ليس هذه الرؤية من عندى!! وهي أيضا ليست خلاصة توافق عليها المحللون الغربيون فقط، بل هي في المقام الأول استنتاجات متكررة ومتداولة بكثرة وتركيز في غالبية وسائل إعلام إسرائيل..

وبينما ينعي عكيف الدار في مقال له بصحيفة هآرتس ( 21 / 12 ) علي اليسار الإسرائيلي قلة حيلته وتدني قدراته ويؤكد أن مشكلة تمسك إسرائيل بالبقاء في المناطق الفلسطينية المحتلة بسبب صواريخ القسام التى تتساقط من وقت لآخر علي مستوطنة / مستعمرة سديروت أصبحت اضحوكة عدد لا بأس به من الحلفاء الأوربيبن، يقول أن قيادات معسكر السلام لم تشجع ndash; بما فيه الكفاية - أبو مازن علي قبول مبادرة التنازلات التى تقدم بها إيهود أولمرت في نوفمبر 2008 :

الإنسحاب من مساحة كبيرة من أراضي الضفة الغربية المحتلة والتي تصل إلي حوالي 22 % من مساحتها..
تسليم جزء من القدس الشرقية للسلطة..
استيعاب عدة ألآف من اللاجئين الفلسطينيين..
مما جعله يرفض المبادرة كلية..

تقول ياعيل جيبرتس في ذات اليوم بصحيفة يديعوت أن الوضع السياسي في إسرائيل مُعقد quot; وليس لدي غالبية المواطنين أدني فكرة حول كيفية الخروج منه quot; لأن الحل في يد رئيس وزراء quot; أتي إلي كرسيه بدون خطة سياسية واضحة، ناهيك انه لا يتصف بالشجاعة اللازمة لكي يحتل المنصب الذي يشغله quot;..

المتتبع لوسائل الإعلام الإسرائيلية سيُلاحظ في الأسابيع الأخيرة نبرة إستخفاف بكبار المسئولين الذين ينحصر كل تفكيرهم في quot; محاولة البقاء فوق الكرسي بعيدا عن المخاطر السياسية quot; حتى يكونوا بعيدين عن المخاطر الشخصية، وسيفاجئ أن هذه الملاحظة في حالة بنيامين نتنياهو يضاف إليها أنه يخطط بكل طاقته quot; لكي ينهي فترة تولية السلطة كاملة بعيدا عن المنغصات والقلاقل quot;..

هذه الملاحظة التي يربطها الكثيرون بواقعة إغتيال رئيس الوزراء الأسبق أسحق رابين الذي يُجمع المراقبون علي أنه كان يعي المخاطر الشخصية التى أدخل نفسه فيها بعد إعلان موافقته علي اتفاق أوسلو، ويؤكدون أنه حتى لو وضع ndash; وهو يعلن علي العالم موافقته - التهديدات الشخصية في خانة المخاوف المقدور عليها، فلا بد انه عمل الف حساب لحياته السياسية ووطن النفس علي ان مقام الزعامة يتطلب منه الاقدام..

الأمر المؤكد ndash; لدي المهتمون - أن رابين بهذا المفهوم واصل مسيرته السلمية مطبقا القول علي الفعل quot; لأنه كان يريد ان ينفذ إسرائيل من الوقوع في أسر الاحتلال والحرب كما تقول ياعيل..

لنأخذ مثلا ملف الجندي الأسير جلعاد شليط!!..

لقد سار الطرفان المعنيان به مسافة بلغت حد التنبأ بقرب الإفراج عن المناضل مروان البرغوثي لكي يترشح لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية خلفا لأبو مازن من ناحية والتصريح بأن جلعاد سيستقبل بداية العام الميلادي الجديد في بيت والديه من ناحية ثانية بعد ان أمضي نحو ثلاث سنوات ونصف بعيدا عنهما.. وفجأة أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس وزراء اسرائيل ان quot; الاتفاق تجمد دون ان تتعطل مساعي الوسيط الألماني quot; بسبب انقسام وزارء المجلس المصغر السبعة حول قرار الإفراج عنه مقابل عدة مئات من المعتقلين الفلسطينيين الذين ووفق علي اطلاق صراحهم من قبل..

