ودع لبنان العام 2013 بانفجار قتل الوزير السابق محمد شطح في وسط بيروت، واستقبل العام 2014 بانفجار في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، بعيدًا 100 متر عن مقر المجلس السياسي لحزب الله.


بيروت: ثمة من يقول في لبنان إن الصفعات تتوالى على البلد، صفعة سنية وبعدها صفعة شيعية، ليبقى لبنان في مهب ريح البلبلة، التي تشكل أرضًا خصبة لإثارة الفتنة، التي تمكن المسؤولون اللبنانيون حتى الساعة من لجمها ووأدها، من دون أن يكون الأمر مضمونًا في المستقبل.

لكن خلف كواليس هذا الكلام الشاعري، يربط مراقبون بين تفجير اليوم وقضية اعتقال ماجد الماجد، زعيم مجموعة عبد الله عزام، المتهمة بتفجير السفارة الإيرانية، وهذا وحده كفيل بإبعاد الشبهة، إن وجدت، عن السعودية، التي يتهمها بعض المغالين في فريق 8 آذار، المؤيد للنظام السوري.

فقتال حزب الله في سوريا استجلب على البيئة الحاضنة للمقاومة ويلات الانفجارات الانتقامية، يدفع ثمنها الأبرياء. فقد سقط في هذا الانفجار كحصيلة أولية 4 أشخاص وجرح نحو 60 آخرين، توزعوا على المستشفيات. إلا أن مصادر أخرى أشارت الى أن عدد الجرحى أكبر من ذلك. وقال مدير مستشفى بهمن إنه تم نقل 53 جريحا الى المستشفى.

اتهامات جزافا

كما في كل انفجار، ألقيت التهم جزافًا من قبل بعض أطراف قوى 8 آذار نحو جهات إقليمية، وتحديدًا السعودية. فاتهم النائب حسن يعقوب علنًا السعودية بهذا التفجير، مشيًا على خطى وزير الاعلام السوري عمران الزعبي الذي أعلن: quot;لا بد من معاقبة مرتكبي الإرهاب والأنظمة الداعمة والمساندة لهquot;.

بينما أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن دمشق تدين بشدة التفجير الإرهابي في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتعده عملًا إرهابيًا مستنكرًا بكل المقاييس.

وقال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان إن الإنكشاف السياسي الحاصل في البلد أدى إلى الإنكشاف الأمني، محملًا المسؤولية إلى الطبقة السياسية، quot;وخصوصًا فريق 14 آذار، على الجو التحريضي الذي جعلوه في البلد، وما انفجار الضاحية إلا تأكيد على ضرب المقاومة في عمقها الوطني العام، والمقصود منه زعزعة الإستقرار الأمني في لبنان، وكأنه يتم إصرار مسبق على انقسام اللبنانيين ما يجعل الساحة مفتوحة أمام الصراعات والتفجيرات الأمنية المشبوهةquot;.

ورأى أن الرئيس سليمان مسؤول عن الدستور، وعن حماية اللبنانيين، وعن رفض الإنقلاب على الدستور، quot;والكلام بحكومة أمر واقع يعني حكومة تكشف لبنان امنيًا وسياسيًاquot;.

قربان الوحدة

أما عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب عباس هاشم، فعلق على تفجير حارة حريك وقال: quot;آن الأوان للإتجاه نحو وفاق وطني بالحد الأدنى، وعسى أن يكون هؤلاء الشهداء قربانًا على مذبح الوحدة الوطنيةquot;.

ولفت إلى أن تكرار المأساة يدفع إلى إعادة إحياء ما تبقى من ضمير، مؤكدًا: quot;لا نريد الوصول إلى مرحلة أن كل شخص يريد إلغاء الآخر، فهذا منطق لم يكن موجودًا في أيام الجاهلية، ونحن نعيش أسوأ وأخطر وأسخف عقلية رجعية متخلفة في التاريخquot;.

واستنكر الشيخ حسام العيلاني، إمام مسجد الغفران في صيدا، إنفجار الضاحية الجنوبية، وقال: quot;من المفترض أن يدفع هذا العمل الإجرامي الجبان المعنيين في تشكيل الحكومة إلى الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية على رأس برنامجها الوزاري ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، التي تحفظ وتحمي لبنانquot;.

إجرام معزول

ورأى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن الإرهاب الذي يستهدف المدنيين والابرياء والمناطق الآمنة quot;إجرام معزول بالكامل عن أدنى المشاعر الإنسانية، وينتسب بالتأكيد الى أفعال شيطانية، هدفها القتل المجاني وإشاعة الخراب والدمار، والانفجار الذي استهدف الضاحية الجنوبية من بيروت يقع في هذه الخانة، حيث يدفع اللبنانيون الضريبة تلو الضريبة من دمائهم وأرواحهم وممتلكاتهم، جراء اعمال كانت وستبقى محل الإدانة والاستنكار الشديدينquot;.

