بيروت: قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنه يجب التعامل مع الوضع السوري بحكمة وحذر، وأوضح في مقابلة مع فضائية quot;إل بي سيquot; اللبنانية أنه يوجد اليوم زخم إيجابي من الانتقال الديموقراطي في شمال إفريقيا ومصر وتونس وفي المغرب وقال:quot; هناك انتخابات في ليبيا وانتقال مستمر في السلطة وطبعاً هناك سوريا والبحرين واليمن.. لكن الوضع الأدّق هو الوضع السوري لذا ينبغي أن نكون حكماء وحذرين جداً في التعامل مع هذه المسألة quot;.


مقابلة زعماء لبنان
وتحدث داوود أوغلو عن مناسبة زيارته لبيروت وقال : quot;حظيت بشرف مقابلة الزعماء والسياسيين اللبنانيين الذين قابلتهم وكان هدفي في الأساس التشاور مع أغلبية الزعماء السياسيين والروحيين في لبنان لأنهم كلهم أصدقائي من الرئيس سليمان مروراً برئيس مجلس النواب نبيه بري وصولاً إلى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، كما أعرب عن سعادته بلقاء الرئيس السابق فؤاد السنيورة ووليد جنبلاط والرئيس أمين الجميّل وغيرهم .

داوود أوغلو أكّد بأنه ينبغي على السياسيين والمفكرين اللبنانيين والزعماء الروحيين التشاور وأن يتشاركوا فرص ومخاطر التحوّلات الحاصلة في المنطقة اليوم وقال : quot;أمامنا سنة حاسمة جداّ وأعتقد أنه وفقاً للتطورات في العام 2012 ستتحدد السنوات العشرة القادمة وكي لا نواجه عشرة سنوات من المشاكل يجب أن نتعامل معها اليوم بطريقة ملائمة. quot;


استبعاد حدوث حرب أهلية
واستبعد داوود أوغلو أي احتمال لوقوع حرب أهلية ولكنه أعاد التذكير بتصريح أدلى به الأسبوع المنصرم جاء فيه : quot; لا ينبغي أن نسمح بمنطق الحرب الباردة في منطقتنا وأقصد بذلك أي استقطاب بالمعنى المذهبي أو الديني أو الإثنيquot;.

داوود أوغلو تحدث عن الربيع العربي ودور لبنان في هذا الربيع وقال : quot;إن الربيع العربي بدأ في لبنان منذ عشرات السنوات لأن هناك حرّية في هذا البلد، حرية تعبير وتجمّع وتظاهر وانتخابات نزيهة في لبنان. لم أذكر يوماً أن هناك حاجة إلى تغيير في لبنان لأن الشعب اللبناني هو من يقرر ذلك من خلال الانتخابات والعملية الديموقراطية ، أما في سوريا ، فعلى خلاف لبنان ، هناك أزمة كبيرة وكل يوم يقتل العشرات من الاشخاص ، وهناك غياب لحرية التظاهر والتعبير وهناك قمع مستمر. quot;


ورداً على سؤال حول ما دار في اللقاء الذي جمعه ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة قال : quot;لا أعرف ما قالت الصحافة، لكننا تبادلنا وجهات النظر وطبعاً هناك اختلاف في وجهات النظر فلا يعقل أن يتفق طرفان مئة بالمئة وأنا هنا لمناقشة الاختلافات وليس للإطراء بعضنا على بعض ولقد أعربت عن مخاوفنا بشأن الوضع السوري وما هو حاصل من قمع لأننا ضد كل أنواع القمع من قبل الأنظمة الأحادية، فعندما هاجمت إسرائيل غزّة وقفنا كلّنا ضدّ هذا الاعتداء..quot;

الدور التركي في سوريا
وعن الدور التركي في العلاقة مع سوريا قال : quot;لقد عملت تركيا بجهد كبير لتجنّب الأزمة السورية الحالية ولقد كنا أصدقاءً للنظام السوري طوال 9 سنوات ودافعنا عن النظام حين كان غائباً ... لا نريد شيئاً من النظام السوري سوى أن يصغي إلى الشعب السوري وأن يوقف إراقة الدماء المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر.quot;

