ظاهرة تجلي العذراء مريم ظاهرة عالمية معروفة للعالم كله، فقد تجلت العذراء في أماكن كثيرة في العالم كبلجيكا والبرتغال وإيطاليا وسوريا ولبنان واليابان وراوندا، وكان أشهر تجلي لها في أسبانيا حيث ظلت تتجلي من سنة 1961 إلي سنة 1965 في قرية تسمي كرانيديل، وحظيت مصر بأكبر نصيب من تجليات العذراء مريم أشهرها في كنيستها بالزيتون 1968-1970 وشاهدها اكثر من 40 مليون شخص في هذه الفترة،وشبرا 1986 وأسيوط 2000 ثم تجلي السيدة العذراء بالجيزة وتحديدا كنيستها بمنطقة الوراق 2009 وهو الحدث الذي شغل الرأي العام المصري في الأسابيع الأخيرة.

ظهور العذراء في دولة ما من الدول يعتبر بركة كبيرة لهذه الدولة وشعبها، ويجذب أنظار العالم كله لهذه الدولة للمكانة الكبيرة التي تتمتع بها العذراء في قلوب الناس في شتي بقاع المسكونة، وكنت أتمني أن تقوم مصر باستثمار هذا الحدث والإعلان عنه للعالم كله لجذب أكبر عدد من السياح لزيارة مصر، وخصوصا أن تجليات العذراء تتناسب هذه المرة مع احتفالات العالم بأعياد الميلاد وهو المعروف بموسم الأجازات في العالم الغربي. ولكن بدل أن تقوم مصر باستثمار هذا الحدث العظيم، قامت معظمquot; وللأمانة ليس كلquot; أجهزة الإعلام المصري، بحملة مضادة لظاهرة التجلي في محاولة لتكذيب التجلي والتشكيك في حدوثه، ولا ندري لمصلحة من القيام بهذه الحملة من المتعصبين الذين أعماهم تعصبهم المتطرف وأعمي قلوبهم عن حقيقة شهدها الآلاف بأعينهم وصوروها بكاميراتهم ونقلوها للعالم كله عن طريق شبكة الإنترنت. وتبعا لإحصائيات وزارة السياحة المصرية زار مصر في العام المنقضي أحدي عشر مليون ونصف المليون سائح طوال العام، بينما يزور قرية كرانيديل بأسبانيا خمسة مليون سائح سنويا، يقومون بزيارة الجبل الذي تجلت فيه السيدة العذراء فقط لاغير، إي يزور القرية الصغيرة حوالي نصف عدد السائحين الذين يزورون مصر كلها في العام، ومن هذه المقارنة البسيطة تظهر الخسارة المادية الكبيرة التي خسرتها مصر من عدم استثمارها للحدث العظيم. ولكن من هو المستفيد من وراء هذه الحملة؟؟

ولا نجد إجابة علي سؤالنا سوي أن المستفيد الأول والأخير هو الفكر المتطرف، الذي يريد أن تظهر مصر للعالم كله بمظهر الدولة العربية الإسلامية، وأصحاب هذا الفكر لا يدخرون جهدا في طمس هوية مصر القبطية الفرعونية ولهم في ذلك باع طويل علي مر التاريخ!!!

ولم تكن الحملة الإعلامية هي الوحيدة لطمس الحقيقة ولم يعمل المتطرفين بمفردهم من خلال توغلهم في أجهزة أعلام الدولة، بل شاركتهم الدولة يد بيد فقد تجاهلت كل سفارات مصر وقنصلياتها في الخارج الحدث تماما وكأنه لم يحدث شئ علي الإطلاق.

ياله من تعصب بغيض وقد توغل كالإخطبوط في كل أجهزة الدولة، هو نفس التعصب ذاته الذي حرم كثير من المواهب القبطية أن تأخذ فرصها التي تستحقها. وهو نفس التعصب الذي منعquot;مجدي يعقوبquot; من نيل درجة الماجستير في مصر، ليهاجر لبريطانيا ويصبح أشهر طبيب قلب في العالم وتهديه بريطانيا لقب quot;سيرquot;، وهو ذات التعصب الذي يحاول القضاء علي أنجح رجل أعمال مصري quot; المهندس نجيب ساويرسquot; ومحاولة إجباره علي بيع شركته لشركة أجنبية لتصفيته والقضاء عليه!!

لو كان يوجد بقلوب هؤلاء ذرة حب لمصر الوطن لما فعلوا ذلك. ولو كان أحمد شوقي يعيش عصرنا لقال العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها... والتعصب يخفض بيوت العز والكرم.