يرى مراقبون أن دعم الغرب للمعارضة الإيرانية لتحدث تغييرًا داخليًا في بنية النظام في طهران طريق ثالث، يضاف إلى طريقين مُرّين، يتمثلان في القبول بإيران نووية أو مهاجمتها عسكريًا.


مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران (يونيو) المقبل، يرى مراقبون أن الانتخابات يمكن أن تمنح الرئيس الأميركي باراك أوباما فرصة ثانية لانتهاج سياسة صائبة هذه المرة.

ففي العام 2009، عندما شهدت إيران موجة احتجاجات عارمة في أعقاب الانتخابات المطعون في شرعيتها، وقف أوباما موقف المتفرج على إخماد حركة الاحتجاج بالقوة. لكن السخط على نظام الملالي ما زال شديدًا، وإذا انفجرت احتجاجات مماثلة في الانتخابات المقبلة، فعلى البيت الأبيض أن يكون مستعدًا هذه المرة.

خيار دعم المعارضة
يُفترض بالرئيس الأميركي أن يتعظ من دروس الربيع العربي، بأن ما يبدو نظامًا قمعيًا راسخًا يمكن أن يطاح به بإرادة شعبية. وتتيح الانتخابات الإيرانية فرصة كي تقدم الولايات المتحدة دعمها، الذي تأخر للمعارضة الإيرانية، بما في ذلك تشجيع الإيرانيين على الانتفاضة خلال الأشهر المقبلة، كما ترى صحيفة وول ستريت جورنال.

وكان أوباما استبعد أن تتمكن إيران من إنتاج قنبلة نووية في خلال أقل من عام، ويتيح هذا متنفسًا للولايات المتحدة والدول الحليفة كي تجرب بديلًا ثالثًا من خيارين صعبين، هما التسليم بإيران نووية أو توجيه ضربة عسكرية لمنعها من أن تصبح نووية. الخيار الثالث هو دعم المعارضة في إيران، حيث يتطلع ملايين الإيرانيين إلى التخلص من حكم الملالي الجاثم على صدورهم.

العامل الاقتصادي
قلة اعتقدت أنه كان بالإمكان إنهاء النظام السوفياتي من دون حرب، لكنه انهار من الداخل من دون عنف يُذكر. وذهبت تقويمات الاستخبارات الغربية في حينه إلى أن النظام السوفيتي نظام راسخ والاقتصاد متعافٍ نسبيًا، رغم أن الاستياء كان منتشرًا والاقتصاد راكدًا.

وتحت وطأة العقوبات وسوء الإدارة، فإن النظام الإيراني لا يستطيع أن يدعي أن الاقتصاد في حالة مطمئِنة، بل تبيّن التحليلات الرسمية لمركز أبحاث البرلمان الإيراني أن استطلاعًا، شمل 98 شركة، كشف أن الإنتاج خلال الأشهر الاثني عشر الماضية انخفض بنسبة 40.3 في المئة، وتشغيل الأيدي العاملة هبط بنسبة 36.5 في المئة خلال الفترة نفسها.

وبلغ التضخم معدلات جامحة، حتى ارتفعت كلفة المنتجات المصنعة بنسبة 87.9 في المئة، وأسعار المواد الأولية بنسبة 112 في المئة، وتشهد إيران إضرابات واحتجاجات ينظمها عمّال لم تُدفع أُجورهم منذ أشهر.

لم تُسحق
تنظر أوساط واسعة من الإيرانيين إلى النظام على أنه فاسد يفتقر إلى الشرعية، بعدما زوّر انتخابات العام 2009. وتعرض قادة الحركة الخضراء، التي انتعشت لفترة قصيرة بعد الانتخابات، للاعتقال بأمر من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أمر أيضًا بإغلاق عشرات الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية.

وترى غالبية الخبراء المتخصصين بالشؤون الإيرانية أن المعارضة سُحقت، لكن هذا كان رأيهم قبل حزيران (يونيو) 2009 أيضًا، ثم نزل ملايين الإيرانيين إلى الشوارع، وخاضوا مواجهات مع قوات النظام طوال أشهر.

من أبرز المؤشرات إلى تنامي قوة المعارضة الإيرانية تعامل النظام مع قائدي الحركة الخضراء مير حسين موسوي ومهدي كروبي، اللذين فرضت عليهما الإقامة الجبرية منذ ما يربو على عامين، من دون أن يجرؤ النظام على سجن أي منهما.

واعترف علي سعيدي، ممثل المرشد الأعلى في قوات الحرس الثوري، في مقابلة صحافية بأن السلطات لم تلاحقهما quot;لأن لديهما مناصرين ومؤازرينquot;.

عمليات المعارضة
في غضون ذلك، توجّه المعارضة ضربات إلى مرافق النظام الحيوية، بما في ذلك عمليات تخريب خطوط الغاز والموانئ والمصافي، واستهداف قوات الحرس الثوري.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصدر في المعارضة الإيرانية تأكيده على أن سبعة من ضباط الحرس الثوري قُتلوا في الشهر الماضي في كمين على أحد الطرق السريعة في شمال طهران.

وقال قياديون في المعارضة إن القوى المناهضة للنظام، بما فيها الحركة الخضراء والنقابات وجماعات عرقية كبيرة من الأكراد والبلوش والآذريين، تنسق نشاطاتها.

ويرى مراقبون أن دعم المعارضة الإيرانية وإسقاط النظام لن يوفر على الغرب مواجهة نووية فحسب، بل سيقطع شريان الحياة عن منظمات إرهابية في مختلف أنحاء العالم.

مسؤولية الولايات المتحدة
للمساهمة في تحقيق هذا الهدف، يمكن أن تدعو الولايات المتحدة علنًا إلى إنهاء النظام، وإيصال هذه الدعوة إلى اسماع الشعب الإيراني. كما ينبغي بذل مجهود أكبر في مجال البث الإذاعي الموجّه إلى إيران، لإطلاع الإيرانيين على حقيقة ما يجري في بلدهم، ومدّ عناصر المعارضة بأجهزة أفضل للاتصال في ما بينهم ومع العالم الخارجي.

وعلى الولايات المتحدة أن تشنّ حملة لا هوادة فيها من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في إيران بتسميتهم في كل المناسبات والمحافل الدولية، وتشجيع المنظمات النقابية العالمية على استحداث صندوق لدعم العمال الإيرانيين حين يعلنون الإضراب.

المهم أن يبقى الغرب على اتصال دائم مع المعارضة لمعرفة احتياجاتها، كما ترى صحيفة وول ستريت، ناقلة عن مصادر في إيران أن الدولة الغربية لم تتصل بقادة الحركة الخضراء منذ انتخابات العام 2009.