فيما تشهد العلاقات التركية العراقية ازمة دبلوماسية، اكدت بغداد لأنقرة ان حادث قصف سفارتها عمل ارهابي وأنها ستعمل على تعزيز حماية السفارة وموظفيها. فيما نفت حكومة كردستان عزمها تسليم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى السلطات العراقية لكنها نصحته بتسليم نفسه والتعاون مع التحقيق لإثبات براءته.

مبنى السفارة التركية في بغداد تعرّض للقصف

بغداد: وصفت وزارة الخارجية العراقية الاعتداء على مبنى السفارة التركية في بغداد بثلاثة صواريخ كاتيوشا بانه عمل ارهابي قامت به مجموعة ضالة وجهت صواريخ على محيط السفارة ما ادى الى اضرار في سورها.

وقالت الوزارة انها اذ تدين quot;هذا العمل الاجرامي غير المبرر تذكر ان مثل هذه الاعمال لن تؤثرفي العلاقات المتينة بين البلدين الصديقين الجارين ولن تضعف الارادة المشتركة لقادة البلدين في التعاون والتنسيق المشترك لمواجهة الارهاب والتصدي للأعمال الاجرامية التي تقدم عليها اي مجموعة مسلحة بغض النظر عن الشعارات التي تتشدق بهاquot;.

وأشارت الوزارة في بيان صحافي اليوم الجمعة الى ان وزيرها هوشيار زيباري قد اتصل بنظيره التركي احمد داوود اوغلو للتعبير عن استنكار الحكومة العراقية الشديد لهذا العدوان الاجرامي مؤكدا quot;عمق العلاقات الثنائية الايجابية وتواصلها واستعداد وزارة الخارجية للتعاون مع الاجهزة الامنية للكشف عن ملابسات هذا الحادث الاجرامي وتقديم الجناة الى العدالة واتخاذ الاجراءات التي من شأنها تعزيز حماية السفارة وموظفيها وعدم السماح لتكرار مثل هذه الاعمال المدانة التي تستهدف الى الاساءة للعلاقات الاخوية بين العراق وتركياquot;.

ولم تعلن اي مجموعة مسلحة لحد الان مسؤوليتها عن قصف السفارة لكن المنطقة الخضراء وسط بغداد والتي تضم المراكز الحكومية العليا والسفارات الاجنبية تتعرض من حين لاخر لقصف صاروخي لم يكشف عن منفذيه لحد الان.

وكانت السفارة التركية في بغداد تعرضت الاربعاء الماضي الى قصف بثلاثة صواريخ كاتيوشا يبدو أنها جاءت على خلفية التصعيد الذي تشهده الخلافات التركية العراقية حول الأزمة السياسية في العراق الذي يحتج على ما يقول إنه تدخل تركي في شؤونه الداخلية.

وأوضح مصدر أمني عراقي أن القصف اصاب الجدار الخارجي لمبنى السفارة التركية في حي الوزيرية وسط بغداد من دون إلحاق خسائر بشرية. وجاء هذا القصف بعد يوم واحد من استدعاء وزارة الخارجية التركية للسفير العراقي لديها محمد جواد الدروكي لإبلاغه أن انتقادات بغداد لتركيا واتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية quot;غير مقبولquot;.

وقبل ذلك بيوم استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد يونس ديمرار للتعبير عن قلقها من التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان والتي اعتبرتها بغداد تدخلاً في الشأن الداخلي للعراق.

وكان إردوغان قال إن quot;العراق يشهد أوضاعاً لا يمكن معها الوقوف من دون حراكquot; محذراً من أن الأوضاع quot;تُنذر بنزاع طائفيquot;.

ويوم الاثنين الماضي اعتبر نائب رئيس حزب العدالة والتمنية التركي الحاكم ان اقوال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بان تدخل تركيا في شؤون المنطقة سيجر عليها كوارث هو الاقل حكمة في تاريخ الشرق الاوسط واصفا المالكي بانه المشكلة الخطرة التي يعاني منها العراق في وقت تبادلت حكومتا البلدين استدعاء سفيريهما في عاصمتيهما للاحتجاج على تصريحات لمسؤولين في البلدين وصفها كل منهما بأنها مقلقة.

