منذ أن انطلق الربيع العربي في تونس الخضراء مروراً بمصر وليبيا واليمن وغيرها، كان كثيرون يحاولون الحصول على موطئ قدم فيها من خارج تلك الدول، لكن اللافت في الفترة الأخيرة هو تحول بعض هؤلاء إلى من باحث عن قدم إلى مسعر لتصوراته التاريخية ومن ضمنها مفهوم الجهاد، والبعد الطائفي.


خاشقجي: من يريد خدمة الثورة السورية عليه الالتزام بخط المعارضة

الرياض: يأخذ بعض المتابعين على خطب بعض الدعاة السعوديين على المنابر وفي المحاضرات الدينية ولقاءاتهم عبر وسائل الإعلام التي يناصرون بها الثوار في سورية والبلدان العربية الثائرة أنهم لا يراعون تعددية الأديان والمذاهب والتوجهات الفكرية في البلدان الثائرة ويغضون الطرف عن الأهداف التي خرج من أجلها المحتجون بنسيج وطني واحد .

فالمتظاهرون يطالبون في مجملهم بإقامة الدولة المدنية التعددية التي تحترم الجميع أياً كان دينهم أو مذهبهم أو توجهاتهم الفكرية، بينما بعض هؤلاء الدعاة لا يرون الثورة إلا من خلال ايديولوجيتهم التي يركزون عليها في خطابهم ويرونها البديل الذي لن تصلح أمور البلاد والعباد إلا بها وبحكم من هو مؤمن بها ضاربين عرض الحائط بالهدف الحقيقي الذي يسعى له شعب كل بلد ثائر على الديكتاتورية والظلم وحكم الطائفة الواحدة والحزب الواحد.

وفي الاحتجاجات السورية على وجه التحديد يظهر العديد من الدعاة وغالبيتهم من السعوديين في خطب الجمع وفي وسائل إعلامية خصصت جل بثها الفضائي لدعم المحتجين على النظام السوري يظهرون بمظهر الداعم للمحتجين بطريقة يراها البعض أنها لا تخدم المحتجين بقدر ما تكرس للطائفية وتبعدهم عن صورة المجتمع المدني الذي يتصورها اغلب من عارضوا النظام السوري ويرونها الصورة المثلى بعد نظام حكمهم بحزب واحد شمولي حكم أكثر من أربعين عاما.

ومن خلال الاطلاع على بعض مواقع التواصل الاجتماعي وجد أن هناك العديد من المجموعات التي يديرها محتجون على النظام السوري يطالبون فيها بنبذ العنصرية والطائفية وان ثورتهم أساساً هي ضد الطائفية والفئوية. ويشددون على أن سورية دولة مدنية لكل مواطنيها المتساوين بالحقوق والواجبات ، بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والتوجه السياسي.

الإعلامي والمحلل السياسي المعروف جمال خاشقجي كان له مداخلة قصيرة خصّ بها quot;إيلافquot; يؤكد من خلالها أن من يريد أن يخدم الثورة في سورية عليه أن ينظر إلى المعارضة السورية بجسمها العريض ماذا تقول ولا يخرج على خطها.

وحول قناتي وصال وصفا واللتين يظهر على شاشتيهما العديد من الدعاة السعوديين والخليجيين والعرب الذين يساندون ثوار سورية يقول خاشقجيquot;أرى أن قناتي وصال وصفا مضرتان بالثورة السورية وكذلك بمصالح حكومة البحرين وتخدم إيران أكثر مما تضرّها لأنها تغرس الطائفية في منطقتناquot;.

ويضيفquot;سمعت في أكثر من مناسبة من مسؤولين بحرينيين كبار أبدوا ضيقهم من هاتين القناتين، ويختم حديثه بالقول quot;السوريون عزفوا عن الطائفية وعن الطرح الطائفي والمسألة السورية يقررها السوريون أنفسهم وعلينا أن لا نزايد عليهم والسوريون أنفسهم بمن فيهم الإخوان المسلمون يرفضون الطرح الطائفي ولا يجوز أن يأتي من يزايد عليهم ويخرب ما هم فيهquot;.

وحول هذا الموضوع يرى الكاتب والإعلامي السعودي عبد العزيز قاسم في حديثه مع quot;إيلافquot; أن ما يقوم به بعض الدعاة من السعودية والخليج عموما تجاه الثورة السورية هو نوع من الدعم النفسي الكبير، لاسيما أن المسألة باتت أقرب للجهاد بالنسبة إلى المسلم هناك، وأعرف أن كثيرين من الدعاة السوريين كانوا يركزون على هذه النقطة، ومنهم الشيخ الدكتور عبدالكريم بكار وخالص جلبي وحتى الشيخ الشهير عدنان العرعور بضرورة الانتباه إلى أن ثمة طوائف عدة ومللا كثيرة في سوريا، وينبغي التركيز على سورية الثورة لا سنيتها فقط، فهذا الأمر موجود ومعروف لدى الدعاة الكبار، و لكن لعدم اعتياد بعض الدعاة السعوديين لهذا الأمر ، والخطاب المباشر لإخوتهم السنة ربما أوقعهم في هذا الفخ الطائفي .

