رأى حسن أبو العينين محامي 46 من المصابين وأسر ضحايا ثورة quot;25 ينايرquot; ان مبارك ومحاميه يغوصان في بحر من الأوهام، بسبب دفوع الديب المستندة إلى اعتبار الرئيس المخلوع رئيسا حالياً وبريئا من تهمة القتل في محاولة لتشكيك المحكمة في الأدلة المقدمة من النيابة.


حسن أبو العينين محامي 46 من المصابين وأسر الضحايا

القاهرة: أثارت مرافعة فريد الديب محامي الرئيس المصري السابق حسني مبارك الكثير من الجدل، لاسيما في ما يخص القول بأنه ما زال قائداً للقوات الجوية، ويحق له المثول أمام القضاء العسكري، وذلك بشأن إتهامه بارتكاب جرائم فساد، بالإضافة إلى القول إن مبارك ما زال رئيساً للجمهورية، ولا يحق إحالته على المحاكمة إلا بتهمة الخيانة العظمى، من خلال أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشعب، فضلاً عن اتهام الجيش بالمسؤولية عن قتل المتظاهرين في يوم جمعة الغضب 28 كانون الثاني / يناير 2011.

إلا ان حسن أبو العينين محامي 46 من المصابين وأسر الضحايا، أكد لـquot;إيلافquot; أن هذه الدفوع مردودة عليها، وغالبيتها غير قانونية، مشيراً إلى أن مبارك مسؤول مباشرة عن قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار بخسة، ومدان في قضايا الفساد واستغلال المنصب، ولا يحق له المثول أمام القضاء العسكري، اذ لم يعد رئيساً للجمهورية، لأن الثورة اندلعت ضده، وأطاحت به، ووضعت شرعية جديدة، بخلاف شرعية دستور 1971 الذي أسقطته الثورة، بالإضافة إلى وضع المجلس العسكري إعلانا دستوريا جديدا جرى الإستفتاء عليه في 9 أذار / مارس الماضي، و في التالي نص المقابلة:

أثار محامي مبارك والعادلي العديد من الدفوع، معتبراً ان القانون يمنح الشرطة الحق في إطلاق النار على المتظاهرين الذين وصفهم بـquot;المشاغبينquot;، واتهمهم باستخدام بنادق القنص والأسلحة الآلية، كيف تنظر هيئة محامي أسر الضحايا الى هذه الدفوع؟

هذا الكلام مخالف للحقيقة، لأن المتظاهرين الذين خرجوا في ثورةquot;25 ينايرquot; لم يكونوا مشاغبين، بل أعلنوا أن تظاهراتهم سلمية، ولم يستخدموا العنف ضد الشرطة أو القوات المكلفة بحماية النظام والأمن العام، وعلى الأكثر ردوا على تلك القوات التي أطلقت عليهم الرصاص الحي والخرطوش والقنابل المسيلة للدموع، بإلقاء الحجارة أو إعادة إلقاء عبوات القنابل على القوات مرة أخرى.

وأضاف أنه في حالة إضطرار تلك القوات للتعامل مع المتظاهرين، فيكون التعامل باستخدام الخرطوش أو الرصاص المطاطي وليس الرصاص الحي، او يكون بإطلاق النار على الأرجل، وليس في الصدر أو الرأس مباشرة.

واستنتج ان هناك تعمدا وإصرارا لإزهاق أرواح الضحايا، وهذا يدخل ضمن ما يسمى بـquot;القتل العمد مع سبق الإصرار والترصدquot;، والعقوبة تتراوح ما بين السجن المؤبد أو الإعدام شنقاً للقاتل الأصلي أو المشترك معه سواء بالتحريض أو الصمت.

ذكر فريد الديب محامي مبارك أن النيابة أحالت الرئيس السابق على المحاكمة تحت ضغوط الرأي العام، مشيراً إلى أن قرار الإحالة باطل لأن القضية كانت تشمل حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وستة من مساعديه فقط، ثم أضافت النيابة مبارك عليه لاحقاً، كيف تبرر ذلك؟

هذا الكلام مردود عليه بالقول إن البلاغات كانت تتلاحق على النيابة العامة من كافة أبناء الشعب المصري، وعندما أغلقت القضية على العادلي ومساعديه، لم يكن أحد قد تقدم ببلاغات وأدلة وشهود ضد مبارك، وعندما أجرت النيابة تحقيقاتها في المستجدات توصلت إلى إدانة مبارك بالإشتراك بالتحريض على قتل المتظاهرين، وبناء على ما توافر لديها من أدلة وأقوال للشهود وأسر الضحايا قررت إحالته على المحاكمة.

