نشرت مقالا عن زيارة الشيخ سعد الحريري إلى دمشق بعنوانquot; فيلم داوود الشريان عن زيارة الحريري لدمشقquot; في إيلاف لأن مساحة الحرية فيه، ترضي النفس عن صاحبها في غالب الأحيان، ولأن الكاتب لديه مساحة حرية لايخون نفسه وقناعاته من خلالها.

جاءت التغليقات الكثيرة، لا علاقة لها بموضوع المقال، لا من قريب ولا من بعيد، ولم تناقش أيا من الأفكار أو خلافه لها علاقة قي النص. بل جاءت حوارا عدائيا بين آراء في محصلتها كلها طائفية، بين من يدافع عن سنة سورية وبين من يدافع عن علوية سورية، واستوقفني جدا كل ما جاء في هذه التعليقات، سواء من حيث الأسلوب واللغة والشحن الذي يخفيه نص كل معلق من السادة الذين علقوا على المقال، وأعادوا للواجهة بطريقة عنفية رمزية، المسألة الطائفية في سورية.


واحد يدافع عن السنة أنهم مضطهدون من قبل الأقلية العلوية في سورية، ويقول أن السنة إن حكموا لا بد أن تكون سورية ديمقراطية وبخير، وآخر دافع عن الظلم الذي كان يلحق بالطائفة العلوية، أثناء حكم السنةquot; وهو هنا يقصد الحكم العثماني، بالطبع دون أن ينتبه لهذا الأمر، لأن سورية منذ خمسة قرون، وحتى تاريخ 1946 تاريخ الجلاء الفرنسي عنها لم تحكم فعليا من أبناءها.

هنالك لغة تحمل كلماتها عنفا رمزيا، وكل صوت لايسمع غير صوته، وكل لا يقول أنا مواطن سوري، بل يربط وجوده بطائفته، كلماتهم تحمل هذا المعنى وهذا الوعد!
لم يطرح منهم احد مفهوم دولة المواطنة والقانون، ودورها في إنتاج الأمة السورية، التي تضم كل الطوائف والأعراق والأديان...والمحصلة التي نريد التوصل إليها من حلال قراءتنا لهذه التعليقات، أعادتني لمقالي، حول الدولة قوننة الحريةquot; واللتين أكدت فيهما، على أن الإسلام السياسي، والسلطة الديكتاتورية، غير معنيين بموضوعة الدولة- الحرية- القانون، أو العكس. ويتقاسمان نفس الشر الطائفي والاستبدادي، ولكن في وضعنا السوري، السلطة هي الفاعل الحقيقي، لهذا المنتج وهي من صنعته، وطورته ورعته، ولازالت ترعى حتى من تدعي أنه نقيضها! يمكن العودة لمقالة الناشطة سلوى زكزكquot; عمن ينتج ويدعم الأصولية والأصولييين في سورية؟

السلطة كفاعل تاريخي أساسي ورئيسيquot; هي المنتج وهي المستفيد الأكبر، من استمرار استيلاء هذا الفكر وهذه اللغة على المجال العام. وفي هذا المجال يمكن العودة لمقال للصديق الباحث ياسين الحاج صالح نشر البارحة وهو بعنوانquot;العلمانية الأمية: في المحصلات المحتملة للفصل بين العلمانية والدولةquot;

هذا بالنسبة لما جاء في تعليقات القراء على موقع إيلاف، أما موقع الحوار المتمدن، حيث اعيد نشر المقال، فقد جاءتني تعليقات، مشكورة، تحاول ان تتساءل هل أنا معارض سورية، باعتبار أنني قلت في المقالquot; أنني محسوب على المعارضةquot; أيضا رغم ذلك لم يناقش أحد من المعلقين الأفكار الأساسية للنص، مع ذلك يحدث احيانا ان تكون عبارات الكاتب ملتبسة في موقع ما من نصه، ولكن أعتقد ان امانة القارئ تفترض أن للكاتب سياقا فكريا وسياسيا، يشكل مرجعية، إلى حد ما لأي كاتب..الصديق بشار السبيعي عندما انسحب من المعارضة ومن جبهة الخلاص له أسبابه التي لا أعرفها، ولكن يجب ألا يصبح مجالا، لكي يناقش أي نص بناء على هذه الواقعة الجزئية جدا والمتكررة جدا جدا في عمل أية معارضة لنظام استبدادي.

الاصطياد في الماء الذي عكره الاستبداد، أمر أيضا مفهوم في هذا الجو الخانق للحرية، وأمر مفهوم أيضا، أن تكون الكلمة الحرةquot; جمرة في اليدquot; ولكن أطمئن السادة انني لم اتزحزح عن موقعي!!!!

أما بالنسبة لرفع القبعة للسياسة السورية في الملف اللبنانيquot; أردت القول بذلك وهذا واضح للذي يتابع، وللذي يقرأ النص كاملاquot; أن الطرف الإيراني- الإسرائيلي- القطري- مع النظام في دمشق هو الذي انتصر مع حزب الله في لبنانquot; هل معنى أنني اعترف بهذا الانتصار، يجب ان أبخس بالسياسة السورية؟ أم أن الأمانة تقتضي أن أقول أن هذه السياسة هي التي انتصرت، وهي التي اجبرت الآخرين على المصالحةquot; سواء كانت عربية، أم ساركوزية؟!

في الختام..أشكر القراء من كل قلبي ومهما كان موقعهم وموقفهم، لأنهم في النهاية هم رأسمال الكاتب.