واعتبر نائب زعيم حزب العدالة والتنمية عمر جليك في تصريحات متلفزة اقوال المالكي بشأن تركيا الاقل حكمة في تاريخ الشرق الاوسط. وكان المالكي قال الخميس الماضي ان تدخل تركيل في شؤون دول المنطقة سيجلب الكوارث و الحرب الأهلية إلى المنطقة.

ووصف جليك أقوال المالكي quot;بالأقوال الأقل حكمة في تاريخ الشرق الأوسطquot;.. وقال quot; إن رئيس الوزراء العراقي لا يتحدث كرجل دولة و إنما كزعيم أحد التنظيمات. وأقواله المستهدفة لتركيا و لرئيس وزرائنا لا تنسجم مع مسؤولياته بصفته رئيسا للوزراءquot;.

واضاف أن المالكي يجري وراء عراق يهيمن عليه مذهب واحد وأنه يشعر بالانزعاج من السياسة التركية المدافعة عن وحدة العراق.

وأشار الى انه quot; ليست لتركيا مشاكل مع العراق، كما ليس للعراق مشاكل مع تركيا. بيد ان هناك في العراق مشكلة خطرة وهي مشكلة المالكيquot;.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قد دعا زعماء مختلف الكتل السياسية والدينية العراقية إلى quot;الإصغاء لضمائرهمquot; للحؤول دون أن يتحول التوتر الطائفي في بلادهم إلى quot;نزاع أخويquot;.

وطالبت تركيا أيضاً على لسان عدد من مسؤوليها رئيس الحكومة نوري المالكي بضرورة اتخاذ إجراءات لاحتواء التوتر حول قضية الهاشمي وضمان محاكمته بعيداً من الضغوط السياسية.

وقد أعرب رئيس الوزراء نوري المالكي السبت الماضي عن أسفه إزاء موقف تركيا من الأزمة السياسية الراهنة في العراق، معتبراً أنها دخلت في تفاصيل القضايا الداخلية العراقية، بحيث أصبح الحديث عن العراق كأنه تحت سيطرة أو توجيه أو إدارة الدولة الأخرى ما أدى إلى توتير الأجواء الإعلامية والسياسية بين البلدين.

كردستان تنفي عزمها تسليم الهاشمي وتنصحه بتسليم نفسه

نفى التحالف الكردستاني الاعداد لتسليم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتهم بقضايا إرهاب لكنه دعاه إلى المثول أمام القضاء حتى وإن كان في بغداد.

وقال القيادي الكردي عادل برواري مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للشؤون الكردية ان حكومة الإقليم لن ترغم الهاشمي على تسليم نفسه إلى القضاء لكنها تنصحه بهذا الأمر.

واضاف ان من الأفضل له أن يمثل أمام القضاء ويقدم ما لديه من أدلة تثبت براءته لحسم القضية وحماية سمعته.

وقد وصل وفد من اقليم كردستان يضم عددا من القضاة الى بغداد لدراسة ملف الهاشمي حيث اطلع على الاعترافات والادلة.

وكانت القائمة العراقية قد طالبت باحالة ملف نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي على محافظة كركوك لكن مجلس القضاء الاعلى رفض الطلب.

وكانت السلطات العراقية اصدرت في السابع عشر من الشهر الماضي مذكرة بإلقاء القبض على الهاشمي بعد اعترافات عرضتها قناة quot;العراقيةquot; الرسمية لعدد من عناصر حمايته تشير الى تورطهم في عمليات ارهابية باوامر منه وبدوره توجه الهاشمي الى اقليم كردستان حيث يحل ضيفا على الرئيس العراقي جلال طالباني حاليا نافياً الاتهامات الموجهة إليه ومعلنا استعداده للمثول امام القضاء بشرط ان يكون ذلك خارج بغداد لخضوع القضاء فيها الى تدخلات الحكومة واقترح كركوك مكانا بديلا لذلك لكن الهيئة التمييزية في مجلس القضاء الاعلى العراقي رفضت ذلك وقررت ابقاء القضية في بغداد.

