كم أشعر بالخجل كلما سمعت كلمة أقلية أو أقليات هذه المفردة الرائجة هذه الأيام في العراق.
أرى انّ في الكلمة أو مدلولها نوعاً من الأستضعاف، الإستصغار، الإقصاء و التعالي حتى لو لم تكن بالأصل تحتمل مثل هذه الحمولة الا انّ توقيت التسمية وتوظيفها هو الذي يحيل الى كل ما تقدّم. لا أعرف وطالما فكرت بهذا وليس الآن فقط في لأن هذا الموسم هو موسم قتل وترويع المسيحيين العراقيين والذي يبدو انه طال أكثر مما يجب كيف يتحوّل سكان البلاد الأصليين ومُشيدي حضارته التي ما انفك العراقيون جميعاً يباهون بها الى ما يشبه الدخلاء الطارئين على البلاد و تختصرهم كلمة ضئيلة هي quot;الأقليةquot;. هل علينا أن نستعيد سيرة الهنود الحمر هنا؟ كم أحزن عندما اسمع كلدو أشوري، مثلاً، يقول: صحيح نحن أقلية ولكن نحن كبار و لنا أهميتنا. لا اريدك أن تُكمل.. لا اريدك تسترسل وكأنك تبرّر خطأً ما أو تبرر جريمة وجودك في أرضك وعليها. أجل انتم كبار و انتم حاضرون وفاعلون أبداً.


لا معنى للعراق بدونكم..
هكذا تفتّحت قلوبنا عليكم وعلى العراق..
هكذا نشأنا ونشأ وعينا، الوعي الصحيح المعافى لا المريض الذي لا يريد سوى اللون الواحد، ربما هو لون الرمال، و لايطيق رؤية أية ألوان أخرى؟

العراق لم يتعوّد هذا العراق ذا اللون الفقير الواحد، لم يؤمن يوماً بسوى ما أفاقَ عليه من تعدد ثري صاغ للعراق مجده وعبقرياته.
لا تقولوا أقليات بل قولوا عراق الجميع،
عراق السواسية: التركمان، الصابئة، المسيحيون بطوائفهم. اليهود، اليزيديون، الشبك، العلويون (العلى اللّهيون) السنة الشيعة، الكاكائيون، الكرد العرب.
ليكن العراق لتكن التسمية...


لنقل شعب العراق بمسيحييه و مسلميه مثلما تردفون دائماً الأكراد بالعرب
لا عراق بدون هذه الفسيفساء العبقرية
كم سيكون العراق شاحباً بدون مسيحييه؟ كم سيبدو حزيناً،ضعيفاً وكامداً؟

مطالبون كلنا بحماية المسيحيين. وأول من يقع عليه هذا الواجب، هو الحكومة العراقية و ليس لها أن تعجز أو تغض الطرف عن الجهات التي تعمل، وهي معروفة، على قتل ما تستطيع الوصول له من المسيحيين لتروّع الباقين وتدفعهم الى الهجرة لتكون لها الغلبة. هذه القوى التي أفرغت عشرات القرى وعلى مدى عقود، من مسيحييها الأصليين ومسخت هوية المكان. هل تُستعاد الوقائع هنا بأبشع صورها وأكثرها ضراوة؟

لا يجب ان تستمر هذه المجزرة في المكان والبشر..
كم من المحزن أن نسمع ونقرأ ان بيوتهم قد اقفرت منهم في بعض مناطق بغداد والموصل وغيرها.
كرامة الحكومة من كرامة حفظ أرواح وأمن مواطنيها.
لا يجب ان يستمر المشهد على ما هو عليه في استهداف المسيحيين.
هذا يعني ان لا أمن لأحد في العراق وان الجميع مستهدف وهو ما اثبتته وتثبته الوقائع يومياً.