أظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية أن إيران عبّدت مساحات واسعة من قاعدة بارتشين، التي سعى مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى دخولها منذ سنوات، من دون جدوى. ويعتقد المفتشون الدوليون أن القاعدة كانت في السابق منشأة لاختبار صواعق نووية.


تشير صور فضائية جديدة إلى أن الإيرانيين حاولوا بتعبيد قاعدة بارشين أن يزيلوا آثار اختباراتهم النووية فيها. وقال معهد العلوم والأمن الدولي، في دراسة للصور الفضائية، إن تعبيد القاعدة بالأسفلت، كما تبيّن الصورة التي التُقطت في 13 آب (أغسطس) الجاري، أُنجز على ما يبدو في إطار المراحل الأخيرة لتغييرات كبيرة أُجريت في قاعدة بارتشين، التي تبعد نحو 30 كلم جنوب طهران. وكان العمل على إجراء التغييرات في القاعدة بدأ منذ 18 شهرًا، كما تبيّن مقارنة الصور الجديدة مع صور سابقة التقطتها الأقمار الاصطناعية، بحسب الدراسة.

إخفاء الأدلة
وتجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفاوضات مع إيران لدخول الموقع، بسبب شكوكها بأنه كان يُستخدم في أنشطة نووية. وأصرّت إيران على أن هذه الشكوك تستند إلى أدلة مختلقة، لكنها رفضت حتى الآن طلبات مفتشي الوكالة التحقق بأنفسهم.

ولعل شكوك المفتشين تزايدت بما يبدو أنها محاولة إيرانية لمحو آثار النشاط النووي العسكري، أثناء المفاوضات حول شروط الزيارة. وأعرب يوكيا أمادو، مدير الوكالة، علنًا عن شعوره بالإحباط إزاء امتناع إيران عن السماح لمفتشيه بدخول الموقع. وقال معهد العلوم والأمن الدولي في دراسته إن التغييرات التي أُجريت على قاعدة بارتشين أسفرت عن تبدل كبير في الموقع، يؤثر في قدرة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على جمع عينات بيئية وأدلة أخرى، يمكن أن تُستخدم للتحقق مما إذا كانت أنشطة تتعلق بإنتاج أسلحة نووية جرت هناك في السابق.

أضافت الدراسة أن تعبيد الموقع بالأسفلت سيجعل من الصعوبة بمكان أخذ عينات من التربة، ومن المرجّح أن يكون التعبيد طريقة فاعلة للتستر على أي أدلة بيئية، تؤكد إجراء تجارب ترتبط بإنتاج أسلحة نووية. ولم يُلاحظ أي رد فعل على الدراسة في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، لكن مسؤولين إيرانيين قالوا في السابق إن أي اتهامات بمثل هذا التستر في موقع بارتشين باطلة، لأنه مهما بُذل من جهود، فإنها لن تمحو آثار الإشعاع التي سيجدها المفتشون بأجهزتهم الحساسة.

مرونة منتظرة
تخشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يكون علماء إيرانيون في بارتشين أجروا اختبارات على متفجرات خاصة تقوم بدور الصاعق لتفجير رؤوس نووية تحملها صواريخ بالستية. وأصدرت الوكالة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 تقريرًا، قالت فيه إن موقع بارتشين ربما كان يضم حاوية لمثل هذه الاختبارات، التي أُجريت بين العامين 2000 و2003.

وسمحت إيران لمفتشي الوكالة بزيارة الموقع تحت رقابة مشددة في العام 2005، لكن الزيارة لم تشمل الإطلاع على الحاوية التي ذكرها التقرير. وتعتبر قضية بارتشين اختبارًا لصدق إيران بأن برنامجها النووي ذو أغراض سلمية. ودعت مجموعة القوى الدولية الست إيران إلى السماح لمفتشي الأمم المتحدة بدخول الموقع.

تأتي الدراسة الجديدة على خلفية تلميحات أطلقها الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني إلى إمكانية إحداث تغيير في موقف إيران في نزاعها مع المجتمع الدولي حول أهداف برنامجها النووي. وأشار روحاني إلى أنه سيكون أكثر مرونة لحلّ النزاع، الذي أسفر عن فرض عقوبات شديدة ضد إيران. وراجت تكهنات بأنه قد يسمح لمفتشي الأمم المتحدة بزيارة موقع بارتشين كبادرة حسن نية.