لا جديد في مشروع إيران النووي سوى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير الذي كشف النقاب عن أن إيران تتجه بالفعل لصنع القنبلة الذرية،الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي يصعدان اللهجة ضد طهران، وتفرض الأولى عقوبات على وإرادات النفط الإيرانية، ويتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوربي مبدئيا على وقف استيراد النفط الخام من إيران في انتظار قرار نهائي في الاجتماع الوزاري في لشبونة نهاية الشهر الجاري، الصين واليابان قللتا من وارداتهما من النفط الخام من ايران خشية تعرض شركاتها لعقوبات أمريكية، وهذه ضربة لإيران حيث تشكل عوائده 60 بالمئة من الاقتصاد الإيراني..

إدارة اوباما ترى أن العقوبات بدأت تفعل فعلها خاصة في ظل انهيار قيمة العملة الإيرانية لكنها مع ذلك تلتزم الحذر لان أي خطأ أو تحرك غير مدروس قد يؤدي إلى كارثة، علامات الاستفهام المطروحة الآن هي: هل وصل الغرب وإيران إلى نهاية اللعبة؟ هل سيكون عام 2012 هو عام المواجهة مع إيران؟


من يتابع الإعلام الغربي يشعر أن موعد المواجهة بين إيران والغرب قد اقترب خاصة بعد تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره أربعون في المئة من نفط الخليج إلى الغرب، وحذرت واشنطن طهران من مغبة هذا الفعل، وهددت بريطانيا بضرب إيران إن قامت الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز.

مصدر التصعيد هو طموحات إيران النووية، واستعراض القوة الذي قامت به أخيرا، حين قامت بمناورات في الخليج العربي، أجرت خلالها اختبارات على صواريخ طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى لتكشف عن أخر ما توصلت إليه ترسانتها الحربية من صواريخ، وتبعث برسالة للغرب ودول الجوار مفادها أنها قادرة على التصدي لأي ضربات من جانب الولايات المتحدة أو إسرائيل.

صحيفة 'الاندبندنت' البريطانية قالت في واحدة من افتتاحيتها: quot;إن مشروع إيران النووي صار جزءا من 'موسيقى العالم' والحديث عنه يدور منذ مدة طويلةquot;، لكن التصعيد الأخير يشير إلى أن طهران والغرب يتحركان نحو نهاية اللعبة والتي ستشعل منطقة الشرق الأوسط الملتهب بسبب الثورات التي اندلعت فيه العام الماضي ونجحت في تونس ومصر وليبيا ومستمرة حتى الآن في اليمن وسوريا.

وترجع الصحيفة الفصل الأخير من المواجهة إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر في نوفمبر الماضي، وأكدت فيه الوكالة أن إيران تقترب من الانضمام للنادي النووي في غضون سنوات قليلة، إيران تنفي دوما أن يكون برنامجها النووي مخصص لأغراض عسكرية، والغرب تساوره الشكوك في أن هذا البرنامج مخصص للأغراض العسكرية، والخبراء يقولون انه ليس هناك برنامج نووي سلمي وأخر عسكري، ويقطعون بأن أي برنامج نووي يمكن أن يتحول إلى عسكري إذا اتجهت الدولة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تسعين في المئة، ومن يخصب بنسب قليلة يكون قادرا على التخصيب بنسب عالية.

وبين إيران والغرب، تظهر إسرائيل كطرف ثالث، فهي لا تمل من الدعوة إلى تدمير المنشآت النووية الإيرانية، بل وتهدد بأنه ما لم تقم الولايات المتحدة والغرب بتدميرها فإنها ستفعل هي ذلك، المسألة النووية الإيرانية تطرح بقوة في برامج المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي بدأت مبكرا، كل مرشح يريد أن يغازل اسرائيل، ويبدي استعداده لضرب إيران في حال فوزه في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، كما يطرح الموضوع النووي في الداخل الإيراني خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في شهر مارس المقبل، والتي ستشهد تنافسا كبيرا بين الإصلاحيين والمحافظين.

وعلى أية حال لا يمكن النظر إلى التصعيد الإيراني إلا من ناحية الظروف الداخلية، فنظام طهران يعاني صراعا من اجل البقاء بين الداعين لإصلاح الاقتصاد بقيادة الرئيس quot;محمود احمدي نجاد quot; والموالين له من جانب، والمحافظين المتشددين المدعومين من الحرس الثوري الإيراني وطبقة رجال الأعمال التي جنت مكاسب شخصية بشكل كبير منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

في ظل هذا التنافس يحاول المرشد الأعلى للثورة quot;علي خامنئيquot; الوقوف في الوسط، فهو ينظر بعين القلق لتحركات البوارج الأمريكية في الخليج، ويحذر قادة إيران واشنطن من العودة مجددا، والعبور عبر مضيق هرمز إلى الخليج ويخشى في الوقت نفسه من أن يقود الصراع الداخلي إلى ثورة ثانية في البلاد. في ظل الربيع العربي، فالشباب الإيراني الذي راقب الشباب العربي وهو يطيح بحكامه لم ينس ما حدث بعد الانتخابات المزورة عام 2009 الذي فاز فيها quot;احمدي نجادquot;، ويعتقد الإيرانيون أن الدور سيأتي على إيران عاجلا أم آجلا، على الرغم من أن قادة الحراك الشعبي عام 2009 في السجون وبعضهم تحت الإقامة الجبرية.
فؤاد التوني
إعلامي مصري