يرمي تسليم البلدان الغربية المقاتلين السوريين المعارضين أسلحة ثقيلة، بينها صواريخ مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدبابات، الى ايجاد ميزان قوى جديد في ميدان عسكري يراوح مكانه بعد سنتين على بدء النزاع السوري.


باريس: ليس في وسع أحد القول إن الأسلحة التي تنوي الدول الغربية تسليمها للثوار السوريين يمكن أن تتيح إطاحة الرئيس بشار الاسد، لكن من شأنها أن تمدهم بجرعة قوة تمكنهم من تشديد الضغط على النظام السوري.
ولم يتعد هذا التدخل الكبير للبلدان الغربية نطاق الفكرة حتى الان. فباريس ولندن المدعومتان من واشنطن، تدعوان الى الإسراع في رفع الحظر الاوروبي على الاسلحة المرسلة الى سوريا، لكنهما لم تكشفا عن موقف واضح حول تسليم مباشر للاسلحة كما يطالب بذلك منذ فترة طويلة مقاتلو المعارضة السورية.
وقال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس ان quot;الهدف بسيط: من أجل حمل الاسد على المجيء الى طاولة المفاوضات، من الضروري تحريك الخطوط على الجبهات للتوصل الى حل سياسيquot;.
واوضح مسؤول فرنسي كبير طلب عدم كشف هويته ان تسليم الاسلحة سيكون quot;وسيلة ضغط على بشار الاسد وعلى الروسquot; الذين يدعمون دمشق.
من جهته، اعتبر جان-بيار مولني من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أن quot;الهدف هو تغيير الاتجاه الذي يفيد أنه اذا ما استمرت الحرب بوتيرتها الراهنة فسيبقى النظام قائماquot;.
ويؤكد عدد كبير من المسؤولين الفرنسيين أن الهدف هو تزويد المقاتلين السوريين بصواريخ أرض-جو لمواجهة الغارات التي تشنها المقاتلات والمروحيات التي تشكل ورقة رابحة في يد النظام.
وأوضح فرنسوا هيسبورغ الخبير في مؤسسة البحث الاستراتيجي ان quot;تأثير عمليات تسليم الاسلحة يمكن ان يكون أساسياquot;، مشيرا الى ان المقاتلين يحتاجون الى quot;اسلحة مضادة للدبابات وبنادق كلاشنيكوفquot;.
تنوع البنادق مشكلة
واضاف ان quot;جيش الاسد يمتلك بنادق كلاشنيكوف لكن مشكلة المقاتلين هي تنوع البنادق التي يمتلكونها والتي تشكل صعوبة على صعيد الذخائر وقطعquot; الغيار.
ومنذ سنة، وبفضل عمليات تسليم الأسلحة التي تمولها بلدان الخليج، وخصوصا قطر، وغنائم الحرب جراء السيطرة على قواعد عسكرية او على مستودعات ذخائر، استفاد المقاتلون المعارضون من الاسلحة والذخائر بنسب متفاوتة.
واذا كان المقاتلون لاحظوا الصيف الماضي تراجعا لاسعار الاسلحة، بسبب توافر العرض، يختلف الوضع اليوم في بعض المناطق. ففي شمال البلاد، يضطر مقاتلون الى الاكتفاء احيانا بالقتال بضع ساعات يوميا بسبب نقص الذخائر.
وقد شكل المقاتلون ترسانة غير متجانسة مؤلفة من اسلحة مهربة تم شراؤها في العراق وتركيا او مباشرة من ضباط في جيش الاسد وquot;صنعواquot; ايضا صواريخ او قنابل.
وبدأوا حيازة صواريخ ارض-جو فعالة. وتم الاستيلاء على معظمها ولاسيما النماذج الروسية اس.آي-7 او اس.اي-18 من مستودعات الثكن او القواعد الجوية التي سيطر عليها المقاتلون في انحاء البلاد. لكن نماذج اخرى اكثر تطورا، تم شراؤها على ما يبدو من السوق السوداء.
وكما حصل في ليبيا في 2011، او منذ ثلاثين عاما في عدد كبير من البلدان الافريقية، اعتمد السوريون ايضا على قاذفات بدائية لإطلاق قذائف يدوية الصنع، وعلى سيارات البيك اب المدرعة بألواح معدنية، وعلى القنابل المصنوعة من بقايا مسحوق العبوات التي تلقيها الطائرات.
وحول المقاتلون ايضا الاستخدام الاصلي للمدافع المضادة للطائرات ووضعوها على آليات لاطلاق النار على دبابات او قوافل عسكرية.
وتقلق هذه quot;المخيلةquot; لدى المتمردين البلدان الاوروبية التي تعارض رفعا للحظر وتعتبر ان الاسلحة المسماة دفاعية رسميا يمكن ايضا ان تؤدي الى تفاقم الوضع.