نتنياهو ليس مُطالباً بأن يُعرض حياته للخطر ثمنا لقيادة مسيرة السلم مع الجانب الفلسطينى، لكن عليه ان يبدي قدراً أعلي من الإستعداد لتحمل مسئوليات القيادة وقدراً أكبر من التضحية لأجل صالح الدولة ومواطنيها..

لذلك نلاحظ أنهم ينادون عليه في الشارع السياسي ان ينحي جانبا التردد في أتخاذ القرار والتذبذب عند الإختيار، لأنهما يضعانه دائما تحت عبأ المخاطر..

ينصحونه بأن يكون مقاتلاً، لأن هذه الميزة تمتعه بالقدرة علي تسوية الخلافات داخل المجلس بدلا من التملص منها..

ويعيبون عليه انه استمر لفترة عشر سنوات بعد ابتعاده عن مركز صنع القرار يردد انه كان quot; غرا quot; عندما تولي رئاسة مجلس الوزراء لأول مرة وانه استفاد كثيرا من جلوسه في صفوف المعارضة، ولكنه لما تحمل المسئولية للمرة الثانية لم يفكر في أن يكون quot; قائداً حازماً يملك مقومات الإقدام علي القيام بالفعل الحاسم quot; لأن هذا هو دور رئيس الوزراء الذي انتخب ليقوم به..

كل رئيس وزارء يستطيع إن أراد أن يقول لشعبه quot; أتبعوني quot;، لكن نتنياهو لا يستطيع لأنه لا يريد!!.. لذلك لا يستغرب الشارع السياسي في إسرائيل أن يسمع المحيطين به ndash; نتنياهو - وهم يكررون سؤالهم الممجوج quot; لماذا يقع علي عاتقه هو مسئولية تحرير الجندي الأسير بكل هذا القدر من التكلفة quot;، لذلك إستاء أقطاب لأن بيان مكتبه الأخير لم يؤثر بالإيجاب في شبكات الإخبار العالمية ولم يُلق ظلاً من الشك ndash; كما كان مواقعاً ndash; علي الطرف الآخر الذي غالباً ما يتهم بأنه العقبة الكبيرة التى تقف في طريق بلوغ الشاطئ الذي سيرسو عليه قارب جلعاد خاصة بعد أن منعت الرقابة العسكرية نشر الخلافات ndash; الوزارية - الداخلية المتعلقة بالموافقة علي خطة الإفراج عنه..

يصف بن كاسبيت ndash; صحيفة معاريف 21 / 12 - قرار موافقة نتنياهو علي إجراء إتصالات مع منظمة حماس عبر وسيط ألماني منذ بعضة أشهر بانه quot; إستراتيجي quot; ويتساءل quot; لماذا لم يسر نتنياهو المشوار حتى نهايته quot;.. إذا كان قد استنتج أن الصفقة في شكلها النهائي quot; ضد مصلحة إسرائيل quot;، فما عليه إلا أن يقول لناخبيه ذلك ويستدير في الإتجاه المعاكس.. ولكنه لم يفعل وأبقي علي الإتصالات قائمة لوقت غير معلوم!!..

وهذا عند الكاتب دليل علي أنه لا يتمتع بالشجاعة أو الزعامة اللازمتين لتنفيذ الأفعال ذات الوزن الإستراتيجي سواء فيما يتعلق بالجندي جلعاد أو السلام مع الطرف الفلسلطيني quot; لأنه غير قادر علي دفع الثمن، ويحلم بوجبة مجانية لم يعد هناك من هو قادر علي توفيرها له بالمواصفات التى يبتغيها quot;..

المصيبة الكبري ليست في تذبذب نتنياهو وتردده وحيرته امام القرارات الصعبة، الكارثة العظمي أن يتمكن من البقاء في منصبه حتى يحل موعد الإنتخابات العامه في اسرائيل بعد نحو ثلاث سنوات!!..

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]