كشف علاء الرمحي، محامي أحمد قذاف الدم، إن موكله تعرض لمحاولة اختطاف، ضمن صفقة قذرة بين نظامي الحكم في مصر وليبيا، وعندما فشلت تحجج المصريون بمذكرة توقيف صادرة عن الانتربول بتهم فساد.


القاهرة: كشف الدكتور علاء الرمحي، محامي أحمد قذاف الدم، عن تعرض ابن عم العقيد الليبي المقتول معمر القذافي، لمحاولة اختطاف من قبل ميليشيات في إطار صفقة قذرة.

وأوضح الرمحي في مقابلة مع quot;إيلافquot; أن مجموعة من المسلحين الملثمين هاجموا منزل قذاف الدم في الواحدة من صباح يوم الثلاثاء الماضي، 19 آذار (مارس) الجاري، وحاولت اختطافه، مشيرًا إلى أن قوة الحراسة الرسمية المصرية التابعة لجهاز الشرطة تصدت لهم، واشتبكت معهم حتى الصباح.

أضاف: quot;هناك ملامح صفقة أبرمت بين الإخوان والحكومة الليبية من أجل تسليم قذاف الدم إلى ليبيا على طريقة تسليم موريتانيا لرئيس مخابرات القذافي السابق عبد الله السنوسيquot;.

ولفت الرمحي إلى أن الشرطة المصرية تدخلت في الصباح خشية افتضاح أمر الصفقة، التي وصفها بـquot;القذرةquot;، وقالت إن هناك مذكرة من الإنتربول الدولي لاعتقال قذاف الدم، quot;لكن محاميه لم يطلعوا على تلك المذكرةquot;. ولفت إلى أن قذاف الدم حزين جدًا لما حصل له، quot;لأنه لم يكن يتوقع أن يباع بهذه الطريقةquot;.

في ما يأتي نص الحوار:

كيف ترى عملية اعتقال أحمد قذاف الدم من منزله في حي الزمالك في القاهرة تمهيدًا لتسليمه للسلطات الليبية بناء على مذكرة من الإنتربول الدولي؟

ما حدث لم يكن عملية اعتقال بناء على مذكرة قضائية، بل عملية اختطاف، إذ حاولت مجموعة من المسلحين الملثمين تنفيذها تحت جنح الظلام في إطار صفقة قذرة بين الحكام الجدد في كل من مصر وليبيا، تمامًا كصفقة تسليم موريتانيا لعبد الله السنوسي، رئيس المخابرات الليبية السابق. فقد كان الرجل مقيمًا في موريتانيا وحصل على عهد إقامة وأمان من السلطة هناك، لكنه فوجئ باستدعائه بالطريقة نفسها وتسليمه على باب الطائرة، من دون أي إجراءات قانونية. وما زال الطرف الليبي الذي أبرم الصفقة الأولى، يصر على إبرام الصفقات مع مختلف الأطراف بالطريقة ذاتها، وأعتقد أن الأوضاع في مصر أخلاقيًا أسوأ مما هي عليه في موريتانيا.

