عثر علماء آثار عن بقايا حيوانات في مكان استخدم لاستضافة عمال بناء الأهرامات، واستدلوا منها على أن هؤلاء العمال حظيوا بالعناية الصحية اللازمة، وأكلوا نحو أربعة آلاف رطل من اللحوم يوميًا.


القاهرة: كشف علماء آثار في مصر عن بقايا قديمة لما يعتقد أنها حملة ضيافة ضخمة، كان يُقدَّم خلالها آلاف الأرطال من اللحم، لإطعام العمال الذين قاموا ببناء أهرامات الجيزة.

فقد عثر العلماء على تلك البقايا في مكان يعتقد أنه كان قرية تستخدم في استضافة العمال، على مسافة تقدر بحوالي 1300 قدم جنوب أبي الهول. ويعتقد أيضًا أن العمال، الذين تواجدوا بذلك المكان لمدة قدرت بحوالي 35 سنة، كانوا يبنون هرم منقرع، وهو ثالث وآخر الأهرامات التي تم بنائها على هضبة الجيزة في تلك الفترة.

حيط الغراب

يشتهر ذلك المكان، الذي يخضع للدراسة منذ عدة عقود، باسم حيط الغراب، ويطلق عليه في بعض الأحيان اسم مدينة بناة الأهرام المفقودة.

واكتشف الباحثون مقبرة قريبة فيها جثامين عمال كانوا يساهمون في بناء الأهرامات، إلى جانب زريبة يعتقد أنها كانت مزودة بمناطق مخصصة للذبح على الحافة الجنوبية للمدينة، التي كان يقيم فيها العمال، وكذلك أكوام من عظام الحيوانات.

وبارتكازهم على نتائج خاصة بعظام الحيوانات وبيانات تغذوية وأمور أخرى تم اكتشافها في موقع مدينة العمال، قدر علماء الآثار أنه كان يتم ذبح أكثر من 4000 رطل من الأبقار والأغنام والماعز في المتوسط كل يوم من أجل إطعام عمال بناء الهرم.

عناية فائقة

وخلص العلماء كذلك إلى أن العمال كانوا يعملون في أجواء جيدة نسبيًا، وهذا استشفوه من نظام الغذاء الغني باللحوم، ومن الرعاية الطبية التي كانت متوافرة على ما يبدو، إذ أظهرت دراستهم للهياكل التي وجدوها أنها ملتئمة العظام.

ونقل موقع لايف ساينس الالكتروني عن ريتشارد ريدينغ، كبير الباحثين في مجموعة أبحاث مصر القديمة، التي تنقب وتدرس بموقع مدينة العمال منذ نحو 25 عامًا، تأكيده أن العمال كانوا يحظون بعناية جيدة.

وأضاف: quot;كان هناك اهتمام بالعمال، وتم إطعامهم بشكل جيد حينما كانوا يذهبون إلى هناك للعمل، لهذا كان هناك حالة من الانجذاب للعمل في هذا الموقع، ويمكنني القول إنهم كانوا يحصلون على غذاء أفضل بكثير من الغذاء الذي حصلوا عليه في قراهمquot;.

قوة عمل كبيرة

وأوضح ريدينغ أنه تمكن من تحديد وجود نحو 25 ألف عظمة تخص ثمانية آلاف من رؤوس الماشية وألف من الخنازير. واتضح للعلماء أن نحو 10 آلاف عامل ساعدوا في بناء هرم منقرع، من خلال قطع الأحجار وإكمال التحضيرات وإجراء مسح للأعمال التي يتم إنجازها.

وعاود ريدينغ هنا ليقول: quot;ما كانوا يقومون به هو أنهم استقدموا طوال مدة قدرت بنحو أربعة أو خمسة أشهر قوة عمل كبيرة من أجل نقل الأحجار، وأن كل عملهم كان يتركز فقط على نقل الأحجارquot;. وأشار ريدينغ، وهو عالم آثار يعمل لصالح متحف كيلسي وهو عضو في هيئة جامعة ميتشيغن، إلى أن العمال كانوا يحتاجون إلى بروتينات تتراوح بين 45 إلى 50 غرام يوميًا على الأقل.

لحوم وبقوليات

وقال ريدينغ إن نصف هذه البروتينات كان يُستَمَد على الأرجح من الأسماك والبقوليات والعدس وبقية المصادر التي لا تعتمد على اللحم، بينما كان يستمد النصف الآخر من لحوم الأغنام والماعز، quot;أما الحليب والجبن فلم يستخدما بسبب مشكلات نقلهم وضعف إنتاج الماشية من الحليب في ذلك الوقتquot;.

وقدر ريدينغ أنه كان يتم استهلاك نحو 48 رأس من الأغنام والماعز كل يوم، بالإضافة إلى تزويد العمال بالحبوب والبيرة وغيرهما. هذا وسيتم إجراء دراسات أخرى مستقبلًا للبحث عن بقايا مدن عمال بناء هرمي خوفو وخفرع.