يقول سكان قرى تركية، ستحميها بطاريات باتريوت التي سينشرها حلف الأطلسي، إن نشر قوات أجنبية لتشغيل هذه البطاريات سيجر تركيا إلى الحرب، ويرون أن السوريين بحاجة لحماية هذه الصواريخ أكثر منهم.
لندن: مع وصول طلائع الجنود الأميركيين إلى تركيا لتشغيل بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ، بعد نشرها على امتداد الحدود السورية، يقول أتراك سيكونون تحت حماية هذه البطاريات إنه لا حاجة لخط الدفاع الإضافي وإن وجود قوات أجنبية يمكن أن يجر بلدهم إلى الحرب المستعرة على أعتابها.
وقال علي يلماز (49 عاما) الذي يعمل في متجر لبيع الهواتف الخلوية في مدينة انطاكيا ذات الأغلبية العلوية quot;نحن لا نحتاج إلى هذا الشيء بيننا وبين جيرانناquot;. وأضاف ان نشر بطاريات باتريوت quot;خطأ وليس من شأنه إلا أن يسبب مشاكلquot;.
ويتوقع أتراك آخرون أن تحميهم منظومة الدفاع المضاد للصواريخ من القذائف الطائشة التي تسقط أحياناً داخل الأراضي التركية أو جراء هجوم مباشر. ولكنهم يتساءلون لماذا لا يوفر حلف شمالي الأطلسي الذي نشر بطاريات باتريوت في المناطق الحدودية بطلب من تركيا، المستوى نفسه من الحماية لمن يحتاجونها حقا داخل سوريا نفسها، حيث quot;يُقتل الكثير من الأطفال والنساءquot;، كما قال محمد كامل درويش اوغلو (37 عاما) الذي يعمل في فندق في بلدة ريهانلي ذات الأغلبية السنية المتاخمة للحدود، وأصبحت في الأشهر الأخيرة quot;سوريا صغيرةquot;. وأضاف درويش أوغلو لصحيفة واشنطن بوسطت quot;إذا تدخلنا ستكون مواجهة بين جيش وجيش ولكن ان تكون المواجهة بين جيش ضد نساء وأطفال؟ ما ذنب هؤلاء النساء والأطفال؟quot;
مئات من الجنود لتشغيل بطاريات الباتريوت
في غضون ذلك، تنقل الولايات المتحدة نحو 400 عسكري من اوكلاهوما إلى قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا. وكانت الوجبة الأولى من الجنود والامدادات، وصلت يوم الجمعة الماضي ومن المتوقع وصول المزيد خلال الايام المقبلة، كما أكدت قيادة القوات الأميركية في أوروبا.
وسيتولى هؤلاء الجنود تشغيل بطاريات باتريوت في بلدة غازي عنتاب التي تبعد نحو 50 كلم عن الحدود. وتساهم ألمانيا وهولندا ايضا ببطاريتين، من كل منهما ستتمركز في بلدات حدودية أخرى. وستكون مهمة البطاريات اعتراض الصواريخ والقذائف التي تُطلق من داخل الأراضي السورية. واكدت المتحدثة باسم حلف الأطلسي اوانا لونغيسكو، انها quot;مهمة دفاعيةquot; بحتة هدفها ردع التهديدات ضد تركيا ومنع تصعيد القتال على امتداد الحدود. ولا يُعرف إلى متى ستبقى هذه البطاريات في الأراضي التركية.
درع واقية
أصبحت أصوات الحرب جزءًا من حياة الأتراك الذين يعيشون قرب الحدود. وفي أحيان كثيرة يسمع سكان قرية حاجي باشا البالغ عددهم نحو 3000 قروي، يشتركون في وادي قريتهم الذي تتخلله بساتين أشجار الزيتون مع سوريا، هدير الطائرات وأزيز قذائف الهاون والصواريخ. وأحياناً، يشعرون بالاهتزازات الطفيفة الناجمة عن انفجار هذه القذائف. وبعد وقوع هجمات عنيفة يغامر بعض سكان القرية بالتوجه إلى النهر المتاخم للحدود من أجل مساعدة السوريين الجرحى على اللجوء إلى تركيا طلبا للعلاج.
