إنه ربع الساعة الأخير، قبل أن ينفّذ الرئيس اللبناني ميشال سليمان تهديده الفرقاء السياسيين المتخاصمين في لبنان، بتأليف حكومة حيادية، لا يتمثلون فيها، من أجل إنقاذ لبنان من هول الفراغ.


لوانا خوري من بيروت: تكثفت الاتصالات من أجل توفير حد أدنى من التوافق بين الأطراف اللبنانية حول تأليف حكومة جديدة، محوره النائب وليد جنبلاط، الذي سخر كل رصيده السياسي وأعوانه الحزبيين والرسميين، لتأمين أرضية مشتركة بين فريقي 8 و14 آذار، للخروج من مأزق أمني حقيقي، يتجه إليه البلد، إن ألف الرئيس المكلف تمام سلام، ومن ورائه سليمان، حكومة يراها حزب الله استفزازية وحكومة أمر واقع.

جاءت اللقاءات والاتصالات المكثفة حول تشكيل الحكومة في ظل عد ممانعة أميركية في إشراك حزب الله في الحكومة، إذا كان تأليف حكومة لبنانية يستلزم ذلك.

ونقلت صحيفة السفير عن مسؤول أميركي قوله: quot;إذا كان الممر الإلزامي لتشكيل حكومة جديدة في لبنان وإنهاء حقبة تصريف الأعمال يقضي بإشراك حزب الله، فإن الولايات المتحدة لا تمانع ذلك، فواقع لبنان وتركيبته يؤكدان أن لا إمكانية لتشكيل حكومة من دون حزب اللهquot;.

وعادت الأطراف اللبنانية جميعًا للتفاوض على صيغة 8-8-8، التي اقترحها جنبلاط ورئيس المجلس النيابي نبيه بري منذ حين. ففريق الثامن من آذار قبلها، لكن لم تعلن كتلة المستقبل النيابية موقفها الرسمي منها حتى الساعة، بالرغم من حديث سليمان عن إشارات إيجابية تلقاها أمس الجمعة من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

إشارات إيجابية

وقالت تقارير صحافية إن الحريري وافق على الصيغة المطروحة، بعد تلقيه ضمانات عن عدم البحث في وزير ملك، وعدم شمول البيان الوزاري معادلة quot;شعب وجيش ومقاومةquot;، مع مداورة شاملة في الحقائب الوزارية.

وبناء على هذه الاشارات الإيجابية، زار رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة صباح اليوم السبت الرئيس سليمان بقصر بعبدا، حيث مكث ساعة، غادر السنيورة بعدها من دون الادلاء بأي تصريح.

وافادت مصادر القصر الرئاسي بأن لقاءهما كان ايجابيًا، زاد نسبة التفاؤل في تأليف الحكومة. وكان من المتوقع أن يعلن السنيورة موقف فريق 14 آذار من صيغة 8-8-8، وما يدور في فلك التأليف الحكومي. ويرتقب أن يعقد لقاء بين السنيورة وبري للتشاور.

وأوضح المكتب الإعلامي للسنيورة في بيان أصدره اليوم أن الاجتماع مع سليمان تناول كل المسائل التي تتصل بموضوع تشكيل الحكومة الجديدة، وقد طرح خلاله السنيورة العناوين التي بلورها تيار المستقبل، وكان اجتماعًا جديًا وجيدًا، كما كان صريحًا وشاملًا.

وأشار البيان إلى أن الاجتماع ستتبعه اجتماعات واتصالات في الاتجاه نفسه مع المعنيين للبحث في الموضوع نفسه، تمهيدًا لاتخاذ الموقف المناسب.

انقسامان

موافقة الحريري المبدئية على الصيغة الجنبلاطية للحكومة أثارت سجالات حادة داخل صفوف 14 آذار، خصوصًا بين أنصار المستقبل والكتائب من جهة، وأنصار القوات اللبنانية من جهة، خصوصًا بعد رفض القوات اللبنانية الدخول في الحكومة.

وادى هذا إلى انقسام حاد داخل 14 اذار، حاول الحريري تداركه في اتصال هاتفي مع سمير جعجع، رئيس جزب القوات اللبنانية، دام ساعة كاملة.

إلا أن جعجع يبقى مصرًا على ربط دخوله الحكومة إلى جانب حزب الله بتغيير في سياسة الحزب، كالتخلي عن معادلة الجيش والشعب والمقامة، والعودة إلى إعلان بعبدا الذي يصر على حياد لبنان في الأزمة السورية، والخروج نهائيصا من الميدان السوري.

عقدت قوى 14 آذار اجتماعًا في بيت الوسط مساء امس، ونقلت صحيفة المستقبل عن المجتمعين أنهم تبادلوا الآراء، انطلاقًا من أن 14 آذار كيان عابر للاستحقاق الحكومي وأكبر منه.

وإن كان انقسام 14 آذار مبداي حول المشاركة في الحكومة، يبدو الانقسام في 8 آذار أكثر حدة، يدور حول توزيع الحقائب الوزارية.

ونقلت التقارير الصحفية عن النائب آلان عون، عضو تكتل التغيير والاصلاح الذي يتزعمه النائب ميشال عون، قوله إن التكتل يفاوض عن نفسه بشكل مستقل على تأليف الحكومة، لافتًا إلى أن المداورة في الجقائب تأتي على باب عهد جديد، وليس بحكومة الاشهر.

ورأى عون أن التكتل مع المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، لكنه سيعترض على كل ما يخالف قناعاته. فالتكتل لا يتخلى عن حقيبتي الاتصالات والنفط، اللتين يطلب منه التخلي عنهما في إطار المداورة الوزارية.