واكد بيان صادر عن الحريري أن الأبرياء في الضاحية هم ضحية جرائم إرهابية وإجرامية تستهدفهم منذ أشهر، وهم في الوقت عينه ضحية التورط في حروب خارجية، وفي الحرب السورية خصوصًاquot;.

وأضاف: quot;هذه مناسبة جديدة لدعوة الجميع إلى اعتبار تحييد لبنان عن الصراعات المحيطة أمرًا جوهريًا لتوفير الحماية المطلوبة للاستقرار الوطني، وهو القاعدة التي يجب ان يبنى عليها في مواجهة كل أشكال الإرهاب وتضامن جميع اللبنانيين على تحقيق مثل هذه المواجهةquot;.

أشد من القتل

وقال رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط: quot;الاهم الآن أن نستطيع أن نتوافق على الحد اللادنى من الخطاب اللائق، وأن نخرج نفسنا من هذه الخطابات لتلافي المزيد من الدماءquot;.

واضاف تلفزيونيًا: quot;الحكومة ضرورية، وأنا مع تشكيل حكومة تشمل جميع الفرقاء، وسأبقى على موقفي الثابت بحكومة جامعة، ولن أعطي أي ثقة لأي حكومة تستثني أيًا من الفرقاء اللبنانيين، ولا بد من حكومة تحاول اخراج العناصر اللبنانية التي تتقاتل في سوريا لنحاول ان نحمي لبنانquot;.

وبنفس النفس، قالت النائب بهية الحريري: quot;يبدو أن من يتربص بلبنان شرًا ويتحين الفرص لضرب سلمه الأهلي ماض في تنفيذ مخططه الشيطانيquot;. أضافت: quot;الجريمة النكراء التي استهدفت أمن وأمان اهلنا في الضاحية الجنوبية لبيروت من خلال التفجير الآثم في بئر العبد جريمة مضاعفة، كونها تحمل في طياتها بصمات اصابع الفتنة، والفتنة اشد من القتل، فكيف اذا اجتمعاquot;.

أياد غريبة

على المقلب الآخر، أشار النائب ايلي ماروني، عضو كتلة حزب الكتائب، إلى أن إنفجار حارة حريك يأتي في سياق الإرهاب المتنقل من منطقة إلى أخرى، quot;لإشعال الفتنة المذهبية والطائفية، فالصورة واضحة، هناك أيادٍ غريبة تحاول تذكية الفتنة في البلادquot;.

وأضاف في حديث متلفز: quot;نحن بأمس الحاجة لحكومة، بأسرع وقت، للحفاظ على البلد ولأخذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات الإرهابية، وكل ما يحصل نتيجة إغراقنا في الوحول السوريةquot;.

واعتبر النائب محمد قباني، عضو كتلة المستقبل النيابية، أن التفجير عمل ارهابي، مؤكدًا أن كتلة المستقبل تدينه، ومشددًا على وجود ترابط بين الاحداث السورية وبين ما يحصل في لبنان. اضاف: quot;لا احد يدري من قام بالعمل الارهابي في الضاحية الجنوبية، لكن هناك عدة أسباب أولها أن هناك من يشارك في الحرب الدائرة في سوريا، ما يجر لبنان إلى تداعيات هذه الاحداثquot;.

وقال: quot;تعودنا أن يبدأ التحقيق وأن لا ينتهي لمعرفة واضحة للفاعلين، وهذا يجب أن يتوقف، لكن حتى الآن، لا يبدو أن الاعمال الارهابية مشابهة لما حصل مع الشهيد محمد شطحquot;. رأى عضو كتلة المستقبل النائب نبيل دو فريج: quot;ما نشهده من تفجيرات هو تداعيات الحرب السورية على الاراضي اللبنانية، وبالتالي على الجميع العودة إلى داخل لبنانquot;. وأضاف: quot;عندما قلنا لبنان اولًا، كنا نعلم إلى أين يذهب لبنان، وللاسف الحقيقة تجرح أحيانًاquot;.

تنديد أميركي

من جانبها، نددت السفارة الاميركية في بيروت بـquot;الانفجار الارهابيquot; في الضاحية الجنوبية لبيروت، بينما وصفه السفير البريطاني تيم فلتشر بـquot;الاعتداء اللانسانيquot;. وأعلنت السفارة الاميركية، عبر حسابها على موقع تويتر: quot;ندين التفجير الارهابي الذي وقع اليوم في الضاحية، ونتقدم بالتعازي لعائلات الضحاياquot;.

وأتت هذه الإدانة على الرغم من أن الولايات المتحدة تدرج حزب الله، المسيطر على المنطقة المستهدفة بالتفجير، على لائحتها للمنظمات الارهابية. كما غرد فلتشر على حسابه على تويتر، قائلًا: quot;ندين بشكل حازم الاعتداء اللاانساني الذي وقع اليوم في بيروت، والذي اوقع مزيدًا من الضحايا بين المدنيين، وأفكارنا مع عائلاتهم وفرق الانقاذquot;.