بيروت: يرى خبراء ان النظام السوري اقدم خلال الفترة الاخيرة على تغيير استراتيجيته العسكرية، عبر فتح quot;حرب الاوتوستراداتquot; بهدف السيطرة على محاور المرور الرئيسية في البلاد ومحاولة عزل المقاتلين المعارضين في ريف دمشق، وذلك عوضا عن تشتيت قواه في كل مكان في مواجهة خصومه.

ويعتمد النظام في هذه الاستراتيجية الجديدة على مسلحين موالين له يعرفون الارض تماما وتدربوا على مدى اشهر في ايران او روسيا، بحسب ما يؤكد مصدر امني سوري. ويقول المصدر لوكالة فرانس برس quot;هناك تغيير في الاستراتيجية. لا حرب بعد الآن منتشرة على كل الارض السورية ومن شأنها انهاك الجيش من دون اعطاء نتائج مقنعة. اليوم، مسرح العمليات الاساسي هو الطرق السريعة، وذلك بهدف السماح للجيش بالتنقل بسهولة بين المدن التي يتواجد فيهاquot;.

ويوضح المصدر quot;في محافظة حمص مثلا، الاستيلاء على مدينة القصير يسمح بربط حمص بالساحل، بينما السيطرة على الرستن تؤمن الطريق بين حمص وحماة (وسط). اما استعادة معرة النعمان، المدينة الاستراتيجية في ادلب (شمال غرب)، فتربط حماة بحلبquot; في الشمال. ويضيف quot;هذه هي الاهداف الرئيسية اليوم. استعادة الرقة في الشمال لا يشكل اولويةquot;.

ويشاطر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن هذا الرأي. ويقول quot;من درعا (جنوب) الى حلب ومن دمشق الى الساحل السوري، يسعى النظام الى السيطرة على الطرق الرئيسية بهدف فتح ممرات آمنة للقوات النظامية بين المناطق التي يتواجد فيها، ومن اجل الايحاء للناس بانهم قادرون على التنقل لان الجيش يسيطر على الوضعquot;.

وكانت قوات النظام خسرت مدينة الرقة في آذار/مارس، ومدينة معرة النعمان في تشرين الاول/اكتوبر. وتدور منذ اسابيع معارك ضارية في ريف القصير في محافظة حمص بين القوات النظامية مدعومة من حزب الله اللبناني، حليف دمشق القوي، ومسلحي المعارضة الذين خسروا عددا من القرى في المنطقة.

ويقول استاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية وضاح شرارة الخبير في شؤون حزب الله ان مقاتلي الحزب quot;المدربين منذ سنوات على حرب الشوارع يحاصرون اليوم مدينة القصير، بمساندة مدفعية ومن الطيران، ويأملون في الاستيلاء عليها قريباquot;.

ويقدر مؤلف كتاب quot;دولة حزب اللهquot; عدد مقاتلي الحزب في منطقة القصير بما بين 800 الى 1200. وتعتبر القصير مع مدينة الرستن من ابرز المواقع المتبقية لمسلحي المعارضة في ريف حمص. ويقاتل الى جانب النظام ايضا عناصر جيش الدفاع الوطني الذي انشأه النظام ويتشكل من متطوعين، معظمهم من العلويين، يتم تدريبهم ليخوضوا خصوصا حرب الشوارع والمدن.

ويقول عبد الرحمن quot;في السابق، كان هناك تخبط كبير داخل الجيش. اليوم، يبدو النظام مدركا لصعوبة استعادة مدينة الرقة او محافظة دير الزور (شرق)، فلا يشتت قواه في كل مكان، بل يختار اهدافا محددةquot;. ويرى عبد الرحمن أنّ هدف النظام حاليا quot;الالتفاف او عزل او تجميع الثوار في نقاط معينة وتوجيه ضربات محددة لهم، بهدف احراز نقاط. حلت الخطط والعمليات المدروسة محل التدمير العشوائيquot;.

ويقدر ان اسباب هذا التغيير تكمن في انه quot;بات يستعين بعناصر مدربة على حرب الشوارع، ويرجح انه حصل على اسلحة ايرانية جديدة لهذا النوع من المعارك، بالاضافة الى وجود ضباط ايرانيين يساعدون في قيادة العملياتquot;.

ويقول الباحث في مركز quot;كارنيغيquot; للشرق الاوسط في بيروت يزيد صايغ ان quot;الجيش يعاني من مشاكل في العديد، بسبب خسائره على الارض ورفض عدد كبير من الاحتياطيين والمجندين الالتحاق بالخدمةquot;. لذلك، quot;جيش الدفاع الوطني عنصر مفيد للنظام. فمن الافضل سياسيا ايجاد عناصر يخدمون في قراهم وعلى ارضهم حيث يتمتعون بمساندة شعبية ويكونون اكثر فاعليةquot;.

وكان الرئيس السوري بشار الاسد كشف بنفسه خلال مقابلته اخيرا مع قناة quot;الاخباريةquot; السورية التلفزيونية وجود تغيير في الاداء العسكري. وقال ان قواته اليوم quot;تتعامل مع وضع مختلفquot;، مضيفا ان هذه القوات كانت تعمل في بداية الاحداث المستمرة منذ اكثر من سنتين، على quot;طرد الارهابيين وكان يستغرق ذلك بضع ساعات قبل ان تهرب هذه المجموعاتquot;.

واضاف quot;نحن الآن لا نقوم بعمليات تحرير، بل بعمليات قضاء على الارهابيينquot;، مضيفا quot;التكتيك العسكري يفرض احيانا على الدولة ان تتدخل في مكان اكثر من مكان (آخر)quot;. وردا على من يتهمه بمحاولة ربط مناطق النظام ببعضها عبر هذا التكتيك، اكد ان quot;هذا لا يرتبط ابدا بموضوع التقسيمquot;، وان quot;لا اسس للتقسيم في سورياquot;.

ويقول عبد الرحمن ان quot;المكاسب التي حققها النظام نتيجة هذه الخطط الجديدة، ليست انتصارات كبيرة، ولن تقلب الموازين. الا ان على الثوار ان يتنبهوا الى هذا التغيير في الاستراتيجية ويعوا مكامن الخلل ليتمكنوا من معالجتهاquot;.