وذات صباح في تشرين الأول (اكتوبر)، سقطت قذيفة في حقل انتهى القريون لتوهم من جني القطن المزروع فيه، كما قال عبد العزيز اولمز الذي يملك بقالية وعاش في القرية طوال حياته.
وأعرب أولمز عن قلق سكان القرية من اقتراب الحرب، مشيراً إلى احتمال أن يضل طيار طريقه أو ان تهب ريح قوية باتجاه قريتهم. وقال اولمز (46 عاما) لصحيفة واشنطن بوست إنه أصبح اكثر استرخاء عندما سمع بقدوم بطاريات باتريوت وأعرب عن الأمل بأن يسفر وجودها عن تقليل هجمات قوات الأسد على القرى السورية على الضفة الأخرى من النهر. وقال لصحيفة واشنطن بوست ان بطاريات باتريوت quot;درع قويةquot;.
وأكد اولمز ان النشاط الاقتصادي تعطل منذ اندلاع الانتفاضة قبل نحو 22 شهرا وان المئات من سكان القرية القدامى اضطروا إلى الرحيل وحل محلهم مئات اللاجئين السوريين، الذين يحتاجون إلى المأوى والملبس الشتائي والمأكل.
وتوقف سوريان انتقلا إلى قرية حاجي باشا عند متجر اولمز لشراء بعض الدقيق وزيت الزيتون. وقال السوريان إن الخطر الذي قد يهدد تركيا لا يُقارن مع ما يواجه السوريين.
ولاحظ أحد الرجلين طالبا عدم ذكر اسمه quot;أن الأميركيين بعملهم هذا يحمون القرى التركية ولكنهم لا يفعلون شيئا للقرى السوريةquot;.
بطاريات لا حاجة اليها
في انطاكيا التي تقع على مسافة أبعد من الحدود، يلاقي نشر بطاريات باتريوت انتقادات واسعة. فالمدينة تسكنها أغلبية علوية وكثيرا ما تخرج تظاهرات تأييد للنظام السوري. وتحدث العديد من الأهالي بعد ظهر الأحد، قائلين إنهم يريدون السلام والاستقرار في سوريا ولا يريدون ثورة. ويشعر البعض بالقلق من أن يكون نشر قوات أجنبية على الحدود خطوة نحو توسيع الحرب، ويتساءلون لماذا يحتاج الجيش التركي إلى مساعدة خارجية.
وقال جميل يوجي (60 عاما) متحدثاً في المطعم الذي يملكه لصحيفة واشنطن بوست، quot;إنهم يدَّعون أنها لأسباب دفاعية ولكنني لا أرى لها حاجة، ولا اعتقد أن شيئا سيحدث وأن قذائف ستأتي من سوريا. لن يحدث شيءquot;.
وأشار حسان بيريم الذي يملك متجرا لبيع الأقراص المدمجة إلى أن الآثار الاقتصادية للانتفاضة السورية، أضرت بتركيا أكثر من القذائف الطائشة، وأن تجارته الآن نصف ما كانت عليه قبل اندلاع الانتفاضة في عام 2011. وأكد بيريم (53 عاما) أنه يعيش ضائقة مالية ولا سيما ان لديه ولدين يدرسان في الكلية، وأن عائلته تأكل لحم الدواجن بدلا من اللحوم الحمراء. وقال بيريم إنه يريد ان يرى نهاية لهذا الوضع.
وعن صواريخ باتريوت قال بيريم quot;إذا كانت لأغراض دفاعية فلا ضير، ولكن إذا كانت لمهاجمة سوريا فاننا لا نريدها. نحن لا نريد الحرب والناس خائفون جدا من الحربquot;.
التعليقات