نفى الديب وجود أدلة تدين مبارك بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين، واستند إلى شهادة نائب الرئيس السابق عمر سليمان والعديد من قيادات الدولة، فضلاً عن عدم التوصل للفاعل الأصلي، كيف ترى ذلك؟

جريمة الإشتراك في القتل بالتحريض ثابتة في حق مبارك، وهناك الكثير من الأدلة منها: إستخراج الرصاص الميري المستخدم في جهاز الشرطة من أجساد القتلى، شهادة الشهود من المصابين وأسر الضحايا، شهادة ضباط شرطة حاليين ومتقاعدين، تحريات وتحقيقات النيابة.

ورأى انه في حال لم يثبت ضده الإتهام بإصدار أوامر صريحة ومباشرة بقتل المتظاهرين، فإن الإتهام ثابت بحقه في ما يخص الصمت على الجريمة، وهو ما يعرف في القانون بـquot;القصد الإحتماليquot;، أي أنه كان يعلم بجريمة قتل، وكان باستطاعته منع وقوعها، لكنه لم يفعل، وكان بإمكان مبارك إيقاف عمليات القتل بحق المتظاهرين، لكنه لم يصدر تلك الأوامر، ما يعرف قانوناً بـquot;الإمتناع السلبي عن إصدار أوامر بمنع قتل المتظاهرينquot;، وفي هذه الحالة ينزل القانون به عقوبة تتراوح ما بين 5 و10 سنوات سجن.

قال الديب إن حالات القتل وقعت بعد نزول القوات المسلحة للشوارع يوم جمعة الغضب 28 كانون الثاني / يناير 2011، وأشار إلى وجود ما أسماها بعناصر أجنبية بين المتظاهرين أطلقت الرصاص على أفراد الشرطة والمتظاهرين معاً، ما هي وجهة نظرك؟

محامي مبارك بنى مرافعاته على مبدأ مهم جداً في المحاماة، ألا وهو تشكيك المحكمة في أدلة الإتهام، لاسيما أن هناك مبدأ قضائيا ينص على أن الشك يفسر لصالح المتهم، إذ لابد أن يقتنع القاضي يقيناً بأن المتهم ارتكب الجريمة التي يحاكم بموجبها، ولو حدث شك لديه يكون المتهم أحق بالبراءة أو صدور حكم مخفف.

وأكد انإشارة الديب إلى تحمل القوات المسلحة المسؤولية عن القتل يوم جمعة الغضب بعد الرابعة عصراً، معلومة غير دقيقة، لأن القتل بدأ منذ يوم 25 كانون الثاني / يناير، وتواصل إلى أن حدثت موقعة الجمل يومي 2 و3 شباط / فبراير.

ورغم أن القوات المسلحة صدرت إليها الأوامر بالنزول للشوارع في الرابعة عصراً يوم 28 كانون الثاني / يناير، إلا أن انتشارها لم يتم إلا في حدود الثامنة أو التاسعة مساء، فضلاً عن أن مهمتها كانت تأمين المنشأت الحيوية.

وأوضح ان الشرطة كانت تمارس عملها في قمع المتظاهرين طوال تلك الفترة، كما أن هناك العديد من المناطق لم تنسحب الشرطة منها، مثل وزارة الداخلية ومحيطها، وهذه المناطق شهدت أكبر عدد من القتلى، لذا القول باندساس عناصر أجنبية بين المتظاهرين قامت بأعمال القتل ضد الجانبين فهذا دليل اتهام ضد الشرطة وليس لصالحها، لأن معنى ذلك أنها مقصرة في عملها.

