صدم باراك أوباما المعارضة السورية بتأجيل الضربة العسكرية الموعودة لنظام الأسد، لكن هذه المعارضة تستنفر طاقاتها للتحشيد الدولي لتأمين حصول الضربة، لأنها الطريق الوحيد إلى الحل في سوريا كما تقول، وهي الوحيدة القادرة على ردع الأسد قبل تحوله إلى وحش إقليمي.


قبل أن يعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء السبت تأجيل ضربته لنظام الأسد إلى ما بعد مباركة الكونغرس، كانت المعارضة السورية تؤكد أن الضربة الأميركية حاصلة بين لحظة وأخرى، وأنها ستواكب الضربة بهجوم شبه شامل على مواقع الجيش النظامي، لتستفيد من حال الارتباك التي ستصيب هذه المواقع، جراء زخات صواريخ توماهوك. فأتى التأجيل ليبرّد من الهمم المتأججة، والتي رأت أن النصر على نظام بشار الأسد على قاب قوسين او أدنى.

تحشيد دولي

تتخوف المعارضة السورية اليوم من أن يقدم التردد الاميركي للنظام السوري هامشًا للاستقواء، خصوصًا بعدما خرجت شخصيات موالية للأسد تتبجح بأن التهديد السوري بالرد هو ما رد أوباما على أعقابه.

وقالت مصادر في هذه المعارضة إن سلسلة اتصالات ستبدأ خلال الساعات المقبلة مع اصدقاء الشعب السوري من العرب والغربيين لتأمين دعم أكبر للضربة العسكرية، لأن هذه الضربة الموعودة هي الوحيدة القمينة ردع الاسد، ومنعه من تكرار مجازر الكيميائي بحق شعبه، وإضعافه لتسهيل عملية إسقاطه.

وفي إطار تحشيد الرأي العام من أجل قطع الطريق على تراجع أوباما عن قراره الحربي، دعا الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أعضاء الكونغرس الأميركي لتحمل مسؤولياتهم التاريخية تجاه الشعب السوري، واتخاذ القرار الصحيح بدعم توجهات أوباما والادارة الأميركية في وقف آلة قتل النظام المجرم.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى مسؤول في الائتلاف، رفض الكشف عن هويته، قوله: quot;لا مهرب من التدخل العسكري الخارجي في الازمة السورية اذا كان الغرب ساعيًا بجدية إلى حل، فالعدول عن الضربة العسكرية سيحول الأسد إلى وحش اقليمي حقيقي يملك اسلحة كيميائية وصواريخ، وهذا سيشكل كارثة على الشعب السوري والمنطقة والعالمquot;.

سياقان مختلفان

ولا شك في أن عودة أوباما إلى الكونغرس فاجأت الجميع، المعارضة وحتى الأسد نفسه، وشكلت صدمة لمن راهن عليها، لكن المصدر نفسه أكد سرعة تجاوز التشاؤم، quot;فنحن ديموقراطيون، نسعى إلى إحلال الديموقراطية في بلادنا، ولا يمكننا الا أن نحترم الديموقراطية التي تمسك بها أوباما، ونحن قانعون بأن الكونغرس سيعطي اوباما التفويض الذي يحتاج اليه، ومن صبر سنتين ونصف السنة يصبر ايامًا بعد، سيستغلها الائتلاف لاجراء اتصالات مع الجامعة العربية وتركيا التي تملك علاقات مميزة مع الغرب، من اجل حثه على دعم الضربة التي ستخفف من عذابات الشعب السوري، وستشمل بريطانيا والمانيا اللتين اعلنتا تأييدهما لضربة عسكرية بالرغم من رفضهما المشاركة فيهاquot;.

وقال سمير نشار، عضو الائتلاف السوري، إن الكونغرس سيوافق على الضربة بعد الاطلاع على الادلة غير القابلة للشك التي جمعتها الاستخبارات الاميركية حول مسؤولية النظام في ارتكاب الهجوم الكيميائي بريف دمشق في 21 آب (اغسطس) الماضي. أضاف: quot;سيتأكد اعضاء الكونغرس بعد الاطلاع على التقرير المفصل أن السياق السوري مختلف تمامًا عن السياق العراقيquot;.

لا حل

في هذا الاطار، تحدث مراقبون فرنسيون عن عجز تعانيه إدارة أوباما في سوريا، عبّرت عنه المستشارة الفرنسية في شؤون الشرق الاوسط انياس لوفالوا بقولها إن قرار أوباما بالعودة إلى الكونغرس يتوج هذا العجز المتراكم منذ بداية الازمة السورية، متوقعة أن يلجأ الأسد، ولو بكميات اقل وبقع اصغر، إلى استخدام السلاح الكيميائي ثانية، مطمئنًا إلى عجز أميركا عن ردعه وإلى سهولة إفلاته من العقاب.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كريم بيطار، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية - ايريس في باريس، قوله إن موقف اوباما خيب أمل المعارضة السورية، quot;التي تشعر أن اوباما يتهرب ويحاول نقل كرة النار إلى الكونغرس، ولا شك في أن ذلك يعطي الأسد هامشًا للتنفس، ولو أن القسم الاول من خطاب اوباما كان حازمًا جدًاquot;.

وهو يعتقد أن لا حل سياسياً للازمة السورية، بضربة أو بغير ضربة، quot;فالامر يمر بتسوية مع الروس، ولا بد من اتفاق بين القوى الكبرى لفرض الحل السياسي، والا فالحرب ستستمر عشر سنوات أخرىquot;.