قد تصطدم آليات الدعم الأميركية للعمليات الفرنسية في مالي بالقانون الأميركي، إذ يمنع دعم دول وصل قادتها إلى الحكم بإنقلاب عسكري، فيما ترفض واشنطن مطلقًا فكرة إرسال جنود أميركيين إلى مالي.
تنظر إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطوة تقديم مساعدات عسكرية كبرى للحملة التي تقوم بها فرنسا ضد العناصر المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في مالي، غير أن تقارير صحافية رأت أن دعمها لحليف كبير قد يشكل اختباراً للحدود القانونية الأميركية وقد ينقل الموارد الخاصة بأنشطة مكافحة الإرهاب إلى صراع جديد تهيمن عليه حالة من الغموض.
وأوضح مسؤولون أميركيون في هذا السياق أن بلادهم تقدم بالفعل أجهزة مراقبة ومساعدات استخباراتية أخرى إلى فرنسا، وقد تعرض عما قريب دعماً عسكرياً مثل طائرات النقل أو إعادة التزود بالوقود، مضيفين أن أي مساعدات سوف تخلو من إمكانية إرسال قوات قتالية أميركية إلى الدولة ذات الأوضاع المتفجرة في غرب أفريقيا.
هذا وتواجه الإدارة الأميركية في غضون ذلك مجموعة تساؤلات خاصة بالدعم العسكري والنطاق الذي تساعد من خلاله فرنسا دون أن تخرق القانون الأميركي أو أن تقوض الأهداف السياسية.
ونوّهت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن توجيه المساعدات العسكرية المباشرة لمالي أمر محظور بموجب القانون الأميركي لأن الحكومة الضعيفة الموجودة هناك استحوذت على السلطة من خلال انقلاب. كما ازدادت التحركات التي تقوم بها أميركا تعقيداً نتيجة الغموض القائم بشأن هوية المسلحين الذين سيتم استهدافهم في الهجوم.
وتضم الشبكة الفضفاضة للمسلحين الماليين المتواجدين في شمال البلاد أعضاء منتمين الى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، أما باقي المقاتلين فهم خصوم منذ مدة طويلة للحكومة المالية ولا يشكلون أي تهديدات مباشرة على المصالح الأميركية.
وقال وزير الدفاع ليون بانيتا خلال زيارة له يوم أمسالى اسبانيا :quot; هدفنا هو فعل ما بوسعنا. والهدف الرئيسي هو أن نضمن عدم قيام القاعدة بتأسيس قاعدة للعمليات في مالي أو أي مكان آخرquot;.
وقد أطلقت فرنسا يوم أمس غارات جوية جديدة في مالي، وأعلنت أنها سوف تزيد حجم قواتها المقاتلة المتواجدة هناك بمقدار ثلاث مرات. هذا وقد فشلت حملة القصف في وقف تقدم المسلحين، ويوحي وجود قوات إضافية بأنه يتم التحضير للقيام بهجوم بري.
كما أن هناك مشاعر قلق تنتاب إدارة أوباما من وراء تعميق دورها في الصراع الدائر حالياً في مالي. لكن الولايات المتحدة تشارك المخاوف الفرنسية المتعلقة بالمكاسب التي يحققها بالفعل المسلحون على أرض الواقع.
لكن أحد مسؤولي إدارة أوباما البارزين أوضح أن واشنطن مهتمة كذلك بمساعدة حليف كبير حيث سبق لفرنسا أن عملت عن قرب في جهود وعمليات مكافحة الإرهاب بالقارة السمراء.
والخوف الذي يهيمن على كل الأطراف الآن هو أن يقوم المسلحون بخلق ملاذ إرهابي في شمال مالي يكون مشابهاً لذلك الملاذ الذي سبق وأن كوّنه المقاتلون في أفغانستان قبل وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر الإرهابية عام 2001.
وقال مسؤولون أميركيون في تصريحات علنية إنهم يدرسون الآن طلبات فرنسا المتعلقة بزيادة المساعدات. لكنهم يقولون في ما بينهم إن واحدة من الطلبات الحاسمة هي تلك التي تتعلق بالمعلومات الاستخباراتية التي قد تستخدم في أغراض الاستهداف، وهو ما أكده مسؤول كبير رفض الكشف عن هويته لخوضه في أمور دبلوماسية واستخباراتية.
وتابع هذا المسؤول بقوله إن عملية تقييم الطلبات ودراستها تنطوي على فهم طبيعة الأهداف الفرنسية والطريقة التي يعتزمون إتباعها من أجل تحقيقها وضد أي جهات سيتعاملون.
وقالت فيكتوريا نولاند الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية quot; لقد طلبوا الدعم بشأن النقل الجوي. وطلبوا الدعم بخصوص إعادة التزود بالوقود في الجو. ونحن إذ نقدم المعلومات من جانبنا، وننظر بجدية في مسألة النقل الجوي، ومساعدتهم في نقل القوات من فرنسا ومن المنطقة لساحات القتال، كما ننظر في مسـألة إعادة التزود بالوقودquot;.
التعليقات