داوود أوغلو أسهب بالشرح عن الوضع السوري قائلاً: quot;لقد زرت سوريا مرات عديدة وتشاركنا جديّتنا مع النظام السوري ، وقلنا بأن الوقت حان من أجل القيام بالاصلاحات اللازمة، ولكن عوض القيام بالأمر، قام النظام باستخدام الجيش في المدن وحتى في شهر quot;رمضانquot; قتل المئات من الناس.quot;

تابع قائلاً : quot; المشكلة ليست مذهبية ولا يعاني السنّة فقط في سوريا ، الكل يعانون والمشكلة هي بين نظام يستعمل الجيش ضد الشعبquot;. داوود أوغلو تحدث عن زيارة رئيس الوزراء التركي أردوغان إلى بغداد حيث رحّب به الإخوة الشيعة في المطار والتقى الزعيم الروحي آية الله السيستاني وهو عالم محترم جداً... وقال : quot;لا فرق بالنسبة إلينا بين العلماء الشيعة والسنة . ما نريده في العراق هو سياسة غير طائفيةquot;.

وتحدث عن العراق عندما كان هناك أزمة quot;صدّام حسينquot; فقال : quot; نحن دفعنا ثمناً باهظاً كدولة جارة وفي سوريا ، ما يحصل سيؤثر على تركيا وعلى لبنان والعراق والأردن ، ولهذا علينا أن نعمل بجهد كبير وبالغ لتجنّب أي سيناريو سلبي وما زلنا نعمل ونتشاور مع كل الأطراف المعنيين : إيران ، الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وبعد تقريرالجامعة العربية يجب أن نجري quot;تقييماًquot; جديداً لما يحصل.quot; ورفض داوود أوغلو الدخول في التفاصيل قبل رؤية مراقبي الجامعة العربية quot;لأنه علينا أن نكون كلنا مسؤولين عن الخطوات المستقبلية وتركيا لن تقرر وحدها وننسق كل الخطوات مع الجامعة العربية. لقد دعمنا مبادرة الجامعة العربية ولنر نتائجها وبعد ذلك سيكون هناك تشاور بين تركيا والجامعة العربية والمجتمع الدولي وروسيا واميركا والاتحاد الاوروبي والصين وأنا واثق من أن المجتمع الدولي لن يسكت عن الجرائم التي ترتكب في سوريا.quot;

وتابع داوود أوغلو : quot;لهذا علينا أن نعمل لمصلحة شعب سوريا ولمصلحة استقرار منطقتنا . حتى الآن لا نعرف كيف تفكّر الدول العربية ولكن إذا صدر قرار عن الجامعة العربية فعلينا أن ندعمه ونلتزم به والخطوة الأولى هي تقرير مراقبي الجامعة العربية وعلينا أن نراه ، بعدها أنا واثق من أنه ستكون هناك مرحلة تشاورات ديبلوماسية لأن الجميع سيرون الواقع وأنا أثق من أن الصين وروسيا وعدداً من دول مجلس الأمن الدولي سيعيدوا تقييم موقفهم في مجلس الأمن ... لكن الوضع الحالي لا يجب أن يستمرّquot; .

quot;لا ندعم أي عملية عسكرية في دولة مجاورة لناquot;
أوغلو صرّح بأنه سيلتقي بالوزير الروسي سيرغي لافروف بعد اسبوعين في الاجتماع الاستراتيجي الثنائي السنوي كما أسماه ، وسيكون هناك اجتماعات تركية مع الاتحاد الاوروبي ومع الولايات المتحدة وطبعاً مع جامعة الدول العربية ودول ومجلس التعاون الخليجي quot;وسنرى النتائج وسنتصرف وفقاً للمشاورات الحقيقية لتتزامن جهودنا لا سيما مع الجامعة العربيةquot;. وحول التدخل العسكري لتركيا قال داوود أوغلو : quot;لا ندعم اي عملية عسكرية في اي دولة مجاورة لناquot;.