ويضيف قاسم quot;أؤكد أن وقوعهم هو من باب الخطأ في القراءة السياسية والوعي الكلي بالقضية، ولا يتعمدون ذلك، لأن هذا التفريق يضرب في وحدة الثوار الذين انتفضوا على النظام السوري الفاسد، وجمعتهم الثورة ولم تجمعهم الطائفة، وأتمنى أن يبادر المشايخ السوريون الكبار لتبيين هذه القضية لأحبتنا الدعاة السعوديين، من أن يكون خطابهم عاما في حث الثوار على الثبات والتظاهر ضد أولئك الطغاة ، النظام السوري يريد هذا الشق الطائفي بين أبناء الثورة ليختلفوا وليستفيد من هذا الاختلافquot;.

وحول بعض وسائل الإعلام التي يظهر من خلالها بعض الدعاة ومنها قناتا وصال وصفا يقول عبد العزيز قاسم quot;ما تقوم به هاتان القناتان في دعم الثورة السورية لا يختلف اثنان عليه، وحتى لو غلفها البعد الطائفي السني، فإنها تقوم بدور كبير جدا، وتحظى بمتابعة كبيرة من لدن الثوار في سوريا، وهي تحمل النفس الديني وهو الوحيد الذي يغذي أولئك الثوار ليصمدوا، وليس غير الخطاب الديني يجعل أولئك الثوار يصمدون أمام المجازر، ولا بأس أن تتوجه القناة لفئات معينة، في مقابل أن هناك قنوات كالجزيرة والعربية تتوجه بخطاب عام، والكل في ساحة الدعم، ولكن بالنسبة إلى الدعاة السعوديين الذين لهم قبول وحظوة من الضروري إشراك بقية الشرائح والطوائف والتوجه بخطاب يراعيهمquot;.

ويختم قاسم حديثه مع quot;إيلافquot; بالتأكيد أنه على الدعاة والمشايخ السوريين الكبار كالشيخ عدنان العرعور وعبدالكريم بكار وغيرهما من مشايخ سورية الذين لهم ارتباط بالدعاة والعلماء السعوديين إيضاح هذا الأمر لهؤلاء الدعاة الذين لم يلموا بالواقع السوري، والدعوة لنظام ديمقراطي سيتفق عليه الجميعquot;.

ولعل من المآخذ التي لفت اليها بعض المحتجين السوريين على قناة وصال الفضائية تغييرها لاسم الجمعة التي سميت بجمعة صالح العلي في 17 يونيو 2011 إلى جمعة (الشرفاء) أثناء تقديمها برامجها واعتبروا أن ما قامت به القناة خطوة عنصرية لأن صالح العلي من الطائفة العلوية.

وصالح العلي هو شيخ ورجل دين وشاعر علوي وكان قائداً للثورة السورية ضد الفرنسيين في جبال اللاذقية ورأى السوريون المحتجون على النظام السوري إطلاق اسمه على إحدى الجمع دحضاً لمزاعم النظام بأن المنتفضين طائفيون.

من جانب آخر، يرى بعض من استطلعت quot;إيلافquot; آراءهم من مواقع التواصل الاجتماعي أن على الدعاة الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن الظلم الذي يقع على الشعوب الثائرة أن يراعوا ظروف كل بلد ولا تكون نظرتهم من منطلق إيديولوجي وعقائدي وفئوي فأغلب البلدان الثائرة وعلى رأسها سورية فيها الكثير من الديانات والمذاهب والاتجاهات الفكرية وجميعهم سئموا من الديكتاتورية و سيطرة الحزب الواحد والطائفة الواحدة .

وأثنى البعض منهم على أسلوب رجل الدين السعودي سلمان العودة وطالبوا أن يحذو الدعاة حذوه وخاصة بعد الرسالة الأخيرة التي وجهها للسوريين عبر موقع يوتيوب وقال فيها إن على السوريين إن أرادوا أن تجتمع كلمتهم عقد قلوبهم على النية الطيبة وان يتساموا على الأنانية والمغانم الشخصية وان يرتقوا إلى تحقيق المصلحة العامة للوطن وأهل الوطن وشركاء الوطن من غير تفريق بينهم لأي سبب من الأسباب وان العدل واجب لكل احد والظلم حرام على كل احد.