يوم 16/آذار/1988، لم يکن مجرد يوم عادي کباقي الايام، کان يوما يخبئ بين ثناياه أکثر من مفاجأة و ينبئ عن أبشع مأساة تمر بالشعب الکوردي، في ذلك اليوم، کان هناك أکثر من طرف يشارك في وضع التفاصيل النهائية لهذه الفاجعة الانسانية لأهالي مدينة حلبجة الابرياء، لکن، وکما توضح فإن کل طرف يسعى لإلقاء تبعات الجريمة على عاتق النظام البعثي الصدامي المقبور و يبرئ ساحته من کل إثم و ذنب بحق أهالي حلبجة.

الجيش الايراني الذي کان يحتل مدينة حلبجة و المناطق المحيطة بها الى جانب الحرس الثوري الايراني تتقدمهم قوات تابعة للحرکة كردية و فصيل کوردي آخر، إنسحب هذا الجمع کله بصورة مفاجئة من مدينة حلبجة في صبيحة يوم 16 آذار 1988، و بررت الحرکة لأهالي المدينة ذلك الانسحاب بأنه تقدم quot;لتحريرquot;مدينة السليمانية و بقية المدن الکوردية! و الانکى من ذلك أن هذه الحرکة الى جانب أفراد تابع لذلك الفصيل الکوردي، قد قاموا بمنع أهالي حلبجة من الخروج من مدينتهم و أمروهم بالبقاء فيها و إنتظار بشارات الانتصار!

هل كانت الحرکة الکوردستانية و ذلك الفصيل الکوردي، يملكان معلومات إستخبارية مؤکدة بعزم النظام البعثي المنهار بقصف مدينة حلبجة بالاسلحة الکيمياوية لعلمه بوجود القوات الايرانية داخل المدينة؟ وهل کان هذا الامر بالنسبة للنظام الايراني في ذلك الوقت بالذات بمثابة کنز لايمکن التفريط به ولذلك فقد أمروا قواتهم بالانسحاب و أجبروا الاهالي الابرياء على البقاء في منازلهم لمواجهة مصيرهم لکي يقوموا بعد ذلك بتوظيف جريمة القصف الکيمياوي ضد النظام لصالحهم؟

الدور الخبيث و المشبوه الذي لعبه النظام الايراني في مأساة حلبجة المروعة و ماأدته بعض الاحزاب الكردية من خدمة مخزية لإتمام فصول هذا السيناريو هو أمر لابد دوما من التأکيد عليه و التذکير به، إذ جعل هذا النظام المتاجر بالدين اساسا من قضية حلبجة قميص عثمان الذي رفعته من أجل فضح النظام في ظاهر الامر و لکن و في حقيقة الامر کان لغاية أخرى تصب في مصلحة النظام و تخدمه.

مأساة حلبجة التي لازالت تداعياتها و تأثيراتها باقية لحد الان، جعلت منها أطرافا سياسية کوردية بمثابة قميص عثمانquot;أيضاquot;، حيث قامت برفعها من أجل خدمة أغراضها و مصالحها الضيقة و ليس من أجل أهالي مدينة حلبجة او القضية الکوردية، وقد تأکد هذا الامر من خلال الشکاوي و التظاهرات و الاعتصامات التي نظمها أهالي حلبجة من أجل دفع حکومة اقليم کوردستان للاهتمام بهم و عدم إهمالهم حيث توضح بأنه و بعد مرور أکثر من 23 سنة على جريمة قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الکيمياوية لم تقدم الخدمات المطلوبة لأهالي حلبجة و لم تلبى إحتياجاتهم کما يجب وانما يفتقرون للکثير من الامور.

لسنا في صدد تبرئة النظام البعثي من تبعات الجريمة فذلك أمر أشبه بالبديهية التي لاتحتاج الى برهان، لکننا بصدد کشف الجوانب البشعة التي تورط بها النظام الايراني و طرفين کورديين آخرين و حاول الثلاثة إبقاء هذه الحقيقة في الخفاء، وفي ذکرى قصف مدينة حلبجة نجد من المهم لفت الانظار الى هذه الحقيقة لکي ينکشف الجميع على حقيقتهم!