بلغراد: كانت ميروسلافا نيكيتش في السابعة من عمرها عندما هربت مع عائلتها من اهوال الحرب في كرواتيا في التسعينات ولجأت الى مركز للاجئين قرب بلغراد. وبعد عشرين عاما، لا تزال ميروسلافا تعيش بعيدة عن بلادها التي طوت الصفحة وانضمت الى الاتحاد الاوروبي منذ ذلك الحين.

وتقول ميروسلافا quot;منذ ذلك الحين، انهيت هنا دروسي وتزوجت وانجبت اطفالي الثلاثةquot;. ويقتصر quot;بيتهاquot; على غرفتين بالكاد تبلغ مساحة كل منهما 12 مترا مربعا في احد مجمعات هذا المركز المخصص لاستقبال اللاجئين الذي يطلق عليه اسم كرنياكا ويبعد بضعة كيلومترات عن وسط بلغراد. وقد سكنت في البداية في غرفة واحدة ثم استفادت من مغادرة لاجئين للفوز بغرفة اخرى.

وبعد عشرين عاما من النزاعات التي رافقت تفتت يوغوسلافيا السابقة، وتلك التي وقعت في كرواتيا (1991-1995) والبوسنة (1992-1995) وكوسوفو (1998-1999)، تؤوي صربيا اكبر عدد من اللاجئين في المنطقة. وقد اتهمت بأنها المسؤولة عن عمليات التطهير التي قامت بها من اجل توسيع اراضيها، لكن كثيرين من الصرب اضطروا الى الهرب من الجمهوريات اليوغوسلافية السابقة حيث كانوا اقليات.

ومن حوالى 86 الف شخص ما زالت تنطبق عليهم صفة اللاجئ في دول يوغوسلافيا السابقة، تستضيف صربيا اكثر من 66 الفا كما تفيد احصاءات المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ولا يحتسب 200 الف صربي فروا من كوسوفو وقد حصلوا على وضع اشخاص مهجرين، لان صربيا لا تعترف بالاستقلال الذي اعلنته بريشتينا. وحتى لو كانوا يحملون الجنسية الصربية ويتمتعون بحق العمل، فهم يواجهون صعوبة في ايجاد وظيفة في بلد يعاني صعوبات اقتصادية، وبلغت فيه نسبة البطالة 24%. ولا يستطيعون مغادرة المخيم اذا كانوا لا يعملون لانه لا يتوفر لديهم المال لدفع الايجار.

وفي خضم ازمة يوغوسلافيا السابقة، كانت صربيا تؤوي 566,275 لاجئا. وفي الوقت نفسه، بلغ اجمالي اللاجئين والمهجرين في يوغوسلافيا السابقة 3,7 ملايين. ويتوزع اللاجئون على اربعة عشر مركزا في انحاء صربيا كافة. وتنوي اربع من الجمهوريات اليوغوسلافية السابقة اغلاق مراكزها بمساعدة المفوضية العليا للاجئين بحلول العام 2017.

وقال فنسان كوشيتيل مدير مكتب اوروبا في المفوضية العليا للاجئين ان quot;صربيا وكرواتيا والبوسنة ومونتينيغرو قررت ايجاد حلول ... ثمة ارادة لطي هذه الصفحة بطريقة كريمة ... لان الباقين هم المعوزون وياللاسفquot;. والحلول المطروحة هي إما ان يعود كل واحد الى بلاده او ان يقيم بصورة دائمة في البلد المضيف، كما اضاف.

ولا يريد البعض طرح موضوع العودة الى بلاده. وشددت ميروسلافا على القول quot;بالنسبة إليّ، العودة ليست ممكنة الى كرواتيا، فأفراد عائلتي الذين بقيوا هناك قد قتلوا. وكل ما اتمناه هو ان اجد عملا في صربيا والبقاء هناquot;. واوضح كوشيتيل quot;لا نستطيع ارغام الناس على العودة، فالبعض واجه صدمات حيث كانوا يعيشون حتى انهم لا يشعرون بالرغبة في العودة، وثمة آخرون ليس لديهم شيء يحملهم على العودة الى بلادهمquot;.

ولا يأمل ميلودين زيفكوفيتش (54 عاما) الذي فر من سوفا ريكا في كوسوفو في 1999 مع زوجته واولادهما الخمسة في العودة الى بلاده. وقال quot;لقد احرق بيتنا ودمر ولم يعد هناك احد، ولا نستطيع العودة الى كوسوفوquot;. ويشير كوشوتيل الى ان معظم هؤلاء اللاجئين يشعرون بأنهم quot;منسيونquot;.

وفي مركز كرنياكا، اقيمت المراكز القديمة التي يسكنها اللاجئون في ارض خلاء. ولم يبلط اي ممر بالاسفلت. وتركض مجموعة من الاطفال الصغار خلف طابة، ويثيرون سحابة صغيرة من الغبار. وعندما تمطر يتحول هذا الملعب مستنقعا حقيقيا. ولا يدفع اللاجئون ايجارا ويحق لهم بثلاث وجبات في اليوم لكنهم لا يحصلون على اي مساعدة مالية.

وكانت هذه المراكز التي تعود الى السبعينات تؤوي عمالا موسميين. ويتألف كل واحد منها من عشر غرف مع قاعة استحمام ومراحيض مشتركة في حالة يرثى لها. فالانابيب المسدودة والحنفيات المعطلة امر مألوف جدا فيها.