بعد مداولات استمرت أربعة ايام قررت المحكمة الدستورية التركية العليا برئاسة القاضي هاشم كلنج وعشرة قضاة آخرين حل حزب المجتمع الديمقراطي ومنع 37 عضوا قيادياً في الحزب من مزاولة العمل السياسي لمدة خمسة اعوام، ورفع الحصانة الدبلوماسية عن رئيس الحزب البرلماني احمد ترك والبرلمانية آيسل توغلوك ومنعهمها من مزاولة العمل السياسي لمدة خمسة أعوام.

هذا القرار كان بالنسبة للشعب الكردي رصاصة أخرى اطلقتها الحكومة التركية في نعش مشروع السلام الذي كانت حركة التحرر الكردستانية وقائدها عبدالله اوجلان قد طرحاها.
قوبل هذا القرار الاجرامي من قبل الشعب الكردي بردود افعال غاضبة ومظاهرات ومسيرات احتجاجية سلمية مستمرة الى لحظة كتابة هذه السطور.

اما ردة فعل حكومة حزب العدالة والتنمية على هذه التظاهرات فكان دموياً، فقد قامت الأجهزة القمعية باغتيال المواطنين الكرديين quot;كمال اكجاquot; وquot;نجمي اورهالquot; في منطقة quot;كوبquot; في ولاية آغري، وفي محيط مدينة اسطنبول قامت الإستخبارات التركية بتسليح بعض العصابات التي قامت بدورها باطلاق الرصاص على المتظاهرين الكرد. اما في آمد quot; ديار بكرquot; فقامت الشرطة التركية باغتيال المواطن الكردي آيدين آردم.

نلاحظ من ردة الفعل الدموبة هذه بأن قرار المحكمة الدستورية التركية العليا كان وبالاً على حكومة العدالة والتنمية، ووضعها في حالة من الإرتباك والهيستريا، خاصة بعد الانتقادات التي تلقتها هذه الحكومة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية والعديد من منظامات المجتمع المدني في العالم. نلاحظ من خلال عمليات القتل الثلاث التي تمت بأن هناك اطرافاً مشاركة هدفها زعزعة الاستقرار وترهيب المواطنين الكرد الذين يتظاهرون بطرق سلمية.

في quot;كوبquot; وquot;امدquot; وquot;اسطنبولquot; عندما قام المتظاهرون الكرد بالتظاهر السلمي لكي يعبروا عن غضبهم ورفضهم لقرار المحكمة التركية والمعاملة السيئة التي يتعرض لها القائد اوجلان، تعرضوا الى علميات قتل وتنكيل وارهاب منقطع النظير على ايدي عناصر الجيش واجهزة الاستخبارات والعصابات المسلحة.

عمليات القتل المنظم التي جرت في منطقة quot;كوبquot; تمت بايدي العصابات المسلحة التي ترى في قتل الكردي واجباً وطنياً وقومياً. اما المواطن الكردي quot;آيدين آردمquot; فقتل في آمد على يد عناصر الجيش التركي. وفي اسطنبول فان الذين هاجموا المتظاهرين واطلقلوا عليهم الرصاص كانوا من انصار quot;الذئب الابيضquot;، كان ذلك واضحاً في شعاراتهم الشوفينية العنصرية التي اطلقوها اثناء التظاهرات.

هذه بعض صفات تلك الجهات التي تعادي الشعب الكردي وقضيته العادلة جهاراً.

القوات الثلاث: أجهزة الاستخبارات، الجحوش/المرتزقة، والجيش، تتلقى تدريبات وامتيازات خاصة على ايدي اجهزة مختصة في الدولة تشارك في جميع عمليات القمع ضد ابناء شعبنا الكردي في تركيا.

هذه الجهات التي ذكرناها آنفاً اتفقت فيما بينها مجدداً ووضعت خططاً جديدة وشاملة لمحاربة الشعب الكردي والتصدي للتظاهرات السلمية للشعب الكردي المنددة بقرار المحكمة والعزلة المفروضة على القائد اوجلان، هذه هي احد اوجه quot;ديمقراطيةquot; حكومة العدالة والتنمية التي يخدعون بها العالم ليلاً نهاراً.

هذه الجهات الثلاث التي ذكرناها سابقاً لم تشفي غليلها من قتل الشعب الكردي، فراحت تناقش كيفية فرض حالة الطوارئ في المناطق الكردية. وهذه الجهات تلقي الايعاز والأوامر من جهاز خاص في الدولة مكلف بتدريب هذه الاجهزة والإشراف عليها.

