استغربت مع آخرين تصاعد مؤشر الفرحة عند بعض وسائل الإعلام العربية لحادث المواطن النيجيري عمر فاروق الذي حاول تفجير طائرة الركاب التي كان مسافراً عليها، قبل دقائق من هبوطها في مطار ديترويت.. واندهشت أكثر وأنا اتابع مباريات اخبارية متتالية لبعض الفضائيات التى رفعت من رأس المحاولة عالياً في السماء وأقحمت نفسها في تفاخر ممجوج يشيد بالقدرات الفنية والتكتيكية والدعائية التى أصبح يتمتع بها تنظيم القاعدة وكيف انتصر علي اعتي اجهزة المخابرات quot; ولولا قدر الله لتمكن المجاهد في سبيل الله عمر من تفجير الطائرة quot;..

كيف لهذه المحاولة اللآ إنسانية أن تكون مصدر للفرح؟؟ وكيف لها ان تساعد علي التفاخر بتنظيم إرهابي يصر علي اشاعة الرعب والهلع حول العالم؟؟.. لو كان واحد من هؤلاء أو أولئك علي متن الطائرة، هل كان سيفرح او يتفاخر؟؟..

الا تكفي مصيبتنا في أفغانستان وفي باكستان، لكي لا تنشرح صدورنا لتحول اليمن إلي قاعدة متقدمة لطالبان!! وتبلغ سعادتنا قمة جديدة من الفشل والتمزق؟؟..

اتفقت غالبية الصحف البريطانية ( 29 ديسمبر ) علي أن اليمن أصبح يتسع لعدد كبير من معسكرات التدريب التابعة للقاعدة.. وأبدت الجارديان علي وجه التحديد quot; تخوف عالي النبرة من جراء تحول هذا البلد quot; شديد الفقر quot; إلي quot; معقل جديد لتفريخ مقاتلين ملتزمين بفكر وتكتيك القاعدة في الجهاد ضد الكفار quot;.. وقالت إن وزارة الداخلية البريطانية تعرف علي وجه اليقين مَن من أبناء البلاد زار اليمن وكم بقي بها علي امتداد السنوات الأخيرة quot; لكن هل يعرف الآخرون أعداد مواطنيهم الذين سافروا إلي هناك؟؟ quot;..

سؤال في محله!! خاصة بعد أن نقلت وكالات الأنباء عن عمر فاروق أثناء التحقيق الأولي معه أنه تدرب في اليمن وأن ناشطاً كبيراً في تنظيم القاعدة هناك quot; زوده بالمواد المتفجرة quot; التى فشل في إستخدامها لتحقيق هدفه الإرهابي..

نبادر بطرح هذا التساؤل لأن مسئولين في جهاز MI5 البريطاني أكدوا ndash; 30 ديسمبر ndash; أنهم علي علم كافي quot; بمن تدرب في معسكرات اليمن القاعدية quot;..

نظام الحكم في اليمن كان قبل محاولة تفجير طائرة ديترويت الفاشلة واقعاً تحت ضغطين هائلين في قوتهما وتأثيرهما وتداعياتهما : معركتة الحربية مع الحوثيين في الشمال ودعاوي الإنفصال التى يقودها نائب الرئيس السابق علي سالم البيض في الجنوب!! وكان العبأ علي كاهله مضاعفا ويكاد يهز ركائز حكمه، ثم جاءته كارثة عمر فاروق الذي جعله - نظام الحكم في صنعاء - محط انظار واسماع واقلام وكاميرات العالم عندما قال لوسائل الاعلام quot; باليمن كثير من امثالي quot; وأضاف إلي الضغوط التى يتعرض لها عبأ فتح اراضيه لمعسكرات تدريب الارهابين..

هنا مكمن الكارثة حيث تفيد العديد من التقارير أن مساحات شاسعة من الصحراء اليمنية تحولت إلي معسكرات تدريب تابعة لقيادات القاعدة التى تمكنت من إستثمار التوترات والصراعات القبلية اليمنية بينها وبين بعضها البعض وبينها وبين حكومة صنعاء ونجحت في quot; إجتذاب الكثير من شباب القبائل العربية والأفريقية للإنخراط في تنظيماتها quot;.. وبعد ان عادت اليها القيادات التى أفرجت عنها الولايات المتحدة وبعض الدول الاخري، تمكنت قيادات طالبان المحلية والوافدة من تقوية شوكتها داخلياً عن طريق زيادة عدد المعسكرات وخارجياً عن طريق تصدير الإرهاب إلي داخل المملكة العربية السعودية ممثلة في محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية الفاشلة وإلي والولايات المتحدة ممثلة في محاولة تفجير طائرة ديترويت الفاشلة أيضاً..

شواطئ اليمن وشريط سواحلها الممتد مئات الاميال، مع قلة الإمكانيات الحكومية الأمنية في مراقبة الحدود جعل منها مسرحاً لتهريب السلاح يساهم فيه الكثير من أبناء البلاد الذين فقدوا حقوقهم ودفعتهم البطالة وتوقف عجلة التنمية الأجتماعية في مناطق القبائل إلي التعاون مع قادة ودعاة تنظيم القاعدة، علي أثر عمليات غسيل الدماغ التى تعرضوا لها تحت شعار الدروس الدينية السلفية..

حتى الأماكن والمزارات السياحية في اليمن كما كتب الصحفي البريطاني هيو ماكلويد ndash; الجارديان ndash; مثل آثار مملكة سبأ وسد مأرب تحولت إلي مناطق طرد للسياح بعد أن تضاعفت حولها عمليات الإغتيال والتفجير والخطف quot; مما جعلها تقع تحت سطوة القبائل المتعاونة مع قيادات تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب quot;..

كم بلد إسلامي أو شرقي أوسطي علي وجه الخصوص مُعرض لأن يعاني من عمليات إرهابية ضد كبار مسئوله وضد مواطنيه؟؟..

ومن هو الوطن التالي في الترتيب بعد افغانستان واليمن الذي ستتحول أرضه إلي مَفرخة إضافية للإرهاب؟؟..

والأهم من ذلك..

كم هو عدد المواطنين في عموم المنطقة كلها المستعدون لعملية غسيل مخ تنقلهم إلي خانة quot; الأخوة المجاهدين quot;، كما يتمني تنظيم قاعدة شبه الجزيرة الذي بارك محاولة تفجير طائرة ديترويت بركابها الـ 278 وافراد طاقهما الـ 11 مساء يوم 25 ديسمبر..

استشاري إعلامي مقيم في برطانيا [email protected]