تشرفت أن أكون من كتاب "إيلاف" الغراء منذ الأيام الأولى لصدورها في اَيار/ مايس 2001، ولهذا الأنضمام حكاية من المناسب ذكرها بمناسبة الأحتفال بمرور عقد من عمر إيلاف..
كباحث بيئي كنت قد نشرت في صحف المعارضة العراقية الورقية العشرات من المقالات والتقارير العلمية عن الكارثة البيئية والصحية في العراق التي نجمت عن إستخدام أسلحة اليورانيوم المنضب في عام 1991 من قبل القوات الأمريكية والبريطانية وغيرها، وحذرت من تداعياتها في دول الخليج أيضاً، وطالبت بضرورة التعجيل بدرء المخاطر قبل فوات الأوان.. لكن صحف المعارضة العراقية اَنذاك كانت محدودة الأنتشار ولا توزع في معظم البلدان العربية..
فبادرت الى كتابة مقال حول مخاطر اليورانيوم المنضب، منبهاً بالأستناد الى العلم الحديث الى ان التداعيات الصحية للقذائف المشعة التي إستخدمت في حرب الخليج الثانية لن تقتصر على الجيل الحالي، وإنما ستطول الأجيال القادمة. ومثلما حملت النظام البعثي في العراق مسؤولية تعتيمه وسكوته عن إنتشار الأمراض الخطيرة في العراق عقب إستخدام تلك الأسلحة، إنتقدت، بذات الوقت، تجاهل الكارثة الصحية والتعتيم عليها من قبل المسؤولين في دول الخليج العربية..
أرسلت المقال الى"إيلاف" بالبريد الألكتروني، وكنت غير مصدق أنها ستنشره، ذلك لأن الناشر ورئيس التحرير سعودياً عمل سنين طويلة في الأعلام الرسمي السعودي، وليس"من المعقول" أن يخرج عن"طريق" الأعلام الرسمي المرسوم، الذي رفض، في ذلك الوقت، إدانة إستخدام تلك الأسلحة المدمرة والفتاكة..
ولكن سرعان ما" تبخرت" كل الظنون والمخاوف، و.. نشر المقال بعد يومين كاملاً ومن دون حذف أو تغيير ولا جملة واحدة منه..
وواصلت"إيلاف" طيلة العقد المنصرم نشر المقالات والتقارير حول الموضوع..وهي لم تفسح المجال لنشرها فقط، بل وصارت سباقة في نشر التقارير التي تصلها من مراسليها ومن وكالات الأنباء، بما فيها تلك التي تدين إستخدام القذائف المشعة.. وتجسدت جرأة "إيلاف" على نحو ملحوظ في نشر الأنتقادات الموجهة للأدارة الأمريكية في وقت كان الحكام العرب لا يحيدون عن مسار التوافق السياسي معها.. وبرز دور"إيلاف" الجريء أكثرعقب أحداث أيلول/ سبتمبر، التي سادت هيمنة"السيد الأوحد" و"النظام العالمي الجديد" بقيادة أمريكا، حتى ان حيث الخوف من إنتقام صقور الأدارة الأمريكية، وخاصة في البنتاغون، ألغى الكثير من المشاريع والبرامج، ومنها دراسة اَثار أسلحة اليورانيوم المنضب وعلاقتها بإنتشار الأمراض السرطانية والتشوهات الولادية في العراق، التي كان من المقرر ان تقوم بها منظمة الصحة العالمية، وأعلن فريقها العلمي في 23/8/ 2001، بأنه سيعود للعراق بعد إسبوعين لأجراء الفحوص اللازمة، ولم يعد. وتصاعدت تصريحات المسؤولين في دول الخليج العربية، خاصة الكويتيين والسعوديين، المرددة، ضمن سياسة التوافق السياسي، لطروحات البنتاغون النافية للأضرار الصحية والبيئية لأسلحة اليورانيوم بالضد من الواقع الصحي المتردي، ولاسيما تزايد الأصابات السرطانية والتشوهات الخلقية عقب حرب الخليج الثانية عام 1991 في تلك البلدان..في ذلك الوقت بالذات، نشرت"إيلاف" العديد من المقالات التي أكدت تزايد الأمراض الخبيثة والحالات المرضية غير القابلة للعلاج عقب حرب الخليج الثانية، ليس فقط في العراق، بل وأيضاً في الكويت والسعودية. وأدانت إستخدام تلك الأسلحة، وإنتقدت بشدة الأكاذيب النافية لأضرارها من قبل المسؤولين العرب..
ولا أبالغ إن قلت أنه بعد مبادرة"إيلاف" بتشجيع النشر حول هذا الموضوع الخطير وكشف المستور في ثناياه، تشجعت العديد من الصحف الورقية العربية على النشر والحديث حوله..
وعدا هذا، أصبح للبيئة ونشر الوعي البيئي في"إيلاف" حيز معتبر بعنوان"البيئة"، تنشر فيه وتطرح وتعالج المشكلات البيئية الساخنة..

إن"إيلاف" وهي أول صحيفة ألكترونية عربية كانت وما تزال حقاً وفعلاً رائدة وسباقة في الأعلام الألكتروني الموضوعي والجريء!
خالص التمنيات لأسرة تحرير "إيلاف" بالتوفيق، وبالمزيد من الأبداع التطور في سبيل خدمة قضاي الشعوب العربية وتلبية الطموحات المشروعة للقارئ باللغة العربية!