في بدايات عام 1970 اطلقت الحكومة التركية مشروعاً إسمته quot; يقظة 12 آذارquot; وكان ذلك في مرحلة النظام العسكري الفاشي، حيث كان القتل المنظم للوطنيين والنشطاء احدى مهام تلك ذلك المشروع الحربي. وقد عمد إنقلاب عام 1980 هو الآخر إلى تشكيل فرق إغتيالات خاصة للإجهاز على النخب الديمقراطية، الكردية واليسارية.

الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية تعمد إلى نفس الأساليب الآن. فهي وبطرقها الديماغوجية المعروفة تريد تخدع الشعب التركي والرأي العام وتفهمها بانها مضطرة لفرض حالة الطوارئ ونشر فرق الجيش والشرطة في كل مكان.

ان حكومة العدالة والتنمية ومن خلال هذا الارهاب والتخويف والتنكيل والقمع المنظم الذي تنتهجه للنيل من ارادة الشعب الكردي وزعيمه انما تبين لنا حقيقة مشروعها التصفوي والإجتثاثي الذي يهدف النيل من الشعب الكردي. ويبدو لنا جلياً ايضاً بأن حكومة العدالة والتنمية ليس بأمكانها الخروج من تحت عباءة الجندرمة وسياسة الانكار المتبعة بحق الكرد وهويتهم.

وكما قمنا سابقاً بفضح المشاريع التصفوية لحكومة العدالة والتنمية والحكومات التي سبقتها، وكنا واعين جداً بما تخطط له تلك الحكومات، فاننا الان ايضاً بصدد فضح هذه السياسة التصفوية الجديدة التي تنتهجها حكومة رجب طيب اردوغان وفريقه للنيل من ارادة الشعب الكردي.

يجب ان نعلم بأن ليس هناك امن واستقرار في المناطق الكردية، هذه المناطق تتعرض بأستمرار الى عمليات اهمال وترحيل قسرية يٌشرف عليها الجيش التركي نفسه. ففي المناطق التركية لا توجد اجهزة الاستخبارات السرية والعلنية، وليس هناك اجهزة استخبارات وعصابات خاصة مجهزة باحدث التجهيزات لمحاربة أبناء الشعب والتصدي لهم عندما يمارسون حقهم الديمقراطي في بلد يدعّي العلمانية والديمقراطية. لا توجد مدن وقصبات تركية مفروضة عليها حالة الطوارئ بحيث يتم فيها حظر اي نشاط ثقافي سياسي تظاهري. الاعلام في المناطق التركية حر ويقوم بنشر المعلومة فور حدوثها دون حسيب او رقيب ودون استئذان من المسؤلين الامنيين والعسكر. ليس هناك تركي حكم عليه بالسجن او تعرض للتعذيب لانه تحدث باللغة التركية اواطلق اسماً تركياً على مولوده الجديد او على حارة من حارات قريته او مدينته، الا ان كل هذه الامور التي ذكرناها تحصل في المناطق الكردية، وهذا جزء مما يتعرض له الشعب الكردي الذي يعيش على ارضه التاريخية منذ آلاف السنين.

رغم التسميات العديدة التي اطلقوها على الشعب الكردي وعلى معاناته، الا ان الشعب الكردي ومنذ ما يقارب 80 عاماً يعاني من اضطهاد وقمع وارهاب على يد الحكومات التركية المتعاقبة، والشعب الكردي يعلم ويدرك ذلك تماماً، لذلك ليس من حق احد ولا بامكانه ان يمنع الشعب الكردي من ممارسة حقه الطبيعي في الحياة والديمقراطية وقمع تطلعاته في أن يعيش في ظل هذه السياسات القمعية والاجواء الطارئة.

الذين يصرون على ممارسة هذه السياسات القمعية معروفون لدى الشعب الكردي وهم بذلك انما يؤكدون للعالم اجمع بأنهم دعاة حرب واصحاب ايادي ملطخة بدماء الشعوب التواقة للحرية والديمقراطية. اما اولئك الاخرون واقصد حلفاء حكومة العدالة والتنمية الذين لا يقلون عن الجيش والحكومة التركية قسوة وارهاباً، والذين واجهوا التظاهرات الكردية بالرصاص الحي فيحاولون بمحاولاتهم تلك اخفاء الوجه الاجرامي لحكومة العدالة والتنمية. لكن هيهات أن يخدعوا الشعب الكردي بآلاعيبهم هذه. الشعب الكردي قادر على حماية نفسه وسوف يطور من اساليب الدفاع عن نفسه ضد هذه الهجمات الشرسة التي تٌشن بحقه على مرئى ومسمع من العالم. ومن ناحية اخرى سوف يتمكن الشعب الكردي من فضح كل هذه الاساليب القذرة، خاصة الخطوة الاخيرة التي اعلنت عنها حكومة العدالة والتنمية في إعلان حالة الطوارئ في مناطق كردستان.

قيادي من مؤسسي حزب العمال الكردستاني

الترجمة من الكردية: سرحان عيسى