يسوق قطاع من طلاب الجامعات، ومن يطلقون على أنفسهم لقب ثوار ونشطاء، يسوقون الهبل على الشيطنة هذه الأيام، ويتمادون في التظاهر، والاعتصام، وإثارة الشغب في الجامعات بالتزامن مع تظاهر العشرات من مأجوري المعزول quot;محمد مرسيquot; في مناطق عدة من القاهرة والاقاليم، لاثبات الوجود واهمين أن ذلك سيؤدي إلى تدمير الدولة، وإحراق المؤسسات، وتعطيل خريطة المستقبل، غير مدركين أن شعب مصر كله يقف لهم بالمرصاد، ويعاون الجيش والشرطة في التصدي لافعالهم الصبيانية، فلم يعد لديهم مشروع، ويعيشون على إفتعال الأزمات، وتصوير انفسهم كذبا وبهتانا بأنهم مظلومون، بدا على هؤلاء البشر الارتباك بعد ان عجزوا على الحشد، ولفظهم المجتمع، وباتوا ورماً سرطانيا خبيثا يجب إزالته، أوشك الليل أن ينجلي، وستنتهي قريبا هذه الفوضى، ليكون القانون هو الحاكم لحركة المجتمع.

quot;لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدورquot; صدق المولى عز وجل، فالمخربون لا ينظرون حولهم، لقد غرق العراق بلد الحضارات في الفوضى، وفقد أكثر من مليون من أبنائه في حرب أهلية، المؤامرة بدأت منذ زمن، ونفذ الرئيس الأميركي جورج بوش الأبن مخطط إسقاط العراق منذ أول أيام الغزو في التاسع عشر من مارس عام 2003، فكك الجيش، وسرح الأمن، ولعب على الفتنة الطائفية، لضرب وحدة العراق، وأحال الاحتلال الأميركي محافظات العراق إلى ساحة للحرب أهلية، وبات البلد العريق مأوى لتنظيم القاعدة، والسلفية الجهادية، والتكفيرين، وغيرهم من الجماعات المنبثقة عن جماعة الإخوان الإرهابية، وأصبح لكل مسؤول ميلشياته، وحتى اللحظة لم تنجح الحكومة فى توحيد العراق، فكيف تنجح حكومة طائفية في توحيد العراق؟ لا يزال شبح التقسيم يهدد مستقبله وفق نظرية quot;كوندليزا رايسquot; laquo;الفوضى الخلاقة raquo; وهي نظرية اخترعها المحافظون الجدد فى عهد بوش الابن ليبرروا هدم العراق.

هذه المؤامرة امتدت إلى سوريا المجاورة، حيث تدور حرب مسعورة منذ نحو ثلاث سنوات بين القوات الحكومية والجيش الحر، دخلت على الخط جماعات إرهابية تنتمي إلى تنظيم القاعدة الإرهابي المتحالف مع الإخوان، والجماعات الجهادية والتكفيرية، واختلط الحابل بالنابل، ووجهت هذه التنظيمات الإرهابية سلاحها الى كل فئات الشعب السوري، وراح ضحية هذا القتال العبثي نحو مائتي ألف قتيل، وشرد أكثر من ثلاثة ملايين سوري، واليوم تواجه سوريا مستقبلا مجهولا، قد يؤدي الى تقسيمها لدويلات متناحرة أو تظل ساحة للفوضى.