وقال الخبير فرنسوا هيسبورغ quot;ليس هناك في الاصل اسلحة دفاعيةquot;. واضاف quot;كل شيء رهن بمن يستعملها وكيفquot;. واوضح quot;من وجهة نظر الفرنسيين والبريطانيين، فان الصاروخ الذي يسقط طائرة ترمي قنابل على مدرسة هو سلاح دفاعي. ومن وجهة نظر الطيار، الامر مختلفquot;.
واعتبر جان-بيار مولني انه quot;يتعين ايضا استعادة السيطرة السياسية على المقاتلين المعارضينquot;، مشيرا الى المخاوف من سيطرة قطر والسعودية اللتين تزودان المقاتلين بالاسلحة اليوم quot;على سوريا بعد سقوط الاسدquot;.
اعدام الأسرى توقف
يؤكد القائد ابو سلام طبسة في دير الزور امام جندي شاب في الجيش السوري اسره مسلحو المعارضة منذ كانون الثاني/يناير ان quot;الامور تغيرت واليوم لم نعد نعدم الاسرىquot;.
ويقول الجندي علاء ابراهيم الذي ينتمي الى الاقلية العلوية واسر في كانون الثاني/يناير على يد quot;كتيبة احفاد محمدquot; في مدينة دير الزور شرق سوريا، انه لم يعد قلقا حيال نوايا مقاتلي المعارضة.
وقال الجندي البالغ ال22 من العمر والمتحدر من حماه وسط سوريا التي تشهد نزاعا دمويا منذ عامين quot;عندما وقعت في الاسر اعتقدت ان المقاتلين سيعدموننيquot;.
وافاد مراسل فرانس برس ان الجندي كان يتحدث من دون ان يراقب او يسجن واكد انه يدلي بتصريحاته بحرية.
واضاف وهو ينظر الى القائد ابو سلام طبسة الذي دخل الغرفة لتوه quot;قال الجيش لاسرتي اني اعدمت. لكن هذا الرجل اعطاني هاتفه النقال لاتصل بوالدتي واؤكد لها اني بصحة جيدةquot;.
واعرب علاء عن رغبته في العودة الى اسرته في حماه. واضاف quot;قالوا لي اني سأتمكن من العودة الى دياري قريبا وانهم يحاولون ايجاد طريق آمنquot; لتفادي المعارك.
وقال القائد طبسة quot;اذا اراد علاء ان يجتمع باسرته فليعد الى ديارهquot;.
يقر باعدام اسرى في الماضي
واضاف ان مقاتلي المعارضة يتحققون من ان الجنود الاسرى quot;لم يمارسوا القتل قبل ان يقرروا ما اذا ارادوا العودة الى ديارهم او مغادرة سوريا او الانضمام الى صفوفناquot;. واوضح quot;لا نرغمهم على القيام باي شيءquot;.
وتابع ان quot;الجنود الذين يقرون بأنهم قتلوا نبادلهم بمدنيين مسجونين لدى النظام. ماذا نستفيد اذا اعدمناهم رميا بالرصاص؟quot;.
لكنه يقر بان معارضين اعدموا في الماضي جنودا اسرى. واضاف quot;في الماضي لم نحسن التصرف فمثلا اعدمنا جنودا اسرى لكن الامور تغيرت. واليوم ما عدنا نعدم الاسرىquot;.
وقال ان quot;المقاتل (المعارض) الذي يقوم بذلك يحاكم من قبل مجلس حربquot;.
ودعت منظمة العفو الدولية مجلس الامن الدولي الى احالة ملف جرائم الحرب المرتكبة من قبل جانبي النزاع على المحكمة الجنائية الدولية.
واكدت منظمة العفو ان لديها ادلة تفيد باستخدام قوات النظام السوري quot;اسلحة محظرة دوليا ضد المدنيينquot; ولجوء مقاتلي المعارضة الى quot;تعذيب وقتل جنود وعناصر ميليشيات موالية للحكومة ومدنيينquot; اسروا او خطفوا.
وقال القائد quot;اذا اردنا ان تنتهي هذه الحرب يوما، فلا يمكننا ان ننجر وراء الاحقاد واعمال الثأر. كلنا سوريون واشقاءquot;.
ويؤيد اكرم عساف وهو مقاتل معارض هذا الرأي بالقول quot;لا فرق بين الاسرى وجنودنا. كلنا اخوة وكلنا سوريون. ننام معا ونأكل معاquot;.
ورغم تطمينات القائد طبسة، لا يزال علاء قلقا على مستقبله ومستقبل بلاده.
وقال quot;اذا عدت الى منزلي سيطلب مني ان التحق بصفوف الجيش واذا رفضت فسأعدم مع جميع افراد عائلتيquot;، آملا بان يتاح له اللجوء الى الخارج.
واضاف quot;اتخوف من حرب طائفية لان هناك جهاديين في صفوف مسلحي المعارضة. واذا استولوا على السلطة فسنواجه في المستقبل مشاكل جدية والحرب لن تنتهي ابداquot;.