالغضب تجاه قطر ووسائلها الإعلامية التي تحدث تأثيراً كبيراً يتخطى حدود الإمارة ويمتد إلى العالم العربي. ويشار إلى أن قطر التي تتولى رئاسة الجامعة العربية، قادت الجهود من أجل تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة، على خلفية أعمال القمع العنيفة التي اعتمدها نظام الاسد ضد المتظاهرين في الشوارع، وتدفع نحو فرض عقوبات اقتصادية على دمشق.

اعتبرت الصحيفة أن هذه إجراءات أدت إلى إذلال سوريا، التي ساهمت في تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، قبل عقود من انضمام قطر ودول الخليج الأخرى. وبرز غضب النظام السوري بوضوح في خطاب الرئيس الأسد الذي تتخلل كلمات وانتقادات لاذعة ضد الدول العربية الأخرى.

لم يذكر الأسد في خطابه دولة قطر بالإسم وبشكل واضح، لكنه ترك القليل من الشك في ازدرائه لإمارات الخليج التي تفتقر إلى تاريخ وعظمة سوريا، فقال: quot;يمكن لبعض الدول أن تستأجر التاريخ بأموالها، ولكن المال لا يصنع الأمم والثقافاتquot;.

وأضاف أن quot;بعض الدول مثل الطبيب المدخن الذي يوصي مريضه بوقف التدخين فيما يضع السيجارة في فمهquot;.

ويستغل أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وقناة الجزيرة الإخبارية، الاستياء الشعبي ضد الحكومات الاستبدادية الأخرى التي تجسدت للأجيال في العالم العربي. وتحاول قطر وغيرها من دول الخليج، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ سنوات، إبراز نفسها كدول ذات نفوذ وموقع قوي.

ويذكر ان قطر لعبت دور المفاوض في الصراعات الدائرة في لبنان واليمن وفلسطين، وساعد هذا الدور الذي مارسته على مر السنين الأخيرة إلى تحويل السلطة الدبلوماسية الإقليمية تجاه منطقة الخليج، لكنها أدت أيضا إلى انتقادات بأن قطر تحاول أن تدعم بعض الجوانب ضد غيرها، إضافة الى استضافة قاعدة عسكرية أميركية كبيرة على أراضيها.

التوتر مع الجامعة العربية

وارتفع منسوب التوتر في العلاقات بين دمشق وجامعة الدول العربية على خلفية إرسال بعثة المراقبين إلى سوريا الشهر الماضي لمراقبة انسحاب القوات الأمنية من المدن والأحياء المتعاطفة مع المتظاهرين. وفي الأيام الأخيرة، تعرض المراقبون للضرب والهجمات وجرح بعضهم. وقال امين عام الجامعة نبيل العربي إن دمشق quot;مسؤولة تماماquot; عن سلامة المراقبين.

وقال وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: quot;لسوء الحظ كانت هناك هجمات على المراقبين، لا سيما الخليجيين منهم، وهذه الهجمات لم تنفذها أي عناصر معارضة في سورياquot;، مضيفاً ان: quot;مهمة المراقبين تزداد صعوبة كل يوم لأننا لا نرى انخفاضاً في أعمال القتلquot;.

يقول نبيل عبد الفتاح، المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، إن ما قاله الأسد عن الدول العربية الأخرى quot;يضع حداً لصبر الدول العربية ونيتهافي إعطاء أي فرصة ثانية لسورياquot;، مضيفاً quot;انها لعبة مفتوحة الآن والدول العربية ستعبر بوضوح عن رغبتها في رؤية نهاية لنظام الأسدquot;.

ويبدو أن جزءاً كبيراً من هذا التاريخ الذي يتغنى به الاسد يتعرض لاهتزازات بسبب أعمال الاحتجاجات التي يقوم بها المتظاهرون، وهزت العالم العربي لأكثر من عام.. لكن الرئيس السوري أكد هزيمة ما أسماه quot;مؤامرة خارجية ضدهquot; متهماً القادة العرب بـ quot;الانتهازيين السياسيينquot;.

وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الدول العربية تواجه مأزقاً وتحديات كبيرة مع الاسد لأنه quot;قائد مستبد، ومن غير المرجح أن يخضع لمطالبها في أي وقت قريبquot;.