تبدو إسرائيل كالخشبة وسط بحر متلاطم الأمواج، تحديات بالجملة تحيط بها من كل صوب وحدب، فحزب الله مازال قادراً على استدراجها الى الحرب، ونووي إيران يقض مضاجع مسؤوليها، في حين تتنامى قوة الجهاديين في سوريا والعراق بشكل غير مسبوق. قادة الدولة العبرية اختاروا الانتظار واستراتيجية القلعة أو الحصن لدرء تلك المخاطر.


لميس فرحات من بيروت: منطقة الشرق الأوسط تتقلب باستمرار على أكثر من جبهة ولاعتبارات ايديولوجية وسياسية وطائفية.

وسط هذا الغليان، تواجه إسرائيل تحديات صعبة تتجلى أبرزها بالصمود وشراء الوقت في ظل التناحر والعنف الطائفي الذي يمكن أن يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط.

حزب الله ونووي إيران

عندما سقط صاروخ كاتيوشا من لبنان على إسرائيل في الشهر الماضي، اتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كلاً من حزب الله وإيران بالوقوف وراء الهجوم. لكنّ مسؤولين أمنيين أرجعوا الهجوم الشبيه بآخر وقع في آب/ أغسطس الماضي إلى جماعة جهادية سنية مرتبطة بالقاعدة.

من البديهي بالنسبة لنتنياهو وغيره من قادة إسرائيل، أن إيران وبرنامجها النووي تشكل التهديد الأول لهم، وينظرون إلى حزب الله باعتباره الجماعة الأكثر احتمالاً لاستدراجهم إلى معركة مباشرة.

خطر الجهاد

وفي الوقت الذي تتزايد فيه قوة الخلايا السنية المتطرفة في سوريا والعراق وغيرهما من بلدان المنطقة المحيطة، لا يمكن أن تغض إسرائيل الطرف عن هذه الجماعات التي تتعهد بالجهاد ضدها لتحرير القدس.

القلعة !

بينما تتصاعد الفوضى في بلدان المنطقة، يصر مسؤولو إسرائيل على عدم رغبتهم في التدخل، مفضلين تبني إستراتيجية القلعة أو التحصين، أملاً في أن يكون السياج الحدودي فائق التكنولوجيا، جنباً إلى جنب مع الانتشار العسكري والاستخبارات المتطورة، الحل الأمثل لكسب مزيد من الوقت.

ويسعى قادة إسرائيل أيضاً الى استغلال الفوضى والاحداث الاخيرة من أجل تعزيز موقفهم بالنسبة لتواجدهم العسكري طويل الامد في وادي الاردن، وهو نقطة شائكة في محادثات السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة مع الجانب الفلسطيني.

المنطقة تغيّرت... إلى الأسوأ

ونقلت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; الأميركية عن يعقوب عميدرور، الذي تنحى مؤخراً كمستشار للأمن القومي في إسرائيل، قوله: quot;ما علينا أن نعيه هو أن كل شيء سيتغيّر. إلى ماذا؟ لا نعرفquot;.

لكنه اشار إلى أن المنطقة تشهد انهياراً لنظامها التاريخي ولفكرة الدولة العربية الوطنية :ويجب أن نكون حذرين جداً ونتجنب المشاركة في هذا النضال. ما يحدث الآن يعني اننا سنكون محاصرين وسط مساحة تسودها الفوضىquot;.

عامل الوقت... ولا شيء غيره

أما بالنسبة لسياسة إسرائيل في المرحلة الحالية، قال عميدرور، وهو لواء سابق في الاستخبارات العسكرية، إن استراتيجية إسرائيل هي quot;الانتظار والحفاظ على الحصن الذي نعيش فيهquot;.

من جهته، قال مايكل هيرتسوغ، وهو عميد متقاعد في الجيش الإسرائيلي وباحث في معهد ميلتون فاين الدولي، إن أوساط الحكومة الاسرائيلية تتحدث عن quot;فوضى إقليمية تسلط الضوء على الحاجة إلى ترتيبات أمنية صلبةquot;.

واضاف: quot; هناك سبب مشروع للقلق، فالجماعات الجهادية تسيطر على سوريا، ولا يمكننا أن نعرف ماذا سيحدث في أماكن أخرى. هذا أمر تشاركنا فيه الولايات المتحدة، ويجب ترجمته في ترتيبات أمنية ملموسة من قبل الطرفينquot;.

نار الأسد ولا جنة المتطرّفين

ووصف جوناثان سباير، الباحث في مركز هرتسليا المتعدد التخصصات، ما يحدث في الشرق الأوسط بأنه quot;مشكلة بدون عنوانquot;، مشيراً إلى أن الجماعات الاسلامية في كثير من الأحيان يتم جمعها معاً تحت إسم quot;الجهاد العالميquot;.

وأضاف: quot;نحن لا نحب الأسد، لكن عندما يحدث شيء خطير في أرض الأسد، سيكون بإمكاننا المساومة معه. لكن الجماعات المتطرفة ليس لها قائد واحد ولا يمكن المساومة معهاquot;.