وتحدث عن سياسة تركيا بفتح أرضها أمام اللاجئين أكانوا من سوريا أم من العراق فقال:quot; لدينا 9600 سوري وحوالي عشرات الضباط الذين فروا وهربوا الى تركيا من القمع ولطالما كان هذا تقليدنا بفتح ارضنا امام اللاجئين... وتلك كانت الحالة عندما هاجم صدام الاكراد في quot;حلبجةquot; وبعد ذلك استقبلنا 500 الف كردي ولم نتطلع ما اذا كانوا من البشمركة ام لا استقبلناهم لانهم تعرضوا للقمع وكانوا اخوتنا واخواتنا من العراق، ان كانوا شيعة ، كنا سنرحب بهم تماماً كما عندما هاجم ميلوسوفيتش البوسنة جاء آلاف البوسنيين الى تركيا قدمنا لهم الملاذ والامن، نفس الشيء الآن الاخوة والاخوات في سوريا عندما يهربون من نظام قمعي لا ننظر الى انتمائهم الإثني، الديني او المذهبي بل نستقبلهم بغض النظر عن أي أمر آخر. وهذه ستكون سياستنا في المستقبلquot;. داود أوغلو أردف قائلاً: quot;إن تركيا دولة حرة . حتى مناصرو النظام السوري عقدوا لقاءهم في مايو في تركيا ولم نمنعهم quot;.

وعن الدور التركي في العراق قال داوود أوغلو : quot;الكل يعرف كيف ساهمت تركيا في تشكيل حكومة السلام بقيادة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، تلك كانت مساهمة إيجابية من جانبنا والآن نوّد تقديم مساهمة أخرى ولكن الأمر وقف على العراقيين وسياساتهم تجاهنا. عندما ننظر إلى العراقيين لا نرى مذاهباً أو إثنيات، بل نرى شعباً شقيقاًquot; .
وتحدث عن quot;طارق الهاشميquot; قائلاً : quot;هو زعيم سياسي في العراق ومكانه في العراق وينبغي أن يبقى في العراق وأن يستمر في بذل جهوده في العراق، وإن كان هناك دعوى قضائية بحقه ، أعتقد بأنه أدلى تصريحاً بأنه جاهز لذلك. ولكن لن نقفل بابنا أمام أحد أو أي زعيم من أي دولة أخرى أراد أن يأتيquot;.

في ختام الحوار ، أعاد التأكيد على سعادته بلقاء أكثر من 10 سياسيين وزعماء روحيين لبنانيين ودعاهم لزيارة تركيا في أوقات محتلفة لمتابعة المشاورات وقال : quot;نحن في نقطة تحوّل تاريخية وعلينا أن نرى بعضنا بعضاً أكثر ويجب أن نتبادل الآراء ونؤمن بصدق العلاقات ونحن نحاول استعمال جهودنا الديبلوماسية لخلق منطقة جديدة بناءً على الحوار السياسي والتعايش والتعددية والتعاون الاقتصادي.quot;

داوود أوغلو حذّر من السيناريوهات السلبية في المنطقة وأمل في تغيير وتحوّل تاريخي في السنوات الـ 5 القادمة لما لهذه المنطقة من ديناميكية معوّلاً على الجيل الشاب الذي يريد منطقة جديدة مبنية على حكم القانون والشفافية والمساءلة. وفي الختام أشاد بالتغيير السلمي الذي حصل في المغرب إذ حصلت تغييرات سلمية دون عنف لأنهم quot;فتحوا الطريق أمام الاصلاحات وجرت انتخابات ناجحة جداً هناكquot; وأمل أن يتمكن بشار الأسد من جعل هذه الاصلاحات ممكنة في سوريا لكنّه quot;فوّت العديد من الفرصquot; كما ختم أحمد داوود أوغلو اللقاء.