السيناريو العراقي والسوري كان يسير نحو محطته الثالثة مصر قلب العالم العربي، لولا خروج أكثر من ثلاثين مليون مصرى إلى شوارع المدن الكبرى، وعواصم المحافظات فى هبة جماهيرية أسقطت حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وظهرت سواءاتها وتحالفاتها ومؤامراتها ضد مصر ودول الخليج خاصة والعالم العربي والإسلامي عامة، إن أحد أهداف الفوضى الخلاقة التى ضيعت العراق وسوريا تدمير الجيش المصري، وتقسيم مصر باعتبارها على رأس القوى العربية المؤثرة، وحرمانها من امتلاك قوة ردع ودفاع قوية تحفظ وجودها، وتصون استقلالها. الشعب المصري أدرك في فترة حكم المعزول أن مصر خطفت على يد جماعة إرهابية فاشية، عملت على اهدار القانون وإشاعة الفوضى والبلطجة، وأدرك المصريون أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، وأن مسؤوليته مع الدولة إنهاء هذا الوضع المزري، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه النيل من هذا الوطن، ولا سيما مأجوري المعزول، وأتباعهم والمستفيدين من الوضع الحالي، الأمن بات مطلبا ملحاً، والناس كاد صبرها أن ينفد، مع ذلك هم صامدون رغم صعوبات الحياة لأنهم على يقين أن الخير قادم لا محالة، بعضهم يبحثون على مضض عن فرص خارج حدود الوطن أملا في حياة كريمة باتت صعبة المنال في وطنهم.

الشعب يريد أن تنجز ثورة 30 يونيو 2013 أهدافها من دون الدخول فى صراع مع المخطوفين ذهنيا الذين يتلاشون شيئا فشيئا، يريد الشعب طفرة في الاقتصاد والتعليم والصحة، لن تتحقق هذه الطفرة إلا بعودة الأمن بشكل كامل، أما المتأمرون والمغيبون فالحكومة وأجهزة الدولة معنية بالتعامل معهم بالقانون، بعد أن منحتهم الفرصة لمراجعة النفس، والعودة إلى جادة الصواب، إن الغفلة وترك هؤلاء يدمرون ويخربون، شيء لا يمكن السكوت عليه، لأنه يفتح الباب على مصراعيه لمخاطر الفوضى، وينقل المجتمع الإنساني إلى غابة يكون البقاء فيها للأقوى، وهنا تختفى معايير العدالة والتعايش، وتنعش الجريمة ويغيب العقاب، بغياب سلطة القانون، في هذه اللحظة تسقط الحدود، ويتحول الإنسان لوحش كاسر، يسفك الدماء، ويقتل، ويدمر، لتسود الكراهية، ويأخذ كل شخص حقه بيده، فتتولد الاحقاد والرغبة فى الثأر والانتقام، ومعايشة الموت والدمار.

وما من شك أن واحدا من أهم أهداف ثورة يونيو 30 يونيو، هو وضع مصر على الطريق الصحيح، واولى الخطوات تحققت مع كتابة الدستور الجديد، من يقرأ مواد هذا الدستور يدرك أنه إنجاز رائع، ويمكن لأي مصري يعرف القراءة والكتابة أن يلحظ الفرق بين دستور مصر 2013، ودستور الإخوان بمفارنة ما جاء في هذا وذاك، لقد عزز دستور 2013 حقوق المواطنة دون تمييز او تهميش، وأكد على حق المصري في الرعاية الصحية والتعليم، ونص على التزام الدولة بتخصيص نسب من الانفاق الحكومي من الناتج القومي الاجمالي تتفق مع المعدلات العالمية، وان تكفل الدولة حرية البحث العلمي وبناء اقتصاد المعرفة والقضاء على الامية الهجائية والرقمية، وتوفير المسكن الملائم للمواطنين وتنمية المناطق الحدودية والمحرومة ومنها الصعيد ومطروح وسيناء، ووضع مشروعات تعيد سكان النوبة لمناطقهم الاصلية، وحماية حقوق المسنين والاطفال وذوي الإعاقة، وكفل حرية الراي والتعبير، دستور يليق بمصر وشعبها، وسيمهد ذلك إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، نحن في وقت يحتم علينا التقاط الأنفاس لنبدأ معا معركة التنمية في مساراتها المختلفة وبناء مصىر الجديدة بعد انتشالها من الضياع.

إعلامي مصري