اتفاق سري

هل لديك ما يثبت ما تقوله عن صفقة تسليم مصر قذاف الدم إلى ليبيا؟

طبعًا، أولًا تم الإتفاق على العملية خلال زيارة رئيس الوزراء الليبي علي زيدان لمصر في الأسبوع الماضي، إذ لم تعلن أية أسباب للزيارة خلاف ذلك. وليس من المعقول أن يأتي زيدان لمصر من أجل فسحة على النيل. ولم يتم طرح أية موضوعات أو قضايا للنقاش خلاف تسليم رموز حكم القذافي. وكان من المفترض ضمن خطة الإختطاف أن تقلع طائرة مصرية فجر الثلاثاء الماضي من القاهرة، تقل مساعدًا لرئيس الوزراء، ومساعد وزير الخارجية المصريين، ومعهما أحمد قذاف الدم، على أن يتم الإعلان أنه تم إختطافه أو أي شيء من هذا القبيل. ما يؤكد ذلك أن الأحداث بدأت في الواحدة صباحًا، واستمر الوضع معلقًا حتى الحادية عشرة صباحًا. لم تصدر بيانات عن الدولة، ولم يتم توضيح طبيعة الواقعة. وإتصل الرجل بقنوات فضائية على الهواء مباشرة، قال إنه محاصر من قبل مسلحين مجهولين. وللعلم فإن من يحرسون منزل أحمد قذاف الدم هم أفراد أمن مصريين نظاميين، يعملون بأوامر الدولة. ولو أرادت الدولة اعتقاله، ليس عليها سوى أن تأمر الحراس بالتحفظ عليه. كما محل إقامة أحمد قذاف الدم معلوم، ويتواجد صباح مساء مع كل الناس.

لكن ما حصلت عليه مصر من تلك الصفقة مقابل تسليم قذاف الدم إلى ليبيا؟

الصفقة تمت في سرية، وكما حدث في صفقة عبد الله السنوسي، كان الأمر سيتكرر مع قذاف الدم. لم تعلن التفاصيل إلا بعد التسليم، فالتعامل كان يتم على طريقة تسليم بضائع ممنوعة. فالصفقات المحترمة يعلن عنها، والصفقات غير المحترمة، تتم في السر، كما صفقات المخدرات والسلاح. والإتفاق لا يكتب على ورق، لأنه كلام يشين ويدين.

وماذا حدث بعد الإعلان عن اعتقال قذاف الدم بناء على مذكرة من الإنتربول في تهم تتعلق بالفساد؟

يجب على الدولة المصرية أن تفيدنا عن أسباب تواجد أشخاص ليبيين في مصر، في توقيت تنفيذ المهمة، كانوا متهمين في قتل اللواء عبد الفتاح يونس، منهم شخص يدعى فوزي أبو كتف، وآخر يدعى إسماعيل الصلابي، إلى آخرين كانوا من المشاركين في اغتيال اللواء يونس أثناء الثورة ضد القذافي. يجب على الدولة المصرية أن تكشف من هم الملثمون الذين هاجموا منزل قذاف الدم. وهل تلك القوة التي توجهت إلى مقر إقامته للقبض عليه، قدمت خطاب اعتقال من النائب العام إلى القوة الأخرى المكلفة بحمايته؟

لا سند قانوني

لكن السلطات الليبية تقول إن قذاف الدم مطلوب للعدالة في تهم تتعلق بالفساد؟

هذه القضية مفروغ منها، ولم تكن ضد قذاف الدم وحده، بل مجموعة أخرى. وتم تقديم ما يفيد سلامة مواقفهم القانونية إلى النائب العام المصري، الذي قرر إغلاق القضية، لأن التحقيقات والأوراق القادمة من ليبيا تفتقد إلى الجدية والموضوعية. ووجد أنها تخلو من أي سند قانوني يتيح له التحقيق.

ولماذا إذن تم القبض عليه وعرضه على النائب العام؟

حدث هذا الأمر بعدما فشل سيناريو الإختطاف، ووجدوا أنهم في ورطة تؤدي إلى فضيحة، لا سيما أن الموقف انكشف. وكانت المسألة ستثير العديد من التساؤلات، منها: لماذا وقع اشتباك بين جهازين أمنيين الأول يحرس قذاف الدم والآخر حضر لاعتقاله؟ فضلًا عن أن تواجد قذاف الدم في مصر كان بناء على دعوة من الحكومة المصرية أثناء حكم المجلس العسكري، واستقبله وزير الخارجية حينها استقبالًا رسميًا. فأقام في القاهرة معززًا مكرمًا، وعينوا له مجموعة من الحراسات الخاصة بوزارة الداخلية، كضيف مرحب به.

