تحيي واشنطن كل عام، منذ تسعة اعوام، موكب الوحدة يشارك فيه مواطنون من جميع الأديان، يطوف الكنائس والمعابد، وينتهي طوافه بالمركز الاسلامي بواشنطن، تعبيرًا عن التمسك بالتسامح بين الأديان.

تحل ذكرى هجمات 11 أيلول (سبتمبر) هذا العام والعالم يحبس أنفاسه خوفًا من أن يعيش مرة أخرى تداعيات تلك الهجمات، مع التهديد الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، عقابًا له على قتل شعبه بالسلاح الكيمائي، في 21 آب (أغسطس) الماضي.

موكب الوحدة
وتشكل هذه المناسبة فرصة مثلى لنفي كل تداعيات 11 أيلول (سبتمبر)، من خلال تعزيز الروابط السلمية والودية بين الأديان المختلة، في ما يشبه الحوار المفتوح بين الأديان والحضارات حول العالم. ومن مظاهر هذا الانفتاح الودي تنظيم قادة دينيين في العاصمة الأميركية واشنطن موكبًا يدعى موكب الوحدة، انطلق من كاتدرائية واشنطن الوطنية، ومر بكنائس ومعابد يهودية وبوذية وهندوسية، لينتهي به المطاف أمام المركز الإسلامي بواشنطن، في احتفالية للسلام، شهدت أحاديث وخطب وأناشيد وصلوات، قدمها مسؤولون دينيون من أديان، فأذن المؤذن وتحدث قسيس مرموني ببزة حديثة، وإلى جانبه حاخام يهودي بملابس سوداء وذقن كثيفة، وبوذي بلباس أصفر. وأنشدت فرقة ميوزيك هارموني أناشيدها، وأطلق يهودي العنان لبوقه quot;شوفارquot;، وقدم المسلمون للمجتمعين امام المسجد وفي داراته معلومات عن الإسلام وطقوسه، وعن فن العمارة الإسلامية.

نشاطات جامعة
حين مر موكب الوحدة أمام معبد يهودي، نقلت تقارير صحفية عن يهودية قولها: quot;لو اجتمع هذا الحشد في غير مكان لتعاركوا وتقاتلوا بالرصاصquot;، وعن مهاجر سوري دخل المعبد اليهودي قوله: quot;ما صدقت أني سأدخل معبدًا يهوديًا وأحس بالأمن، وأصلى من أجل السلام، فقد جئت إلى الولايات المتحدة وعمري 18 سنة، وكنت أمام خيارين، أن أستمر في الكراهية، أو أنسى ما تعلمت عن الأعداءquot;.
ويقول تقرير نشرته صحفية الشرق الأوسط إن إبراهيم رسول، سفير جنوب أفريقيا لدى الولايات المتحدة، تحدث في المعبد اليهودي، بينما فتحت سفارة الفاتيكان لأول مرة أبوابها للمشاركين في الموكب، كعربون عن عهد جديد في ظل البابا فرانسيس، كما قال أحد المسؤولين في السفارة. وأمام معبد للسيخ يدعى معبد غودوارا، أكل مسيحيون ومسلمون أرزًا مطبوخًا على طريقة السيخ، وحمص، ولبنة. ونسب تقرير الشرق الأوسط لصبا أحمد، وهي طالبة بالجامعة الأميركية في واشنطن كانت تضع على رأسها غطاء رأس على الطريقة الإسلامية، قولها إنها كانت في السادية عشرة يوم وقعت الهجمات الإرهابية، وإن الناس بدأوا ينظرون إليها نظرات ريبة، ويبتعدون عنها، وبدأت تعلم نفسها أكثر عن دينها لشرحه للآخرين، ولتقول لهم إنها مسلمة لكنها ليست إرهابية.

تحية سنوية
ينظم موكب الوحدة للعام التاسع على التوالي، وكان في كل عام يوجه تحية لشخصية تسعى إلى السلام، كالقس الجنوب أفريقي الحائز على جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو، والإيرانية شيرين عبادي الحائزة على الجائزة نفسها، والإمام الدكتور عبد الله خوج مدير المركز الإسلامي في واشنطن. وهذا العام، شرح خوج للمجتمعين معنى عبارة quot;السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأركان الإسلام.
والجدير ذكره أن هذا المركز هو أقدم مسجد في واشنطن، افتتح في العام 1952، ويديره مجلس إدارة مؤلف من سفراء للدول الإسلامية المعتمدون لدى الولايات المتحدة، وظل مفتوحًا لمن يريد معرفة الإسلام والمسلمين، يقدم خدماته للمسلمين في شهر رمضان، ويستقبل عددًا كبيرًا من الأميركيين يوميًا، يأتون لمعرفة أسرار الاسلام الحقيقي.