اقتصاد لبنان تعب، والبعض يقول إنه يقف على حافة الانهيار، فأتى اللاجئون السوريون ليزيدوا الأعباء الاقتصادية للأسر اللبنانية، ما أعيا الحكومة، إلى أن أتاها الدعم سعوديًا وقطريًا.

بيروت: أعلنت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أنّ نحو 265 ألف سوري تركوا منازلهم بحثاً عن ملاذ آمن في الدول المجاورة كلبنان وتركيا والأردن والعراق، فنزح الى لبنان نحو 48 ألفًا منذ 16 شهرًا، توزعوا على المناطق الشمالية، في مدارس ومجمعات وبيوت الأقارب التي تضيق أصلًا بأهلها.
لكنّ مبعوثي المفوضية نفسها يخشون أن يكون عدد اللاجئين السوريين إلى لبنان حالياً أكثر بكثير مما يعلن، لا سيما أنّ لاجئين كثر لم يعمدوا الى تسجيل أسمائهم لدى المفوضية أو سواها، خصوصاً أولئك الذين يقطنون في الفنادق أو في شقق للإيجار. وما يثبت ذلك قول وائل أبو فاعور، وزير الشؤون الاجتماعية، إن عدد اللاجئين السوريين quot;يقارب 60 ألفًاquot;، في معرض تأكيده على التزام الحكومة اللبنانية استضافتهم وإغاثتهم وإيواءهم وحمايتهم، على الرغم من أن إمكانات الدولة اللبنانية المالية لا تفي بكل المتطلبات، طالبةً المساعدة في ذلك.
وبحسب المفوضية، تصل تكلفة توفير الرعاية الطبية للسوريين نحو مليون دولار شهريًا، بعدما كانت نحو 200 ألف دولار قبل أشهر قليلة. فحتى اللاجئون الذين يعتبرون من متوسطي الدخل، سكنوا شققًا استأجروها أو نزلوا في فنادق، بدأوا يئنون من غلاء المعيشة والإيجارات في لبنان.
ضيافة مكلفة
أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مسحًا ميدانيًا في لبنان بيّن أن وجود اللاجئين السوريين يزيد العبء الاقتصادي على المضيفين اللبنانيين، إذ لجأ هؤلاء إلى مناطق معروف أنها من أفقر مناطق البلاد.
وفقًا لما ذكرته الدراسة الاستنتاجية للمسح، أفاد 69 في المئة من 300 عائلة شملتها الدراسة في الشمال و66 في المئة في البقاع أنهم يستضيفون اللاجئين. وعلى الرغم من أن العديد من الأسر الشمالية استضافت أقارب لها من دون مقابل، حصل 82 في المئة من الأسر البقاعية على الأقل على بعض الإيرادات من إيجار بيوت أو غرف شغلها اللاجئون.
وتستضيف الأسر في الشمال ما يصل إلى 7 أشخاص في المتوسط، بينما يصل العدد إلى 5 في البقاع. كما أن 33 في المئة ممن شملتهم الدراسة في الشمال وفروا مسكنًا للاجئين لمدة تتجاوز العام حتى الآن، علمًا أن العديد من اللاجئين، نساء وأطفالاً، يعتمدون اقتصاديًا على مضيفيهم.
واعترف أكثر من نصف الأسر التي شملتها الدراسة في الشمال أن نفقاتها قد زادت أكثر من 30 في المئة خلال هذا العام. ففي الشمال، ارتفعت أسعار الأدوية 34 في المئة، وأسعار المواد الغذائية 12 في المئة، وذلك منذ أن بدأت الأزمة السورية في آذار (مارس) 2011. بينما ارتفعت أسعار الأغذية في البقاع 18 في المئة، وكلفة التعليم 35 في المئة، والمواصلات 40 في المئة.
وأكد 91 في المئة ممن شملتهم الدراسة في البقاع انخفاض الدخل، وهذا ما أكده 89 في المئة ممن شملتهم الدراسة في الشمال وهذا الانخفاض سببه ارتفاع صعوبة الحصول على عمل، مع وجود منافسة شديدة على الوظائف منخفضة الأجر بسبب توافد أعداد كبيرة من العمال السوريين.