بوصفك محاميه، هل إطلعت على مذكرة الإعتقال التي أصدرها الإنتربول؟

لم نطلع على أي شيء، قيل إن هناك مذكرة بعد وصولنا إلى مقر النائب العام ظهرًا. والغريب في الأمر أن مدة استجواب قذاف الدم كانت أقل كثيرًا من مدة إنتظار القرار. جلسنا أكثر من أربع ساعات في إنتظار قرار يخص تحقيقا لم يستمر أكثر من نصف أو ثلث ساعة. مكتب النائب العام لم يكن مستعدًا للتحقيقات. في تلك الحالات، يستغرق التحقيق خمس أو ست ساعات على الأقل، وتكون هناك مستندات جاهزة وأدلة وإثباتات وشهود جاهزين. ويجري تحقيق ثم راحة، ثم تحقيق، هكذا. كان قذاف الدم معظم الوقت موجودًا في غرفة محروسة في مكتب المحامي العام. أعتقد أن الإنتقال لمكتب المحامي العام كان وسلية للتغطية على ما تم، وحفظ بعض ماء الوجه.

آسف وحزين

ماذا دار بينكم وبين قذاف الدم خلال تلك الفترة؟

الرجل آسف جدًا، وحزين جدًا، ولم يتوقع مثل هذا الأمر. فهو بطبيعته خلوق، وكان واحدًا ممن حاربوا في حرب أكتوبر 1973 في قناة السويس. فهو من مواليد محافظة البحيرة لأم مصرية، وله بقوة القانون الجنسية المصرية. أحمد قذاف الدم المسؤول العربي الوحيد الذي تواجد شخصيًا أثناء حادث إنهيار صخرة الدويقة على المصريين، ورفع الإستثمارات الليبية في مصر بشكل غير مسبوق. ولذلك فالرجل حزين جدًا، لأنه لم يكن يتخيل أن يباع بهذه الطريقة.

ما حقيقة حيازته جوازي سفر؟

لأحمد قذاف الدم صفة رسمية، فهو منسق العلاقات المصرية الليبية، وأعتقده دخل البلاد بهذه الصفة وتعامل بالجواز الذي يحمل هذه الصفة مليون مرة. وليس هو الشخص الذي يغير اسمه. وهل إختصرت الإتهامات في أنه يحمل ورقة مزورة. إنه كلام صغير، يظهر أنه لا يوجد كلام كبير.

السلطات الليبية تقول إن قذاف الدم متهم بالإستيلاء على نحو 150 مليون دينار ليبي؟

هذه القضية منتهية بالتصالح مع أحمد قذاف الدم عن طريق السيد مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الإنتقالي الليبي. فقد عقدت جلسة تصالح في القاهرة بوجود آخرين من المجلس، وتم استلام كافة الممتلكات الليبية داخل مصر بالكامل أضعاف أضعاف هذا المبلغ. لم تكن باسم أحمد قذاف الدم، ولكن باسم الدولة الليبية. يجب عليهم أن يسألوا المجلس الإنتقالي الذي حكم ليبيا عن تلك المليارات، وأعلن عن هذا الأمر في وقته. وأعتقد أنهم تسلموها ولم تصل ليبيا.

ما السيناريوهات التي ستعملون عليها خلال الفترة المقبلة؟

سنتخذ كل الإجراءات القانونية اللازمة من أجل كشف هوية من أتى إلى منزل قذاف الدم، لأن فيه لب الصفقة، وما تم فيها. من هم الأشخاص الذين كانوا يرتدون زي الشرطة المصرية، وهاجموا الحراسة الخاصة بقذاف الدم التي تنتمي إلى الشرطة المصرية أيضًا. هل هي ميليشيات تعمل بشكل خاص؟ هل يدخل هذا ضمن ألبسة الجيش والشرطة التي تسرب شرقًا وغربًا؟ يجب أن يعرف المواطن المصري ماذا يجري في بلاده.