(قد يكون هذا المقال متأخرا إسبوعين بعد إنتهاء مؤتمر كوبنهاغن، ومؤتمر كوبنهاغن إنتهى ولكن الموضوعات التى بحثها سوف تظل معنا حتى نهاية القرن الواحد والعشرين وربما إلى قرون قادمة، لهذا فقد رأيت أن أنشرالمقال لأهمية الموضوع).
...
كنت أتابع مؤتمر كوبنهاغن فى الشهر الماضى لبحث التغيير المناخى وظاهرة الإحتباس الحرارى، وساءنى الموقف الأمريكى والأوروبى والصينى فى المؤتمر، ولقد صدمت أكثر عندما علمت أنه لم الوصول إلى إتفاق ملزم لجميع دول العالم بالإقلال من الإنبعاث الكربونى فى الجو الأمر الذى يعتقد معظم العلماء بأنه السبب وراء ظاهرة الإحتباس الحرارى والتغير المناخى الذى يشهده العالم فى العقود الماضية، وقد بدأ إهتمامى بموضوع الإحتباس الحرارى منذ علمت أنه إذا إستمرت درجات الحرارة بالإرتفاع بهذا الشكل فإن هذا سوف يسبب إنصهار الكتلة الجليدية فى القطبين الشمالى والجنوبى مما يؤدى إلى إرتفاع مستوى سطح البحار فى العالم ومن المتوقع أن يختفى جزء كبير من دلتا نهر النيل قبل نهاية القرن الحالى، وسوف تختفى جزرا كثيرة فى العالم (ولكن quot;الجزيرةquot; إللى فى بالى لن تختفى) وقد تختفى بلادا بأكملها مثل بنجالاديش، وفى تقديرى أن هذا هو أكبر خطر يواجه البشرية على الإطلاق، وهو خطر يصبح بجواره خطر الإرهاب والحروب وإنفلونزا المعيز مجرد (لعب عيال) ومن حقى أن أفتخر وأتمنظروأخبركم أننى أصبحت منذ حوالى عامين (مهندسا أخضرا) بعد أن درست العديد فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة ونجحت فى الإختبار الذى ينظمه (المعهد الأمريكى للمبانى الخضراء) مهندس متخصص فى البيئة والطاقة النظيفة للمبانى الخضراء. للحصول على رخصة LEED AP

ولقد إنزعجت بشدة بعد دراستى للبيئة وهالنى الطريقة التى يقوم الإنسان بتلويثها يوميا، وكأننا ننتحر إنتحارا بطيئا وجماعيا، وقلت لنفسى ياريتنى لم أعلم، فأحيانا الجهل أفضل كثيرا من العلم، فكمية الأعراض الجانبية التى يمكن أن تحدث إذا إستمرت ظاهرة الإحتباس الحرارى وإرتفاع درجة حرارة الأرض بهذا الشكل سوف تغير شكل الحياة على الأرض مثلما إنتهى العصر الجليدى الأخير (العصر البليستوسينى) والذى إنتهى منذ عشرة آلاف سنة عندما كانت أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية مغطاه بالجليد الذى إنحصر فى نهاية هذا العصر حتى وصل إلى القطب الشمالى والقطب الجنوبى.

وبالمناسبة هناك مدرستان فى موضوع التغير المناخى على سطح الكرة الأرضية، مدرسة الأغلبية (وأنا منها) وتؤمن بأن التغير المناخى المتسارع على الكرة الأرضية فى النصف قرن الأخير هو من صنع الإنسان الذى لوث الكرة الأرضية وجوها بكل أنواع التلوث الجوى والأرضى والمائى، وإذا لم يتوقف هذا فمن الممكن أن تصبح الحياة لأولادنا وأحفادنا مؤلمة بل وشبه مستحيلة، ومدرسة الأقلية وهى تؤمن بأن التغيير المناخى الذى تشهده الأرض الآن هو تغيير طبيعى يحدث من وقت لآخر على فترات متباعدة قد تمتد لآلاف السنين وفى بعض الأحيان مئات الآلاف من السنين، ولها علاقة بتغييرات منتظمة فى دوران الأرض حول الشمس وفى زاوية ميلها، وأنا من المؤيدين للحفاظ على البيئة حتى لو كانت التغييرات المناخية لا علاقة لها بالنشاط الإنسانى، لأننى أعتقد أنه من حقوق إنسان القرن الواحد والعشرين أن يتنفس هواء نظيفا وأن يشرب مياها نظيفة وأن يأكل طعاما غير ملوثا ولا يسبب الأمراض وأن يقتصد فى إستهلاكه الجنونى للبترول ويستبدله بأنواع أخرى من الطاقة النظيفة والمتجددة مثل طاقة الرياح وطاقة الشمس، ونظرالإقتناعى بالحفاظ على نظافة البيئة قررت دعوة نفسى لمؤتمر كوبنهاجن رغم أننى لم أتلق أى دعوة رسمية بالرغم من أننى quot;مهندس أخضر قد الدنياquot;.
....
وفى محطة قطار كوبنهاجن وجدته هائما على وجهه بين أرصفة القطارات الكهربائية، وعرفته من سمرته الغامقة والتى حرقتها شمس جنوب الصعيد، وتوجهت إليه ودار بيننا الحوار التالى:
- إزيك يابلدينا
- أحمدك يارب...أخيرا لقيت حد فى بيتكلم عربى.
- إنت بتعمل إيه هنا؟
- أنا جاى أحضر المؤتمر
- مؤتمر إيه؟
- مؤتمر الإحتباس
- وإنت إيه علاقتك بالإحتباس؟
- أصل أنا بقى لى سنين عندى إحتباس بولى، ولفيت ياما على الدكاترة فى مصر وإسكنرية ما فيش فايدة.
- وده إيه علاقته بالمؤتمر؟
- ولاد الحلال المتعلمين فى البلد زى حالاتك قالوا لى فيه مؤتمر عن الإحتباس فى بلد إسمها كوبنهاجن، والمؤتمر ده حيكون فيه دكاترة من العالم كله وأكيد حيلاقوا حل لمشكلة الإحتباس بتاعتى.
- أيوه ده بس مؤتمر عن التغير المناخى و الإحتباس الحرارى
- أهو كله إحتباس
- كله إحتباس إزاى؟
- أنا فى عرضك ياإستاذ تعرفنى على دكتور من بتوع الإحتباس يكون أمريكانى أو ألمانى
- إنت عارف يعنى إيه الإحتباس الحرارى؟
- أيوه طبعا عارف، إنت فاكرنى جاهل ياإستاذ، أنا معايا الإعدادية وبأقرأ الأهرام كل يوم، الإحتباس الحرارى معناه إن الأرض مش قادرة تصرف حرارتها.
- عليك نور أديك فاهم الموضوع، وضرورى تعرف إن ده مالوش علاقة بالإحتباس البولى بتاعك.
- ياإستاذ هى نفس المشكلة، الأرض مش قادرة تصر الحرارة وأنا مش قادر أصرف البول.
- وإنت عارف إيه يمكن تحصل لو الأرض ما قدرتش تصرف الحرارة؟
- طبعا عارف ممكن تموت، بالضبط زيى لو ما قدرتش أصرف البول أموت.
- فى دى عندك حق.
- مش قلت لك أهو كله إحتباس!!
[email protected]