خريطة توضح ظروف اللاجئين السوريين في الخارج
سلال مساعدة
وكانت المملكة العربية السعودية أطلقت حملة quot;نلبي النداءquot; لنصرة هؤلاء اللاجئين الفارين من نيران نظام الأسد. وفي إطلاق هذه الحملة، أعرب السفير السعودي في لبنان، علي عواض العسيري، عن سعادته لإعلان quot;بدء عمل الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا التي ستعنى بتوزيع مساعدات للاجئين السوريين الموجودين في مناطق لبنان بالتعاون والتنسيق مع الحكومة اللبنانيةquot;، وذلك في حضور أبو فاعور وممثل الهيئة العليا للإغاثة التابعة لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني.
وبحسب العسيري، تبدأ الحملة بتوزيع ثلاثين ألف سلة غذائية على السوريين في الشمال والبقاع وكل مناطق وجودهم. وتتألف هذه السلال من كل ما تحتاجه الأسرة من مواد غذائية لمدة شهر كامل، إلى جانب سلة للطفل تحتوي على جميع احتياجات الطفل لشهر كامل أيضًا، وسلة صحية تلبي احتياجات الأسرة شهرًا، مشيرًا إلى quot;مراعاة طبيعة احتياجات الأشقاء السوريين بطريقة علمية وفق نمط حياتهم لدى تهيئة هذه السلالquot;. كما أكد أبو فاعور أن quot;المساعدات الغذائية التي تقدمها هذه الحملة تستوفي الحاجات الأساسية للاجئينquot;.
مأوى وعناية
ولن ينحصر عمل الحملة بتأمين المساعدات الغذائية فقط، بل سيتناول خلال الفترة المقبلة موضوع السكن. فمع تشديد أبو فاعور على مشكلة الإيواء التي تواجه الحكومة اللبنانية، quot;خصوصًا أننا نأوي عددًا من النازحين في مدارس رسمية وخاصة، والعام الدراسي على الأبوابquot;، أوضح العسيري أنه سيتم إيواء عائلات سورية في شقق تُستأجر على نفقة الحملة، ما اعتبره أبو فاعور quot;يرفع عن كاهل الدولة اللبنانية عبئًا كبيرًاquot;.
إلى ذلك، لفت العسيري إلى دراسة القائمين على الحملة إمكانية علاج أكبر عدد ممكن من الجرحى والمرضى السوريين في المستشفيات اللبنانية. وتعقيبًا على ذلك، اشار أبو فاعور إلى أن الدولة اللبنانية كانت تتولى علاج الجرحى المدنيين السوريين في المستشفيات اللبنانية عبر الهيئة العليا للاغاثة، quot;لأن ثمة حاجات لا يمكن التخلف عن تلبيتهاquot;.
ويضيف أبو فاعور: quot;تأتي هذه التقديمات في الوقت والاتجاه المناسبين لمساعدة الدولة، وأول الغيث يأتي من المملكة العربية السعودية، بعدما أطلقت الحكومة اللبنانية النداء الى كل الاصدقاء والجهات المانحة لمساعدتهاquot;.
قطر تساهم
وإلى الحملة السعودية، وجّه أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بتقديم مساعدات إغاثية للاجئين السوريين في لبنان، تصل قيمتها إلى 46 مليون دولار.
وأوضحت وكالة الأنباء القطرية أن الدوحة قدمت 16 مليون دولار من هذه المساعدات خلال شهر رمضان وعيد الفطر٬ استجابة للاحتياجات الإنسانية لهؤلاء اللاجئين وللتخفيف من معاناة الأسر السورية اللاجئة في لبنان.
وقد شملت المساعدات القطرية إقامة مستشفى ميداني، وتوفير سيارات إسعاف وأدوية ومعدات طبي، بالإضافة إلى توفير احتياجات اللاجئين من ملابس وأغذية وأجهزة التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء.
كما ستقوم الحملة الاغاثية بتأمين مساكن للأسر السورية اللاجئة في لبنان التي تسكن المدارس الحكومية تزامنًا مع بدء العام الدراسي الجديد.