يخيم على المشهد السياسي العراقي ظلال داکنة توحي بالکئابة المفرطة من جراء غلبة اليأس و التشاؤم على الامل و التفاؤل في حلحلة الازمة السياسية العراقية الراهنة و التي يبدو أنها تسير صوب مفترق حساس و خطير من شأنه أن يعيد صياغة المشهد السياسي العراقي و يؤثر على دور و حضور الاطياف و الوجوه المشارکة فيه.

الازمة الحالية العراقية التي إندلعت مع قضية إتهام طارق الهاشمي بالارهاب، لم تکن أزمة طارئة او مفتعلة وانما کانت موجودة لکن تخبأ رأسها بين دجل و نفاق و کذب القادة السياسيين، لکن بقاء القوات الامريکية کان يحول دون بروز و تفاقم تلك الازمة ولاسيما وان السياسة الامريکية کانت تتطلب بصورة أو أخرى عدم إبراز أية أزمة من ذلك العيار الثقيل وانما کانتquot;تأمرquot;الجميع بالابتعاد ولو مؤقتا عن مثل هکذا أمر، وهو مطلب أفهمته و لقنته الادارة الامريکية لدول المنطقة المتورطة بشکل او بآخر في العراق.

رئيس الوزراء نوري المالکي الذي فجر الازمة الحالية عندما رفع صمام الامان عنquot;القنينةquot;المکبوتة و أعلن عن تورط نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بقضية الارهاب، وعلى الرغم من تکهن العديد من الاوساط السياسية و الاعلامية بإمکانية حل هذه المشکلة او على الاقل جعلها معلقة الى حين، غير ان إصرار المالکي ظهر للجميع انه يعتزم الذهاب أبعد من ذلك، خصوصا عندما قام بالتلميح الى نيته بتحريك ملفات تثبت تورط کل من أياد علاوي زعيم القائمة العراقية و صالح المطلك القيادي بنفس القائمة، بعمليات إرهابية(سوف تحال الى القضاء قريبا و في الوقت المناسب)، بحسب ماجاء بتقرير خبري بهذا الخصوص.

قبل هذا الموقفquot;الاستثنائيquot;، للمالکي، کان هناك ثمة أمر سياسي عرضي لايجب الاستهانة به او جعله يمر مرور الکرام، وهو مايتعلق بتصريح النائب عن إئتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالکي نفسه والذي أکد فيه إنquot;رئيس الجمهورية جلال الطالباني تنطبق عليه أحکام المادة الرابعة/ب من قانون مکافحة الارهاب لإيوائه نائبه طارق الهاشميquot;، موضحا أن التستر على الاخير يعتبرquot;خرقاquot; دستوريا و قانونيا صريحا للقضاء، هذا التصريحquot;الثقيلquot;الذي قال رئيس کتلة إئتلاف دولة القانون في مجلس النواب خالد العطية إنquot;تصريحات النائب حسين الاسدي بشأن رئيس الجمهورية جلال الطالباني وجهة نظر شخصية و لاتمثل إئتلاف دولة القانون.quot;، هو رد مهذب لکن يمکن قراءة المخفي مابين الاسطر، حيث أن تصريح الاسدي کان بمثابة رسالة خاصة للطالباني بأن لايتجاوز الحد المسموح له وان لايتدخل في شأن لايعنيهquot;حاليا على الاقلquot;، والذي يسمح لنا بهکذا قراءة و تفسير هو أن الهجمة المضادة التي أطلقها المالکي ضد أبرز قادة الطيف السني او من يساندهم و يقف معهم من الشيعة، ليست هجمة محددة او وقتية وانما هي أبعد و أعمق من ذلك، إذ تهدف فيما تهدف الى جعل العراق دولة تحکمها الغالبية الشيعية فيها، وهو أمر مهم و خصوصا في هذه الفترة الحساسة و الحرجة من تأريخ المنطقة حيث تتدافع الاحداث و تتشابك مع بعضها البعض و على وجه الخصوص فيما يتعلق بالنظام الديني في إيران و الذي يعاني من تراجع ملحوظ على مختلف الاصعدة و يکاد أن يکون في حاجة ماسة لموطئ قدم أساسي لاينازعه فيه من أحد، ومن المؤکد جدا أن رجال الدين قد طفقوا يعدون العدة لجعل العراق القاعدة الاهم لهم بعد التأکد من حتمية سقوط النظام السوري و ظهور بوادر تراجع و تلاشي دور و نفوذ حزب الله اللبناني، ولذلك فإن بروز نوري المالکي کجرافة سياسية لاتلوي على شئ و تکتسح کل شئ او عائق أمامها هو أمر يساعد و يشجع على هکذا رؤية و تفسير، وان الايام القادمة أکثر من حبلى!