دفع محامي مبارك ببطلان محاكمته في قضية استغلال النفوذ، واستند إلى قانون أصدره الرئيس الراحل أنور السادات، وينص على أن قادة quot;حرب أكتوبرquot; يظلون في الخدمة مدى الحياة، ودعا الديب إلى محاكمة مبارك أمام القضاء العسكري، هل ذلك قانوني؟

هذا القانون كان الهدف منه تكريم قادة quot;حرب أكتوبرquot;، ولم يكن الهدف منه إعفاءهم من المسؤولية الجنائية، ولذلك منحهم ميزات مادية، واشترط الإستعانة بهم في مجالهم كخبراء لإبداء الرأي والمشورة، كما أن مبارك ارتكب جرائم وهو في الوظيفة المدنية باعتباره رئيساً للجمهورية، ومن ثم فإن النيابة العامة أو وزارة العدل ولاسيما جهاز الكسب غير المشروع هي الجهات التي من إختصاصها قانوناً التحقيق في مخالفات مبارك ومحاكمته.

اتهم محامي مبارك كلا من الخبير المكلف من وزارة العدل وضابط الشرطة اللذين أجريا التحريات حول ممتلكات مبارك في مدينة شرم الشيخ بquot;فبركة تقاريرهماquot; وquot;الكذبquot;، لأنهما أثبتا أن موقع القصور والفيلات التي حصل عليها من صديقه رجل الأعمال حسين سالم في خليج نعمة، في حين أنها في منطقة هضبة أم السيد ومرسى الموقع، ألا يبطل ذلك القضية؟

ما ذكره الخبير وضابط الشرطة في تقاريرهما بشأن تهمة استغلال النفوذ، يطلق عليه وصف quot;الإستخدام المجازيquot;، فقد ذكر كلاهما أن الفيلات والقصور في موقع خليج نعمة، وهي منطقة في شرم الشيخ تضم هضبة أم السيد ومرسى الموقع، وبالتالي فليس هناك أي كذب أو فبركة، لأن المكان الكائن به الفيلات جزء مما ذكر في التقرير، لكن محامي مبارك إعتمد في مرافعته على تشكيك المحكمة في أدلة الإتهام.

أنكر الديب تهمة تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار بخسة، ولفت إلى أن الأسعار تقدرها لجنة من وزارة البترول، واستند في ذلك إلى شهادة نائب الرئيس السابق عمر سليمان، فهل هذا يعفي مبارك من الإدانة؟

مبارك لا يحاكم في تلك القضية بتهمة تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة، ولكنه يحاكم بتهمة منح صديقه حسين سالم موافقة على عملية التصدير بأوامر مباشرة، ومن دون مناقصات كما هو منصوص عليه في القانون، فضلاً عن الإضرار بالمال العام من خلال بيع الغاز لشركة حسين سالم بأسعار ضئيلة مقارنة بالأسعار العالمية، الأمر الذي وصفته النيابة بـquot;تسهيل التربح والإسيتلاء على المال العامquot;.

فجر الديب مفاجأة بالقول إن مبارك مازال رئيساً للجمهورية، لأن الدستور والقانون ينصان على أن رئيس الجمهورية المنتخب يظل يمارس مهام عمله إلى حين تسليم السلطة إلى رئيس منتخب آخر، كما أنه أبلغ قرار التنحي لنائبه عمر سليمان تليفونياً، اي لا يعده قانونياً، فطالب ببراءته، هل هذا ممكن؟

هذا الكلام لا يعقل أبداً، لأن الثورة أسقطت نظام حكم مبارك، وأسقطت الدستور الذي يستند إليه فريد الديب في الدفاع عن مبارك، وأقامت شرعية ثورية جديدة، وكان بإمكانها إقامة محكمة ثورية لمبارك وجميع رموز نظام حكمه، وإصدار أحكام بالإعدام في حقهم في غضون أيام أو ساعات، لكنها آثرت الحفاظ على حقوق الإنسان وتقديمهم للقضاء العادي.

وتابع: كما أن الثورة أسقطت الدستور، ووضعت إعلاناً دستورياً جديداً جرى الإستفتاء عليه في شهر أذار / مارس الماضي، وحصل بموجبه المجلس العسكري على سلطات رئيس الجمهورية، فكيف يكون مبارك رئيساً للجمهورية حتى الآن، إن هذا الكلام يشير إلى أن مبارك ومحاميه يغوصان في بحور الأوهام، وختمquot;إن فريد الديب يحاول تشكيك المحكمة في الأدلة، حتى يفسر الشك في صالح موكلهquot;.