وأمس اعلنت قيادة عمليات بغداد تأجيل عرض اعترافات عدد مجموعة جديدة من عناصر حمايات نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي كانت مقررة الخميس الى حين اكمال الاجراءات القضائية كما قالت بينما اشارت الناطق الرسمي باسم القائمة ميسون الدملوجي الى ان تهديدات بأفلام اباحية مفبركة قادت الى اعترافات مزورة في القضية.

وقال الفريق قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد انه تقرر تأجيل بث الاعترافات الى موعد آخر quot;لحين اكمال الاجراءات القضائيةquot; في الامر من دون الإدلاء بمعلومات اخرى.

وكانت قوى سياسية اعترضت على عرض المجموعة الاولى من عناصر حمايات الهاشمي الشهر الماضي معتبرة عن هذا التصرف يعتبر تصعيدا مخالفا للقانون وتشهيرا في قضية لم تستكمل فيها الاجراءات القانونية من حيث التحقيق مع المتهمين او محاكمتهم ويقف على رأسهم الهاشمي المتهم بالتحريض على عمليات قتل وإرهاب، الامر الذي دفع بالسلطات الى اصدار امر باعتقاله و14 من افراد حمايته لكنه لجأ الى اقليم كردستان وحل ضيفا على الرئيس العراقي جلال طالباني.

وفي مقابل الاسباب القضائية التي اشار اليها الفريق عطا حول تأجيل الاعترافات التي كان مقررا ان يدلي بها ثلاثة من عناصر الحمايات بينهم عميد في وزارة الداخلية اعتقلوا في مطار بغداد الدولي لدى محاولتهم الهروب الى كردستان كما قال عطا.

في مقابل ذلك كشفت الناطقة الرسمية باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي ان موظفة من عائلة الهاشمي وتعمل في مكتبه اسمها quot;رشا الهاشميquot; واعتقلت مؤخرا قد تم تهديدها من قبل ضباط في الامن يحققون معها بتوزيع افلام اباحية مفبركة لها من اجل ارغامها على الادلاء باعترافات مزورة ضد العميد الامر الذي ادى الى رضوخها لتهديداتهم وتسجيل quot;اعترافاتquot; غير صحيحة كما ابلغت صحيفة quot;المدىquot; الصادرة في بغداد اليوم.

وعلى الصعيد نفسه فقد اشار مصدر مقرب من الحكومة سألته quot;ايلافquot; عن مسببات تأجيل الاعترافات فأشار الى ان الامر راجع الى عدم الرغبة في تصعيد الازمة السياسية في البلاد والتي تفجرت على خلفية اثارة قضية الهاشمي ومحاولة لتهيئة الاجواء لانعقاد المؤتمر الوطني العام للقوى السياسية العراقية والمنتظر مطلع الشهر المقبل وتعقد اللجنة التحضيرية له اجتماعا الاحد المقبل للاتفاق على موعد ومكان المؤتمر والموضوعات التي سيبحثها.

وكانت قيادة عمليات بغداد اعلنت الثلاثاء الماضي انها ستعرض خلال 72 ساعة المقبلة اعترافات لمجموعة آخرى من عناصر حماية الهاشمي تضم ثلاثة افراد بينهم ضابط رفيع في وزارة الداخلية برتبة عميد مشيرة الى انهم اعتقلوا في مطار بغداد.

وسبق لوزارة الداخلية ان عرضت الشهر الماضي اعترافات لثلاثة من عناصر حمايات الهاشمي اشاروا الى تورطه بعمليات ارهابية مختلفة منها الاغتيالات بأسلحة كاتمة للصوت وزرع عبوات ناسفة وتفجير سيارات مفخخة.

وقد ادخلت هذه التطورات البلاد في ازمة سياسية خطيرة حيث علقت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي مشاركتها في اجتماعات مجلس النواب والحكومة احتجاجا على مذكرة اعتقال القيادي فيها الهاشمي.

وتعد القوى العراقية حاليا لمؤتمر سياسي جامع ينتظر ان يعقد مطلع الشهر المقبل في محاولة لحل هذه القضية وسط تباين في مواقفها حيث يرى قسم منها انها قضائية لا يمكن التدخل فيها بينما ترى الاخرى انها سياسية ويجب ان تحل بتوافق سياسي.