يقول نحو 60 بالمئة من قرّاء إيلاف إن النظامين السوري والإيراني صنعا داعش لتقويض الثورة السورية، فأقامت نظامًا أسديًا جديدًا في المناطق المحررة، ووجب قتالها.


لندن: رغم التقارير المتواترة عن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، الا أن نشأتهالا تزال لغزًا بالنسبة للكثيرين من القرّاء والمتابعين. فمن المعارضين كثر قالوا إن النظام السوري هو من أنشأ هذا التنظيم، وأخرج له رجالًا من غياهب سجونه، ليخرق به صفوف المعارضة، وكاد ينجح لولا تنبه الكتائب المسلحة، وبينها الكتائب الاسلامية، إلى الأمر وقيامها لقتاله، كما يقاتلون النظام.
نتائج متقاربة
لعل لغز داعش هو ما عكسه استفتاء quot;ايلافquot; الأسبوعي، الذي سأل القرّاء: quot;هل تتفق مع الرأي القائل إن داعش صنيعة النظامين الايراني والسوري أم لا؟quot;. حين قرأ صحافي سوري سؤال استفتاء quot;ايلافquot;، اعتبر الجواب بديهيًا، وتوقع أن تأتي النتيجة متباعدة بشكل كبير لجهة التأكيد أن داعش صنيعة النظامين السوري والايراني. الا أن نتيجة الاستفتاء جاءت على النحو الآتي: أكد 59 بالمئة من المشاركين أن داعش صنيعة دمشق وطهران، بينما نفى 41 بالمئة من المشاركين ذلك.
يقول هادي البحرة، أمين سر الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري المعارض، لـquot;ايلافquot; إن النظامين السوري والايراني، على افتراض أنهما لم يصنعاها، فقد دعماها وطوراها وشجعاها وتعاونا معها، quot;فما يحدث الآن من اقتتال في الداخل يخدم النظام السوري فقطquot;.
وكان أحمد الجربا، رئيس الائتلاف، قال أمام اجتماع مجلس التعاون الخليجي في العاصمة الكويتية: quot;إن عجز النظام عن إظهار الثورة كحالة عمالة للاحتلال الإسرائيلي أو عملية أميركية مأجورة، أو حالة خليجية مفتعلة، دفعه لإخراج جماعات متطرفة تحت رعايته فأخرج من أخرج من السجون، وسلح من سلح منهمquot;.
واضاف: quot;ممارسات النظام تجاه الشعب السوري عبقرية إجرامية، يسعى من خلالها إلى استحضار أسوأ ما في التاريخ وتوظيفه بأقذر الأساليب من خلال الارتزاق الطائفي، واستثمار الحقد المتواجد عند ميليشيا حزب الله الإرهابي وأبو الفضل العباس وغيرها من الميليشيات الطائفية الأخرىquot;.
صنيعة النظام
قال عمر كوش، عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الديمقراطيين السوريين، لـquot;ايلافquot;: quot;هناك العديد من المعطيات والمصادر التي تؤكد علاقة داعش بالنظام السوري، خصوصًا أن عددًا من عناصرها القيادية كان داخل سجون النظام في صيدنايا وعدرا وسواهما، وأطلق سراحه بعد إشتداد الثورة السورية، وليس بعيدًا أن يدعم النظام الإيراني داعش وأخواتها، ومعه حكومة المالكي الطائفية، التي تدعم النظام بكل شيءquot;.
وتحدث كوش عن استغلال الحركات الإسلامية الجهادية، مثل دولة العراق وبلاد الشام وأشباهها، ربما بتنسيق مع النظام، فراغ القوة الحاصل بعد انحسار سلطة النظام الفاقد الشرعية، كي تحتل الفضاء العام وتصادر الحرية التي خرج من أجلها الثوار السوريون، quot;وقد تحولت هذه المجموعات المسلحة إلى سلطة استبداد جديدة، حاولت احتلال الحيّز العام الذي كانت تحتله سلطة الاستبداد الأسدي، وراحت تقوم بأفعال وممارسات لا تليق بثورة السوريين، حتى باتت تعيث فسادًا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بدلًا من أن تنخرط في حركة المقاومة الشعبية وتكون عونًا لهاquot;.
ورأى أن ظهور داعش كان إيذانًا بانتقال زمام المبادرة في الثورة السورية، بمستوييها العسكري والسياسي، إلى أيدٍ غير سورية، وتعود إلى قوى اقليمية ودولية مختلفة الأهداف والمصالح، quot;وربما يعود قرار الحرب على داعش إلى بعض القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في القضية السوريةquot;.
نظامها أسدي
وكان اتحاد الديمقراطيين السوريين طالب بتشكيل جبهة عريضة ضد داعش بعدما بدأت باعتقال وملاحقة وتصفية العشرات من المنتسبين للاتحاد في الرقة، ثم كثفت ملاحقاتها واعتقالاتها واغتيالاتها في المناطق الأخرى بالتوازي مع اغتيال وملاحقة واعتقال ضباط الجيش الحر، والقضاء على وحداته، quot;وتشتيتها في مناطق شاسعة تقع بين حدود العراق ومنطقة الساحل، حيث نفذت مجازر ذهب ضحيتها المئات من خيرة العسكريين المقاتلين، والسكان الآمنين الذين قتلوا بابشع الطرق أو اختفت آثارهم، بينما تعرض أهل دير عطية من مسلمين ومسيحيين لعمليات تصفية منهجية خلال معارك القلمون، عندما انسحب جيش النظام منها ليمكنها من تنفيذ مجازرها، قبل أن تنسحب بدورها، ويعود هو اليها من دون أن تطلق رصاصة واحدة عليهquot;.
ورأى اتحاد الديمقراطيين أن هذه العصابات الإرهابية، quot;التي غزت بلادنا أحدثت بما مارسته من جرائم ضد شعبنا تحولًا خطيرًا في الموقفين الدولي والداخلي من نظام الأسد، الجهة التي دربتها وأخرجت كوادرها من السجن بعد أشهر قليلة من انفجار الثورة، وأكملت ما عجزت مخابراته عن تحقيقهquot;.
وأشار إلى أن داعش كتمت أنفاس إعلاميي الثورة ولاحقتهم وطردتهم، كي لا يكونوا شهودًا على جرائمها، وأسكتت رجال الدين والمثقفين والناشطين بالقوة، وفرضت نظامًا أسديًا مضاعفًا على السكانquot;. ودعا إلى رص الصفوف وتشكيل جبهة وطنية واسعة ضد داعش، لمنعها من السيطرة على المناطق السورية.
تقاطع مصالح
من جانب آخر، يتحدث مراقبون عن تقاطع مصالح بين داعش والنظام ليس أكثر، استفاد منها المعارضون ليشنوا على داعش حملتهم المدعومة من الولايات المتحدة ومن السعودية، من أجل فتح أفق التسوية التي يمكن ان تكون داعش، وليدة القاعدة في سوريا، عقبة أمام حصولها. وداعش تستفيد من المعارك الجارية بين الكتائب المقاتلة وجيش النظام السوري لتقيم معاقلها وتمد سيطرتها على أكبر رقعة ممكنة من الجغرافيا السورية، وخصوصًا القريبة من الحدود العراقية، لكي يتسنى لعناصرها التنقل بسهولة بيد العراق والشام، خصوصًا اليوم، مع الحملة التي يقودها الجيش العراقي على داعش في الرمادي والفلوجة.
ويتساءل مراقبون كيف يمكن أن تكون داعش وليدة النظامين السوري والإيراني في سوريا، بينما تحاربها الحكومة العراقية، المدعومة من إيران، في العراق.